هذا الاسم الذي اشتهر ذات تجربة إرساء بنية للإرهاب في لبنان، أو لنقل ذات محاولة صنع بيئة حاضنة للإرهابيين، والذي شكّل واجهة تستّر خلفها كثرٌ، معلومين ومجهولين، حتى الان، شكّل حالة فاجرة ووقحة تعبّر عن كثير مما يقوله بعض الساسة الاذاريين بشكل أقل حدة، أو لنسمّه أكثر ديبلوماسية. 

اشتهر الاسير بصبيانية استعراضاته التي تكفّل بعض الإعلام بتغطيتها وكأنها دعاية مدفوعة، ولا سيما خلال اعتصامه الشهير مع عصابته في صيدا، فهو، "متسترا" بصفة شيخ، مارس مختلف أنواع التحريض المباشر ضد المقاومة والجيش اللبناني، في إطار تحضيراته لمهاجمة الجيش في عبرا.

حكمت المحكمة اليوم بإعدام الأسير، وتلا الحكم ردود فعل مختلفة تراوحت بين الاطمئنان لمجرى العدالة وبين "نواح" نسائه وصبيانه، وعتب زوجته المبطن على من خذل زوجها، كذلك ظهرت فئة وجدت في الحكم مناسبة لإثبات الوجود فاستصرخت الضمير "الإنساني" لإلغاء عقوبة الإعدام. ردود الفعل هذه، اتخذت أشكالا عديدة ولا سيما على وسائل التواصل الاجتماعي، الا انها بشكل عام بغالبيتها أبدت الفرح بالحكم، فالرجل، اي الأسير، كان وقحا في ارهابه إلى الحد الذي جعل حتى بعض المؤيدين له يتنصلون من الدفاع عنه. وربما، للسبب عينه، بالإضافة إلى فشله الذريع في تحقيق أي خطوة مما كلِّف به، بدا الأسير اليوم يتيما في السياسة، بعد أن تخلى عنه مشغله، أو مشغلته، ووقف يتفرج، أو وقفت تتفرج، بعيدا عن الحدث،  على الأداة وهي في طور الانتقال إلى التلف. وربما، تمنى، أو تمنت، أن يتم تنفيذ حكم الإعدام قبل أن يكشف المزيد عمن وظفه وزرعه في أرض تقاوم عسى ينمو ويزهر بيئةً تعادي المقاومة.

اما بالنسبة للقلوب التي احترقت في أحداث عبرا، وللعيون التي شهدت كيف كان الأسير وجماعته يتباهون بقتل جنود الجيش اللبناني، فقد شكل هذا الحكم بارقة امل بأن يدفع القاتل ثمن جريمته، وان يكون عبرة للأدوات الجدد بأن لا بد للعدالة أن تأخذ مجراها ولو بعد حين، وان من يشغّل الإرهابيين بدون أن يرف له جفن، يتخلى عنهم أيضا بدون أن يرف له جفن. عسى يفكرون، ولو قليلا، بأن يتراجعوا عن تحويل أنفسهم إلى أدوات قتل وتحريض وإرهاب، يديرها عقل مجرم هنا، أو "ست" امتهنت تصنيع الجند للارهاب.

بقي أن يتم تنفيذ الحكم كي تكتمل العبرة، وكي تكون الرسالة قد وصلت، وان يستكمل القضاء مسيرة محاربة الإرهاب بمعاقبة كل مرتكب موقوف، وملاحقة كل إرهابي، بالفعل أو بالسياسة، وإرساء قاعدة أن لا تمييز بين إرهابي واخر، ولا مفاضلة بين إرهابي ابن عائلة "سياسية" واخر كان الفقر والجهل أهم دوافعه للانخراط في العمل الإرهابي، ولا تفريق بين من يمارس القتل بساطور أو مسدس، وبين من يحرّض ويجهّز ويدعم ويغطي ويكافئ أو حتى يرسل سيارته الخاصة لنقل إرهابي إلى تخلية السبيل، أو يرافق إرهابيا آخر على متن طائرة خاصة ويسلمه سالما إلى ذويه.

لطالما دخلت السياسة إلى موازين العدل في لبنان، فعفت، ضمن تسويات ما، عن مجرم قاتل محكوم، وربما ماطلت في تبرئة متهم لم تثبت إدانته الا بتضافر حكايات متشابكة وغير مقنعة، لكننا نبقى على قيد الثقة بالقضاء والاحتكام إليه، بالقرار الذي صدر اليوم، والذي نتمنى أن يدخل حيّز التنفيذ اليوم قبل الغد  والذي هو خطوة في مشوار العدالة الذي لا ينتهي إلا بمعاقبة كل إرهابي، سواء مارس إرهابه بالسلاح، أم بالكلام، ام حتى بالتبرير للإرهابيين والدفاع عنهم.

هو يوم تاريخي، فالحكم الذي صدر ليس مجرد حكم وورق وإجراءات. هو رسالة سيتلقفها الإرهابيون ومشغلوهم، أو مشغلاتهم، وستعرض معايير جديدة وحسابات جديدة قبل القيام بأي خطوة أو مساعٍ لصناعة "شيخ أسير" اخر.
 

المصدر: خاص شاهد نيوز

المقالات الواردة في الموقع تعبر عن آراء أصحابها ولا تعبر عن رأي إدارة الموقع