رصدت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم في بيروت التطورات على مستوى السياسية الداخلية لا سيّما ملف سلسلة الرتب والرواتب والتمويل اضافة الى قطع الحساب. كما كان هناك متابعة للقاءات التي تحصل بين الاطراف السياسية. ورصدت الصحف التطورات السياسية في الاقليم.
الجمهورية
مانشيت:الحريري بعد عون وبرّي: الإنتخابات في موعِدها
على رغم المناخات الهادئة التي تحرص المراجع المسؤولة والأوساط السياسية المختلفة على إشاعتها بعدما شابَ الأجواءَ السياسية في الأيام الأخيرة من التباسات وتباينات، يُنتظر أن تشكّل جلسة مجلس الوزراء في ما ستشهده من نقاش في بعض الملفّات الخلافية مؤشّراً إلى مدى جدّية هذه المناخات واستمرارها. وقد سادت مخاوفُ من تجدّدِ الخلافات بين الأطراف السياسية في ضوء إعادة استحضار بعض الملفّات الخلافية إلى مجلس الوزراء كانت أرجِئت بل صُرفَ النظر عنها في جلسات سابقة لتجنّبِ الصدام في شأنها، وأبرزُها ملفّ البطاقة الممغنطة الذي يكلّف 133 مليون دولار وملفّ وزارة الاتّصالات الذي يكلّف 225 مليار ليرة، فضلاً عن النفقات الخاصة بهيئة الإشراف على الانتخابات، إلى ملفّات أخرى ليس أقلّها ملفّ النزوح السوري والذي استبعَدت مصادر مواكبة أن يُطرح في جلسة اليوم، مشيرةً إلى أنّ ملفّاً بهذا الحجم يجب أن يُطرح في جلسة خاصة تُعقد برئاسة رئيس الجمهورية نظراً لأهمّيته. وذهبَت المصادر إلى التأكيد أنّ الملفّات الخلافية القائمة باتت تشكّل عناوينَ لخلافاتٍ سياسية بدأت تعصفُ بين بعض التيارات والقوى السياسية وتتجاوز الموقفَ من الوضع الداخلي إلى الموقف من التطوّرات التي يشهدها الإقليم.
في تطوّرات ملفّ سلسلة الرتب والرواتب والسلّة الضريبية المتوقّفة منذ قرار المجلس الدستوري بردّ قانون الضرائب، أشارت المعلومات إلى أنّ التفاهم السياسي المنجَز سيتمّ تنفيذه. وهذا يعني أنّ التعديلات على قوانين الضرائب التي سيناقشها المجلس النيابي في جلسته الاثنين المقبل، سيتمّ إقرارُها كما هي.
وبدا واضحاً من مواقف «الهيئات الاقتصادية» التي زار وفدٌ منها رئيسَ الجمهورية العماد ميشال عون أمس، أنّ الضرائب، بما فيها التي تحتوي على ازدواج ضريبي ستمرّ على الأقلّ في ما تبقّى من السنة الجارية.
وقد حصَلت الهيئات على وعدٍ بتعديلات وإصلاحات ضريبية في موازنة 2018. وأعلن عون أمام وفدِ الهيئات، أن «لا عودة عن الإجراءات التي تضبط الواردات والنفقات ومتابعة مكافحة الفساد التي لها تأثيرُها المباشر على الإصلاح المنشود».
وكشفَ «أنّ الدولة في صددِ إنجاز خطة اقتصادية تعطي إلى قطاعات الإنتاج دوراً مهمّاً بعدما تمَّ تغييب هذه القطاعات خلال الأعوام الماضية، ما انعكسَ سلباً على الانتظام العام في البلاد».
في سياق متّصل، أبلغَ الاتّحاد العمّالي العام إلى رئيس الحكومة سعد الحريري رفضَه كلَّ أشكالِ الضرائب التي تُطاول الفئات الفقيرة والمتوسّطة. وشدّد رئيس الاتّحاد بشارة الأسمر من السراي الحكومي على «مبدأ الحوار لتصحيح الأجور في القطاع الخاص ودعوة لجنة المؤشّر وتسمية الممثّلين للبدء في حوار جدّي» لإنتاج هذا التصحيح.
الوفاق السياسي مستمرّ
توازياً، وعشيّة انعقاد جلسة مجلس الوزراء في السراي الحكومي اليوم، قالت مصادر وزارية لـ«الجمهورية»: «إنّ الوفاق السياسي في البلد «ماشي وما انتهى»، فهذا الوفاق الذي أنتجَ انتخابَ رئيس جمهورية وتشكيلَ حكومة، لا يزال مستمرّا».
وإذ استبعدت «حصول أيّ خضّة في الحكومة»، قالت : «لو كانت ستحصل خضّة لكانت حصلت عند مناقشةِ سلسلةِ الرتب والرواتب والموازنة وقطعِ الحساب، فمجرّد سيرِ هذا الملف وبلوغه خواتيمَه معناه أنّ هناك وفاقاً سياسياً جَعله يُقلّع».
وأكّدت المصادر أنّ «ما يحمي هذا الوفاق ويدفعه إلى الاستمرار هو شعور جميع القوى السياسية بأنّ أيّ اهتزاز سياسي في البلد ستكون له تداعيات على كلّ المستويات، بدءاً من المستوى الاقتصادي. ولذلك لا مصلحة لأحد في حصول أيّ هزّةٍ للاستقرار السياسي لا في لبنان ولا في الإقليم. فلا خيار غير استمرار الوفاق السياسي».
بعبدا ـ عين التينة
وحتى إنّ ارتدادات الانتكاسة الأخيرة التي أصابت علاقة الرؤساء الثلاثة على خلفية قرار المجلس الدستوري إبطالَ قانون الضرائب جرى احتواؤها سريعاً جداً. وأكّدت مصادر عملت على تبديد سوءِ التفاهم الذي نشَأ بين بعبدا وعين التينة، أنّ العلاقة بين عون وبري باتت أكثرَ مِن ممتازة، بعد توضيحِ كلّ النقاط والاتفاق على التواصل المباشر في الملفّات الخلافية». وتحدّثَت هذه المصادر عن تبادلِ رسائل إيجابية بين الرئاستين الأولى والثانية والاتّفاق على التنسيق المباشر حول كلّ النقاط العالقة».
الملفّ الانتخابي
وفي حين يَحضر ملفّ الانتخابات النيابية مجدّداً على طاولة مجلس الوزراء اليوم من بابِ طلبِ وزارة الداخلية والبلديات تأمينَ اعتماد لزوم تعويضات لهيئة الإشراف على الانتخابات وجهازها الإداري وإيجاد مقرّها وتجهيزه ورواتب الجهاز الإداري والفني، أكّدت مصادر رئيس الحكومة سعد الحريري لـ«الجمهورية» أن «لا نيّة عند أحدٍ في التمديد للمجلس النيابي الحالي»، وشدّدت على «أنّ الانتخابات النيابية ستجري في موعدها في أيار المقبل».
وتَقاطَع موقف الحريري هذا، وتأكيده حتمية إجراء الانتخابات في موعدها الدستوري، مع موقف رئيس الجمهورية الذي طمأنَ البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي أمس الأوّل، الى أنّ الانتخابات النيابية ستجري في شهر أيار المقبل «مهما كانت الظروف».
كذلك تقاطعَ الحريري مع موقف كلّ من رئيس مجلس النواب المصِرّ على إجراء الانتخابات النيابية في موعدها واحترام المهَلِ القانونية، والأمين العام لـ»حزب الله» السيّد نصر الله الذي سيطلّ مجدّداً من بلدة العين البقاعية بعد غدٍ الأحد في أسبوع الشهيدين علي العاشق ومحمد ناصر الدين، الذي كان ضمّ صوتَه إلى صوت رئيس مجلس النواب مشدّداً على وجوب أن تُجرى الانتخابات في موعدها وعلى أساس القانون الجديد الذي أقِرّ.
البطاقة الممغنطة
وفي مجالٍ آخر، عُلم أنّ مجلس الوزراء سيَبتّ اليوم بتخصيص مبلغ 133 مليون دولار للبطاقة الممغنطة الخاصة بالانتخابات النيابية المقبلة والتي كانت ستُعتمد في صفقةٍ عقِدت مع شركة فرنسية لتصنيعِها بالتراضي، على رغمِ التوافق على تأجيل اعتمادها في هذه الانتخابات، وهو ما أثارَ استغراباً حول وجود هذا البند في جدول أعمال الجلسة مقابل المبالغ المخصّصة لمقرّ هيئة الإشراف على الانتخابات وفريق عملِها ومخصّصات أعضائها.
وعلمت «الجمهورية» أنّ أعضاء الهيئة مدعوّون إلى قسَمِ اليمين مطلعَ الأسبوع المقبل أمام رئيس الجمهورية قبل توَلّيهم مهمّاتهم رسمياً.
مشروع إشكال جديد
وفي مجلس الوزراء اليوم كذلك مشروع إشكال جديد بين تيار «المستقبل» ومعارضيه من وزراء «التيار الوطني الحر» وآخرين حول تخصيص مبالغ كبيرة لوزارة الاتصالات من خارج الموازنة العامة التي يطالب بها وزير الاتّصالات جمال الجرّاح.
وقد فوجئ بعضُ الوزراء بإدراج القضية على جدول أعمال اليوم بتخصيص مبلغ 225 مليار ليرة لبنانية بعدما تمَّ رفضُها في وقتٍ سابق والتوافق على تأجيلها إلى حين البتّ بالموازنة العامة.
وقالت مصادر وزارية لـ«الجمهورية»: «إنّ إعادة طرحِ البند والإصرار على إمراره مجدّداً يعود إلى شطبِ رئيسِ لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان هذه المبالغَ من الموازنة الجديدة، ما اضطرّ وزير الاتصالات إلى المطالبة بإدراجه مرّةً أخرى، وهو ما يوحي بالاستعداد لمواجهةٍ جديدة مع وزراء «التيار الوطني الحر» ومَن سانَدهم مِن وزراء في الجلسة التي أرجئ فيها البتّ بهذا الموضوع في مطلع تمّوز الماضي».
«القوات»
إلى ذلك، كشفَت مصادر «القوات اللبنانية» لـ«الجمهورية» أنّها ستؤكّد خلال الجلسة التشريعية الاثنين المقبل موقفَها «الرافض إمرارَ قطعِ الحسابِ والموازنة من دون تعليق المادة 87 من الدستور، لأنّ خلاف ذلك يشكّل مخالفةً دستورية فاضحة».
ومن جهة ثانية اعتبَرت مصادر «القوات»: «أنّ لبنان لم يعُد يستطيع تحمّلَ أعباءِ النزوح السوري، وأنّ المطلوب إخراجُ هذا الملف من التجاذب السياسي المفتعَل لغايات سياسية مكشوفة هدفُها التطبيع مع النظام السوري والعملُ على وضعِ حلولٍ عملية وفورية يجب أن تكون على مستويَين:
الأوّل عودة فورية للنازحين الموالين للنظام السوري من دون الحاجة إلى أيّ تنسيق يتجاوز التقني، في اعتبار أنّ هؤلاء يدخلون إلى سوريا ويعودون منها دورياً، وبالتالي المطلوب عدمُ عودتهم إلى لبنان.
والمستوى الثاني أن يدعو رئيس الجمهورية ووزير الخارجية جبران باسيل سفراءَ الدول الخمس الكبرى إلى اجتماع للبحث معهم في أن تساعد دولُهم على تأمين عودة النازحين المعارضين عن طريق بيروت ـ تركيا وصولاً إلى الشمال السوري، وعن طريق بيروت ـ الأردن وصولاً إلى الجنوب السوري».
بدءُ المحاكمات في «عرسال»
إنطلقَت أمس المحاكمات في ملفّ «أحداث عرسال»، والتي أدّت إلى أسرِ واستشهاد عددٍ من العسكريين. بعدما تمَّت تجزئةُ الملفّ إلى 8 ملفّات، نظراً إلى أنّه يضمّ 111 متّهماً بينهم 76 موقوفاً، وذلك بحسب الأفعال المسنَدة إلى المتّهمين وحجم أدوارهم. إفتتح رئيسُ المحكمة العسكرية الدائمة العميد حسين عبدالله الجلسة قرابة الساعة 12 ظهراً، واستمرّت حتى العصر. أكثر من 25 جلسة كانت على جدول أعمال المحكمة، حاوَل معظم المتّهمين إنكارَ اعترافاتهم الأوّلية، فنصَحهم عبدالله بـ«أنّ الإنكار لا يَخدمهم».
وأبرزُ الذين تمّ استجوابهم: عبدالله يحيى رحمة الملقّب بـ«الكوبرا»، وهو مسؤول لوجستي في داعش، وخالد أحمد قرقوز ولقبُه «الزميل»، وهو المسؤول الأمني والإعلامي في داعش، ولكلٍّ منهما دورٌ مؤثّر في خطفِ العسكريين وقتلِهم.
اللواء
تصفية حساب مع قضاة المحكمة الدولية.. والدستوري الهدف المُقبل
الهيئات تنقل إلى بعبدا نقطة الخلاف مع خليل.. وإعداد ملف لبنان المالي إلى اجتماعات واشنطن
يعقد مجلس الوزراء جلسته قبل ظهر اليوم في السراي الكبير لبت جدول أعمال عادي وروتيني من 63 بنداً، مع إمكانية التطرق إلى قضية الكهرباء، وآلية تنفيذ قانون الإضراب، إذا ما اقرّ في الجلسة النيابية الأثنين المقبل.
وتمضي الحركة الحكومية – النيابية على وقع تزايد الاستياء من التشكيلات القضائية التي أقصت على نحو مفاجئ عن التشكيلات قضاة المحكمة الدولية: شكري صادر، وصقر صقر والياس عيد وسط تربُّص الطبقة السياسية بالمجلس الدستوري بعد ردّ قانون الضرائب.
وفي هذا الإطار، وفي وقت تتزايد التكهنات بأن أسهم القاضي المحال إلى التقاعد طنوس مشلب، تتزايد لمصلحة انتخابه رئيساً للمجلس الدستوري، خلفاً للدكتور عصام سليمان الذي نقل عنه انه ماضٍ بممارسة مهامه مع سائر الأعضاء حتى آخر لحظة، وانه عندما يعين مجلس جديد، فإنه سيعقد مؤتمراً صحافياً لاعلان الإنجازات وتقديم جردة حساب بميزانية المجلس، ليكون درساً لكل من يتعاطى بالمال العام.
والمعروف ان المجلس الدستوري يمارس مهامه على الرغم من انتهاء مُـدّة ولايته منذ عامين ونصف، بعد ان كان المجلس عيّن في 5/6/2009 برئاسة الدكتور سليمان.
يُشار إلى ان وزير العدل سليم جريصاتي وقع أمس مشروع مرسوم التشكيلات القضائية، كما احيل إليه من مجلس القضاء الأعلى، واحاله إلى رئاسة مجلس الوزراء لتوقيعه من قبل الرئيس الحريري ووزيري الدفاع يعقوب الصرّاف والمال، ومن ثم يحال إلى رئيس الجمهورية كي يوقعه الرئيس عون، والذي قالت اوساطه ان المرسوم سيكون قريباً جداً في بعبدا.
وفي إطار متصل، ادرجت زيارة الرئيس تمام سلام إلى الرئيس سعد الحريري بأنها للوقوف إلى جانبه، وهو الذي يبذل جهداً لا يتوقف لإيجاد «الحلول والمخارج لكثير من القضايا التي تراكمت وانتجت الكثير من الخلل والتعقيد في أمور عديدة تهم المواطن والبلد».
وتابع: «ومع ذلك اقول انني اليوم، وكما كنت دائماً إلى جانب الرئيس سعد الحريري، وإلى جانب كل ما يتحمل ويخوض من مواجهات من موقع المسؤول الذي لا يتهرب ولا يستضعف، يحمل المعاناة ويرضى بها، وهذا خيار يعلم الجميع انه لم يكن سهلاً.
الهيئات الاقتصادية
وسط ذلك، واصلت الهيئات الاقتصادية تحركها في اتجاه أركان الدولة والمسؤولين، عشية الجلسة التشريعية المقررة الاثنين المقبل لبحث وإقرار مشاريع القوانين المتعلقة بسلسلة الرتب والرواتب المحالة من الحكومة إلى المجلس، فزار وفد منها أمس، الرئيس ميشال عون في بعبدا، بعد ان كان التقي هذا الوفد، الرئيس الحريري ومن ثم وزير المال علي حسن خليل.
وأفادت معلومات رسمية ان الوفد الذي كان برئاسة رئيس غرفة بيروت للتجارة والصناعة والزراعة محمّد شقير، عرض علىالرئيس عون ملاحظات الهيئات على مشروع القانون الضرائبي الجديد المرسل من الحكومة، ولا سيما مسألة الازدواج الضريبي، وانعكاساته السلبية على الوضع الاقتصادي العام.
وبحسب المعلومات نفسها، فقد شدّد الرئيس عون امام الوفد ان «لا عودة عن الإجراءات التي تضبط الواردات والنفقات، ومتابعة مكافحة الفساد التي لها تأثيرها المباشر على الاصلاح المنشود»، ولفت إلى ان «الدولة في صدد إنجاز خطة اقتصادية تعطي لقطاعات الإنتاج دوراً مهماً بعدما تمّ تغييب هذه القطاعات خلال الأعوام الماضية ما انعكس سلباً على الانتظام العام في البلاد». وهو كان شدّد علىان التشاور ضروري بين المسؤولين في الدولة ورجال الاقتصاد والمال للوصول إلى قواسم مشتركة في معالجة الشأن الاقتصادي، معتبراً ان الحوار الاقتصادي الذي كان دعا إليه قبل مُـدّة في قصر بعبدا سوف يتكرر كلما دعت الحاجة إليه.
اما شقير فقد اعتبر بعد الاجتماع ان اللقاء كان «اكثر من ممتاز»، وأشار إلى ان وفد الهيئات تمكن من إحراز تقدّم مع وزير المال حول مجمل نقاط البحث، وبقيت نقطة عالقة تتعلق بالازدواج الضريبي، وقال ان الوفد وضع هذا الأمر في عهدة رئيس الجمهورية، وتمنينا عليه مراجعة هذا الموضوع وطالبناه بإلغائها في حال كانت موجودة، اما إذا تبين انها غير موجودة فإننا كفطاعات مصرفية ومالية وتجارية سنقوم بدفعها بابتسامة».
تزامناً، زار وفد من الاتحاد العمالي العام برئاسة بشارة الأسمر السراي الكبير عارضاً المستجدات على خط السلسلة، رافضاً كل اشكال الضرائب التي تطال الفئات الفقيرة والمتوسطة، مشيراً إلى ان الرئيس الحريري أكّد له ان لا وجود لما تردّد عن رفع الضريبة على القيمة المضافة T.V.A إلى 12 في المائة، بحسب ما اقترحت الهيئات الاقتصادية.
وأمل الأسمر ان ينتج الحوار مع الحكومة ومجلس النواب الأسبوع المقبل بداية حلحلة بالنسبة إلى مشروع قانون الضرائب لينجز وتدفع الرواتب حسب الجداول الجديدة.
ومن جهتها، حذّرت رابطة معلمي التعليم الأساسي من أي خطوة تؤدي إلى تجميد مفاعيل القانون 46/2017، ملوحة بمواجهة هذا الأمر بشل كل مؤسسات الدولة وتعطيل مرافقها ومرافئها ووقف مداخيلها المالية.
اما على صعيد مشروع الموازنة الـ2017 والذي ستتأخر مناقشته واقراره في المجلس، إلى ما بعد إقرار القوانين الضريبية المتعلقة بالسلسلة، فقد عقد رئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان مؤتمرا صحفياً في المجلس، اضاء فيه على بعض جوانب التقرير النهائي للجنة والذي سبق ان رفعه للرئيس برّي، مشيرا إلى ان الوفر الذي توصلت إليه هو بقيمة 1004 مليار ليرة، وهو وفر حقيقي وليس وهمياً، وهو سيصبح نهائيا بعد اقراره في الهيئة العامة، متسائلاً: هل تجرؤ على هذه الخطوة الإصلاحية؟
وإذ أشار الى ان الحل العملي الذي يؤمن الحقوق ويحافظ على مالية الدولة ويضبط الهدر، والانفاق هو بالعمل الرقابي البرلماني الجدي على الموازنة، جزم كنعان بعدم الموافقة على حسابات مالية غير سليمة وموقعة رافضا التوقيع على أي تسوية مالية، لكنه أقرّ بوجود تسوية بخصوص قطع الحساب، عندما لفت إلى ان رئيس الجمهورية اتخذ قرارا استثنائياً وجريئاً يؤمن ممرا آمنا للموازنة، من دون ان يتضمن ابراء ذمة الحكومة والإدارات المتعاقبة».
إلى ذلك، توقعت مصادر نيابية ان يتأخر عقد الجلسة التشريعية الخاصة بالموازنة إلى النصف الثاني من الشهر الحالي، بالنظر لانشغال المجلس بإقرار المشاريع الحكومية بخصوص السلسلة، وربما ايضا بجدول أعماله المؤجل من آخر جلسة تشريعية، إضافة إلى ان وزير المال علي حسن خليل سيكون ما بين 11 و15 تشرين الحالي في واشنطن لحضور الاجتماعات التي ستعقد مع البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، وسيشارك في هذه الاجتماعات ايضا وزير الاقتصاد رائد خوري وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة.
وكان الرئيس الحريري اجتمع في السراي أمس بالمسؤولين الثلاثة الذين سيتوجهون إلى العاصمة الأميركية الأسبوع المقبل، وخصص الاجتماع للتنسيق بين مختلف الإدارات والوزارات المعنية بما يمكن ان يتوف من مساعدات من صندوق النقد والبنك الدولي للبنان.
«القوات»: ردّ على الجميل واعتراض إلى بعبدا
سياسياً، تفاعلت مسألة استبعاد «القوات اللبنانية» عن التشكيلات القضائية التي توزعت بين التيارات المكونة للحكومة، واقتصرت الحصة المسيحية على تسمية التيار الوطني الحر، الأمر الذي فاقم من نقاط التباعد بين طرفي تفاهم معراب «القوات» و«التيار الوطني الحر».
وهو الأمر الذي حمله وزير الإعلام ملحم رياشي إلى بعبدا، حيث التقى الرئيس عون، وتداول معه في ملف تعيينات تلفزيون لبنان، وتراكم الملفات الخلافية من الكهرباء، إلى البطاقة البيومترية، والمناقصات، وقطع الحساب والتسجيل المسبق للناخبين وصولاً إلى ملف مشاريع رياشي الإعلامية.
وعلم ان الرئيس عون وعد بالتدخل للافراج عن تعيين مجلس إدارة جديد لتلفزيون لبنان، مع العلم ان التيار الوطني الحر لم يقدم للوزير الرياشي اسم مرشحه.
اما الكلام عن تعيينات إدارية جديدة فإن مصادر وزارية تستبعدها في الوقت الراهن.
اما بالنسبة للمواقف التي أطلقها رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل حول العلاقة مع «القوات»، وادائها السياسي، فقد صدر ردّ من الدائرة الإعلامية في حزب «القوات» وصف بالعنيف، إذ اتهم الرد النائب الجميل بأنه لم يُشارك في الحكومة الحالية بسبب عدم اعطائه حقيبة الصناعة، رافضا ان يكون ما يجمع «التيار الوطني الحر» و«القوات» «مجموعة مصالح» كما جاء على لسان الجميل في مقابلته التلفزيونية مع M.T.V مساء الأربعاء الماضي.
وقال حزب «القوات» في رده انه من المعيب ان يغمز الجميل من قناة «القوات» بمواضيع السيادة والاستقلال وقيام الدولة، وهي التي دفعت أعلى الأثمان في سبيل تحقيقها.
الاخبار
إبتسم… أنت مراقَب!2050 كاميرا تحصي على سكان العاصمة أنفاسهم
ابتسم… أنت مراقب. لا، لا تبتسم. أنت مراقب، لكن لا ضمانة بأن تبقى مراقبتك في إطار حمايتك، طالما أن لا هيئة قانونية مسؤولة عن حفظ سريّة معلوماتك الشخصية والاقتصادية والسياسية. قبل أيام، أنهت بلدية بيروت تركيب 2050 كاميرا في العاصمة تشرف عليها قوى الأمن الداخلي. المشروع لم يمرّ على مجلس الوزراء، وتيار المستقبل فرضه على القانون اللبناني واللبنانيين. لكن قُضي الأمر، وباتت الكاميرات أمراً واقعاً. فهل تأتي «الهيئة الوطنية لضمان الحريات الشخصية» متأخرة؟ أم يبقى الأمن فوق القانون، لتزداد «بوليسيّة النظام» وتتقلّص الدولة لصالح دويلات الطوائف والبلديات؟
فراس الشوفي
الهواء بين الأبنية الرمادية في بيروت، يقبض على «نفس» المدينة وسكّانها. ومثل «صيصان» المزارع، تتوالد السيارات وتضيق الشوارع بسكّانها وزوّارها. حتى الصوت، صار ملوّثاً أثقل من أزيز الحروب في المدن المجاورة. ومع هذا، لم يكن ينقص بيروت، سوى «كاميرات البلدية» ليكتمل الحصار.
الكاميرات الذكيّة في المدن العالمية تتكاثر كالحمّى. «عَسَس» إلكتروني جديد يجتاح الكوكب، يراقب حتّى العادات الشخصيّة للأفراد، كم يأكلون وبأي الأصابع يحكّون أجسامهم، وكم يحرقون من سجائر… لكن لا ينجح في وقف الإرهاب والجريمة، على أنواعها.
وهذا الجدال، بين الأمن والحريّة، يأخذ مداه في أوروبا وأميركا منذ الثمانينيات من دون توقّف، ولن يُحسم الآن طبعاً، حتى في عصر الانتحاريين والسيارات المفخخة والطعن العشوائي والدهس بالشاحنات والسّيارات.
بعد اغتيال الوزير محمّد شطح في كانون الأول 2013 بيوم واحد، قرّر «أحدٌ ما» في العاصمة اللبنانية، أن يخيّر اللبنانيين بين «الأمن» والحريّة الشخصية، أو أن يصير «الأمن» رقيباً جديداً على حياة سكّان بيروت، في الأمن والسياسة والتجارة والحياة اليومية. وهذا «الأحد» ليس الحكومة طبعاً، ولا حتى وزارة الداخلية بشكل رسمي. إنّها بلدية «الرّيس» بلال حمد، سابقاً، بالتعاون مع قوى الأمن الداخلي… أو العكس، وبغطاء من تيّار المستقبل، الذي فشل في انتزاع موافقة الحكومة على المشروع ثلاث مرات، في 2007 و2009 و2011. لكن لم تكد تبدأ «الهدنة» السياسية بعد انتخاب الرئيس ميشال عون، التي تبعها إخراج عبد المنعم يوسف من إدارة «أوجيرو»، حتى فُرض المشروع أمراً واقعاً في بيروت. وجرى استغلال أجواء التهدئة التي ألزمت فرقاء في الحكومة، تحديداً حزب الله، مراعاة التسوية الجديدة، لتركيب الكاميرات رغماً عن أنف القوانين والخلاف السياسي حولها.
في منتصف 2014، تم تلزيم شركة «غوارديا سيستمز» بمدّ شبكة من الكاميرات المعقّدة في نطاق بلدية بيروت، تصبّ صورها ومعطياتها في غُرْفَتَي تحكّم أنشئتا للغاية من ضمن المشروع، بإشراف شرطة بيروت في قوى الأمن الداخلي. وبلغت كلفة المشروع مع ضريبة القيمة المضافة 36 مليوناً و300 ألف دولار أميركي.
وقبل نحو أسبوعين، صدر عن شعبة العلاقات العامة في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، بلاغ يشير إلى أنه تمّ «تركيب كاميرات مراقبة في مختلف الشوارع العامة في مدينة بيروت»، وأنها «ستقوم بتصوير السيارات المخالفة وتنظيم محاضر ضبط بحقها» بهدف تطبيق قانون السير الجديد.
على أهميّة تطبيق قوانين السّير في بلد تبلغ فيه معدّلات ضحايا حوادث السير أرقاماً مخيفة، إلّا أن «كاميرات بيروت» تتخطّى ضبط مخالفات السير ومكافحة الجريمة، إلى «ضبط المدينة» وسكّانها بما يهدّد الحريات الشخصيّة للأفراد، والحريات السياسية وحركة الرؤساء والنواب والوزراء والسياسيين في العاصمة، والحريات الاقتصادية في بلد السريّة المصرفية.
2050 كاميرا
تنقسم الكاميرات الجديدة في العاصمة إلى ثلاثة أنواع: الكاميرات الثابتة التي تملك زاوية رؤية محدّدة، كاميرات «PTZ» أو الكاميرات المتحرّكة، التي تملك مجال رؤية واسعاً وترصد الحركة بشكل دائري كامل، أي 360 درجة، وكاميرات «ANPR». ومهمة الأخيرة، التعرّف إلى لوحات السيارات مع نوعها ولونها، بمعزلٍ عن سرعة السيارة وزاوية حركتها. واختبار كفاءة الكاميرات الأخيرة، احتاج ما يزيد على ستّة أشهر من التجارب بسبب رداءة اللوحات اللبنانية بشكل عام. لكنّ معدّل النجاح، بحسب مدير شركة «غوارديا سيستمز» زياد منلا، «وصل حدّ 97%، فيما معدّل النجاح في العالم لهذا النوع لم يتخطّ الـ 85%». وتستطيع الكاميرات رصد 26 نوعاً من لوحات السير المستخدمة في لبنان، من بينها العمومية والخاصة والدبلوماسية واللوحات الأجنبية المألوفة في شوارع بيروت. وبلغ عدد الكاميرات المركّبة 1650 ثابتة، 200 متحرّكة و200 لتعقّب اللوحات. ويؤكّد منلا أيضاً، أن «الكاميرات جهزت خصيصاً لمدينة بيروت مع مراعاة الألوان السائدة في المدينة». وجرى تصميم عوارض للطرقات مخصصة لكل موقع بحسب ظروفه بتصميم يدوي.
تغطّي الكاميرات نطاق مدينة بيروت الإدارية، جنوباً حتى «بي. أش. في» والسمرلاند، شمالاً حتى «الفوروم دي بيروت»، غرباً حتى سوليدير، وشرقاً حتى شارع سامي الصلح.
مع بداية المشروع، كان طلب البلدية قائماً على اعتماد عدسات الكاميرات بقدرة 1 ميغا بايت. لكن مع التجربة، تبيّن أن هذه القدرة لا تكفي لرصد تفاصيل الشوارع، فجرى استبدالها بعدسات ذات قدرة 3 ميغا بايت. والآن، تستطيع الكاميرات التقاط أدقّ التفاصيل في الشوارع عن ارتفاع تسعة أمتار.
غرفتا تحكم
تتصّل الكاميرات ببعضها بعضاً وبأقرب «street cabinet» مخصصة لها، وهي عبارة عن غرف بيضاء يمكن لحظها على جوانب الشوارع. وهذه «الكابينات» موصولة بدورها عبر شبكة من الألياف الضوئية، تمّ تركيبها خصّيصاً ووصلها على شبكة الألياف الضوئية التابعة لـ«أوجيرو». إلّا أن جميع هذه المعطيات المجمّعة في الكابينات، تنتقل بشكل فوري إلى غُرفتي تحكّم. الأولى، وهي الرئيسية، مركزها ثكنة الحلو التابعة لقوى الأمن في مار الياس، والثانية في مبنى قديم تابع لبلدية بيروت في منطقة الكرنتينا. وتبلغ مساحة غرفة التحكّم الواحدة 700 متر مربّع، مجهّزة لاستيعاب 55 مشغّلاً بشرياً، خصّص لكل منهم مكتب مع شاشة كبيرة وهاتف، مع شاشة كبيرة يبلغ عرضها 7 أمتار وطولها مترين ونصف متر في كل غرفة. كذلك زوّدت الغرفتان، بـ«غرفة تحكّم لإدارة الكوارث» مخصّصة للقيادات الأمنية. وفي أسفل كلّ غرفة تحكّم، تقبع غرفة تجميع مركزية للبيانات بتقنية «ISYLON» الأميركية، التي تصلها صور وفيديوهات الكاميرات كاملة على مدار 24 ساعة في اليوم طوال أيام الأسبوع. وتستطيع «السيرفيرات» حفظ الفيديوهات على ضخامتها لمدّة ستة أشهر. عمل الغرفتين منفصلٌ عن بعضه، إلّا أنهما تستطيعان إدارة كامل الكاميرات في الوقت نفسه. أي أنه في حال تمّ قطع الاتصال بإحدى الغرفتين أو تعطيلها، يبقى باستطاعة الثانية السيطرة على كامل الكاميرات في المدينة.
كيف يعمل المشغّل البشري؟ تقوم الكاميرات برصد كل حركة المدينة، حركة السير والمشاة ومداخل الأبنية. ويمكن لكلّ مشغّل بشري، وهو من عناصر شرطة بيروت، أن يوجّه النظام لتنفيذ المهّمات المكلّف بها. مثلاً، يستطيع طلب لوحة سيارة معيّنة، فيقوم النّظام عندها بتعقّب حركة هذه السيارة أثناء تنقّلها وإبلاغ المشغّل عن إحداثياتها الجديدة. وكذلك الأمر بالنسبة إلى تحديد رصد لوحات معيّنة أو اللوحات غير المقروءة، فيقوم النظام بإبلاغ الغرفة فوراً في حال تعذّر قراءة لوحة معيّنة، ليقوم المشغّل البشري بعدها بإبلاغ الدوريات الأرضية للتحقق من الخلل.
هل يمكن للكاميرات رصد وجوه الأفراد والتعرّف إليها؟ حتى الآن، لم تدخل هذه التقنية في عمل كاميرات مشروع بيروت. إلّا أن النظام والبنية التحتيّة مهيّئة لتعديلات من هذا النوع، إذا تم تزويد النّظام بتقنيتي «TREND RECOGNITION» و«SHAPE RECOGNITION». ويستطيع النّظام الحالي أيضاً، استيعاب كاميرات جديدة، تصل حتى 30 ألف كاميرا.
من يضمن النظام «البوليسي»؟
هو إذاً نظام بوليسي، عنوانه مراقبة المدينة في سبيل مكافحة الجريمة وضبط ومراقبة حركة السّير. لكن من يضمن أن يبقى استعمال الكاميرات في هذا الإطار؟ من يضمن أن لا يستغلّ فريق سياسي ما، هو تيّار المستقبل، معطيات الكاميرات، في إطار صراعه السياسي مع الأطراف الأخرى؟ من يضمن أن لا تتمّ مراقبة القوى السياسية: من يلتقي من، من ينسّق مع من، من يزور السفارة الفلانية أو من يستقبل السفير الفلاني؟ ومن يضمن أن لا تتمّ مراقبة رجال الأعمال ومجالس إدارات المصارف وتتبّع حركة هؤلاء لرصد أعمالهم ولقاءاتهم؟ من يضمن أن لا تخترق إسرائيل أو أي جهة معادية نظام المراقبة الشامل هذا، أو أحد الأفراد العاملين فيه، والحصول على معلومات قيّمة عن حركة العاصمة وسكّانها؟ أو أن لا تتحوّل هذه الأداة إلى وسيلة لمراقبة أفراد أو سيارات معينة، في إطار الصراع في البلاد؟
أكثر من ذلك، ما هو الضامن لحقوق الأفراد وما هي منظومة حماية حياتهم الشخصية، ومحطّ ثقتهم بأن أحداً لا يراقب مع من يسهرون أو من يستقبلون في بيوتهم؟ وهل هناك من رادع بأن لا يقوم المراقبون أو المشغّل البشري باستغلال أو ابتزاز أفراد معينين بناءً على معلومات يملكها عن تنقّلاتهم أو علاقاتهم في مجتمع مثل لبنان؟
كل هذه الأسئلة بلا أجوبة محدّدة. وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق يدافع عن المشروع إلى أقصى الحدود. يقول لـ«الأخبار» إن «قوى الأمن مؤسسة تابعة للدولة اللبنانية، وهي المسؤولة عن هذا الأمر، وهناك ثقة كبيرة بهذه المؤسسة، فضلاً عن أن عملها يتمّ بإشراف القضاء». لكن هل نال المشروع موافقة مجلس الوزراء؟ يردّ الوزير بأن «هذا الأمر لا يحتاج إلى مجلس الوزراء، البلدية لديها الحرية لتركيب الكاميرات وهي في إدارة قوى الأمن الداخلي».
في عام 2008، قامت قيامة تيار المستقبل بسبب ما قيل يومها عن كاميرات تابعة لحزب الله تراقب مدرج مطار بيروت. اليوم، يعود هذا الفريق للمنطق ذاته بتركيب كاميرات من دون توافق سياسي، بما يفتح الباب أمام أي بلديّة للقيام بالإجراء ذاته في نطاق عملها. وحين سؤال وزير الداخلية عن اعتراض فرقاء آخرين، يردّ بأن الأمر لم يطرح على أي من الحكومات التي شارك فيها، وكذلك «لم أسمع اعتراضاً من أحد». بالنسبة إلى الوزير «الكاميرات تساهم في الحدّ من الجريمة في العاصمة، ونحن نظلم أنفسنا كثيراً حين نعترض على أشياء من هذا النوع بينما نحن أفضل بكثير من دول كبيرة ومتقدّمة في المجال الأمني. الكاميرات ركبت وهدفها حماية اللبنانيين ولا داعي للاعتراض طالما أنها في عهدة جهة رسمية». بالنسبة للمنلا، «تنحصر مهمة شركتنا في تركيب النظام والمحافظة عليه عبر تنظيم الكاميرات لمدّة خمس سنوات وتصليح الأعطال والتأكد من الجودة». لكن المنلا يجيب على السؤال حول ضمانات الاختراق الالكتروني أو البشري، بالقول إن «النظام مجهز بأحدث أنظمة منع الاختراق الالكترونية، ولا يمكن لأي فرد حذف أي صورة أو مقطع فيديو. كما لا يمكن نسخ أو استخدام أي مقطع فيديو أو صورة من دون أن يحفظها النظام ويسجّل من قام بهذا الفعل». ويضيف المنلا، أن «مشروع كاميرات بيروت اختير ليكون واحداً من بين أبرز مشاريع الحماية والأمن للعام 2017 على قائمة جائزة أفضل أنظمة الحماية ومكافحة الحرائق، التي سيعلن عنها في لندن الشهر المقبل، بسبب مدى التطوّر والحرفية المعتمد في التنفيذ».
خرق القانون
تقول مصادر نيابية بارزة معنية بملفّ الاتصالات إن «مشروع الكاميرات في بيروت غير قانوني ولا يحظى بموافقة مجلس الوزراء، وهو يفتح الباب أمام أي بلدية لمراقبة الناس. الأمن لا يكون فوق القانون». وتضيف أنه «لا يحقّ للبلديات إقامة مشاريع من هذا النوع من دون الحصول على موافقة مجلس الوزراء على الأقل، وهذا الأمر يرتبط بالاستراتيجية العليا للدولة». وفيما تقول مصادر نيابية أخرى إن «حزب الله أو أياً من الأطراف الأخرى لم يعترض علناً على المشروع لأنه لم يمرّ أصلاً على مجلس الوزراء»، تؤكّد بأن «أي أحد كان سيعترض ويحصل عمل أمني ما، سيحمّل مسؤولية الأمر ويُتّهم بأنه لا يريد الأمن في لبنان».
أمّا وقد صار المشروع أمراً واقعاً، فلا بدّ من السؤال عن «الهيئة الوطنية لضمانة وسلامة الحرية الشخصية»، التي ترد في الفصل الرابع من مشروع «قانون المعاملات الالكترونية». ففي أيّ من دول العالم التي تعتمد نظام الكاميرات والمراقبة في المدن، جرى تشكيل هذه الهيئة قبل الشروع في تركيب الكاميرات، حتى تضمن أن لا يتحكّم الأفراد أو حتى النظام بالمعلومات الشخصية للأفراد. فكيف الحال بالنسبة لبلدٍ مثل لبنان يتداخل فيه الشخصي بالسياسي، وفي منظومة اجتماعية متعدّدة؟
ولماذا وقع الاختيار على قوى الأمن من بين غيرها من الأجهزة الأمنية؟ ولماذا لم يتمّ تشكيل لجنة أمنية مشتركة لإدارة هذا المشروع؟ وما هي علاقة القضاء بالإشراف على النظام؟ طالما أن كل جهاز أمني له حقّ تجاوز خصوصيّات المواطنين، يجب أن يخضع لرقابة السلطة القضائية. وإن لم تكن الرقابة المسبقة، فالرقابة اللاحقة كما هي الحال في القانون 140 ــ 99، الذي ينظّم اعتراض المخابرات الهاتفية. وإذا كان من الصعوبة في حالة نظام من هذا النوع تطبيق القانون 140، فإنه من الضروري أن تكون هناك رقابة قضائية في حالات مراقبة أشخاص محدّدين.
نصف مليون كاميرا لم تحم لندن من الارهاب!
لا إحصاءات رسمية بريطانية حول عدد الكاميرات المنشورة في المملكة المتحدة أو في لندن. إلا أن التقديرات تشير إلى أنه في عام 2015، كان هناك بين 420 ألفاً و500 ألف كاميرا في لندن وحدها، أي بمتوسط كاميرا واحدة لكل 14 مقيماً، علماً بأن أنظمة التعرف الخاصة بالكاميرات في بريطانيا لا تتعرف فقط على أرقام السيارات، بل أيضاً على وجوه الأفراد، وتخزّن البيانات لفترة تصل الى ستّ سنوات. ومع ذلك، لم تحل أنظمة الحماية دون وقوع عددٍ من الاعتداءات الإرهابية في مدينة الضباب خلال الأعوام الماضية، ولا في الحدّ من معدّل الجريمة الذي يعدّ من الأكثر ارتفاعاً في العالم. ولطالما أثارت هذه المسألة انتقادات دول الاتحاد الأوروبي التي تخشى من تحول بريطانيا إلى «مجتمع تحت المراقبة».
أمّا هنا في بيروت، فتقول مصادر في وزارة الداخلية، إن «وجود الكاميرات خلال وقت قصير سمح لقوى الأمن بتعقّب العديد من النشّالين ومخالفي أنظمة السير، وفي رصد حركة السّير وجمع الإحصاءات حول السيارات الداخلة الى بيروت والخارجة منها، تمهيداً لوضع خطة لتنظيم السير في المدينة».
هل «أُخرج» يوسف بسبب الكاميرات؟
عام 2015، طلبت بلدية بيروت بموجب مجموعة من المراسلات بين وزارة الداخلية وقوى الأمن الداخلي والبلدية، الحصول على ترخيص لتمديد شبكة «فايبر أوبتكس» خاصة بمنظومة الكاميرات. واحدة من ذرائع البلدية كانت أن «أوجيرو» لا تقوم بتسهيل العمل على شركة «غوارديا سيستمز» لتنفيذ هذه المنظومة. أمام اعتراضات «أوجيرو» ورئيسها في ذلك الوقت عبد المنعم يوسف، الذي طالب بحصول البلدية على قرار من مجلس الوزراء لأن القانون يعطي حصرية تمديد هذا النوع من الشبكات لـ«أوجيرو» وحدها أو لأطراف أخرى بعد الحصول على موافقة الحكومة، توقّف العمل على المشروع. حتى أن ديوان المحاسبة لم يسمح للبلدية بتمديد هذه الشبكة. وفيما تتّهم مصادر مطّلعة على حيثيات الملفّ يوسف بعرقلة تركيب الكاميرات، بيّنت الأحداث أنه ما إن أقيل يوسف حتى استؤنف العمل على المشروع. إذ لم تتمكن البلدية أثناء وجوده في «أوجيرو»، سوى من ربط 150 كاميرا، فيما حوالى 1900 كاميرا رُبطت بعد إقالته. فهل كان ملفّ الكاميرات واحداً من الأسباب التي جعلت تيار المستقبل يتخلّى عن رجله الأول في «أوجيرو»؟
تجدر الإشارة، إلى أن مدير التدقيق الداخلي السابق في «أوجيرو» أحمد رملاوي، المدير العام بالوكالة لهيئة «أوجيرو» لوجود المدير الأصيل عماد كريدية في إجازة إدارية خارج لبنان، كان قد راسل يوسف في 30 أيلول 2015، في رسالة داخلية رقمها 256/ت.د./2015، تمنّى فيها على يوسف «عدم الموافقة على السماح بإنشاء شبكات ألياف ضوئية لأي جهة كانت، حتى وإن كانت بموجب مراسيم وقرارات حكومية، أو حتى بموجب قوانين صادرة عن مجلس النّواب». وعلّل رملاوي، المعروف بقربه من مستشار الرئيس سعد الحريري نادر الحريري، ذلك بمجموعة من الملاحظات القانونية والتقنية، أبرزها «مبدأ الحصر الهاتفي»، الذي يرد في المرسوم الاشتراعي رقم 127، والذي يمنح استثناءً وحيداً للجيش اللبناني دون غيره من المؤسسات العامة والبلديات.