لم تعد اسرائيل تترك وسيلة الّا وجنّدتها من أجل حماية نفسها من “خطر حزب الله الداهم”. تدرك تل أبيب انّ القدرات التي وصل لها حزب الله تفوق النمط الصاروخي التقليدي الذي تعتبره مصدر الخطر الحقيقي وصولاً الى البراعة في استخدام الاساليب التكنولوجية الحديثة فضلاً عن ابتكارات العقل العسكري للمقاومة.
دون ادنى شك، فان التفكير العسكري الاسرائيلي دائم الانجذاب نحو الحروب خاصة إذا ما تعلق الامر بحزب الله والدليل على ذلك صرفه مئات ملايين الدولارات الاميركية على مناورات عسكرية الغرض منها محاكاة اي هجوم قد تتعرض له اسرائيل من الحزب والتدرب على صده، وهذا يخالف الواقع الحربي الذي كان سائداً في السابق، إذ كانت اسرائيل تتدرب على كيفية الانقضاض على الدول المجاورة واحتلالها وضرب قدراتها وسرقة مذخراتها لا الدفاع عن النفس منها، وهنا مكمن التغيّر التكتيكي في الصراع.
ارتفعت اصوات قادة اسرائيل مؤخراً في سرد التهديدات نحو لبنان وصولاً لاعتبار وزير أمنهم “أفيغدور ليبرمان” قبل ايام أن “الحرب المقبلة ستكون على جبهتي سوريا ولبنان معاً، واصفة الجيش اللبناني بأنه “جزء من منظومة حزب الله” ما يعني انّ العقل الامني الاسرائيلي أدخل الجيش اللبناني ضمن معادلة حربه الجديدة.
كلام “ليبرمان” لا يمكن فك ارتباطه عن الاجواء والتطورات الاقليمية الحاصلة حالياً، من سلسلة العقوبات الاميركية المعدلة الى الضغط السياسي الخليجي على لبنان وصولاً لكلام الامين العام لحزب الله الذي حاك نماذج الردع نحو اسرائيل ونقل الازمة الى صف المستوطنين -الخائفين اصلاً-، وفي تلك العبارات تلويحات عدة من مغبة اقدام “اسرائيل” على حماقة مستغلةً مصالح بعض العرب ونوايا ثأرهم بعض مراكمتهم الخسائر.
تعاظم المخاطر والمؤشرات التي تدل على اعدادات على طرفي الحدود “مجهولة الاهداف” دفع باسرائيل الى اعادة “ترتيب” اولوية امنها الداخلي مستفيدة هذه المرة من ذكاء اسماك “الدولفين” لتجنيدها كعنصر فعال في الدفاع أمام حزب الله، كيف ذلك؟
تقول القناة “الثانية” العبرية في تقرير اوردته قبل أيام، ان “جيش الدفاع الاسرائيلي قام في الآونة الاخيرة بتدريب أسماك الدولفين على القيام بمهام أمنية في أعماق البحر، بهدف حماية المنشآت الاستراتيجية والموانئ الإسرائيلية” وفي هذه النقطة اشارة الى المخاطر المحدقة -استناداً الى العقل الاسرائيلي- على الموانئ القريبة من الحدود مع لبنان وما تحويه من منشآت كيميائية اثارت ذعر اليهود بعيد خطابين لنصرالله في شباط 2016 و تموز 2017.
وبحسب القناة العبرية، فأن الجيش الإسرائيلي يدرب الدلافين لتصبح قادرة على العثور على ألغام في البحر، واكتشاف غواصين من حماس او حزب الله، في حال إقترابهم من مواقع إسرائيلية مهمة أو لتنفيذ عمليات، وإكساب هذه الدلافين، قدرات عسكرية، للعثور على ألغام وعبوات ناسفة تحت سطح البحر.
إذاً تُعد اسرائيل جيشاً من “الدولفينات” لمحاربة حزب الله بناءً على فكرة تقول بأن الحزب قد يتسلّل عبر البحر الى داخل اسرائيل كـ”ضفادع بشرية” اختبرتها حركة حماس بكفاءة عالية خلال حرب غزة الاخيرة.
ويدل سلوك الجيش الاسرائيلي الحالي على عمق الازمة التي تعيش فيها الدولة العبرية التي قد تجعل من فكرة صغيرة قد ترد في عقل احد القادة العسكريين الى مدعاةً لاثارة الهلع وتدفق التدريبات التي تحاكي ما جرى التفكير فيه، ما يدل على القلق الذي تعيشه المؤسسة الامنية الاسرائيلي من تعاظم قدرات حزب الله دون القدرة على وقفها.