هنالك أسئلة تطرح وإن من بعيد، مثل: إلى أي كيان ينتمي الحريري؟ ماذا لدى إيران تعطيه للسعودية؟ ماذا يمكن أن يقدم حزب الله للحريري؟
يبدو لنا الحريري عصفورا بلا إمارة منذ وقت طويل. ويبدو لنا الآن ذلك العصفور نفسه وقد لحقته كل ألوان الحرب الارهابية الجارية في المنطقة إلى الحد الذي غير لونه. إنه يظهر لنا كعصفور رماد معلق بين اقفاص سعودية عدة مخلوعة الشبابيك، ولكنه مكبل بهيكل المملكة المتهاوي. 
من الواضح جدا أن الحريري لم يعد قادرا على تقديم أي شيء للسعودية. ومن الواضح أيضا أن ما تريده إسرائيل في فلسطين المحتلة من تقويض لأي فرصة للمصالحة على كل علاتها، هو نفسه ما تريده السعودية للبنان من هز لتوازن معقول ولحالة من الاستقرار على غاية من الأهمية. وفوق ذلك، يبدو أن إيران بصدد قطع الطريق على كل محاولات عزل حماس سواء في فلسطين كنتيجة لتوافق سعودي- إسرائيلي- مصري أو في لبنان وإيران، وحتى سويا كنتيجة لحصار قطر.  في هذا المستوى نستطيع الجزم أن أوراق السعودية وإسرائيل محدودة جدا.  فحتى التخمين في أي اعتداء مشترك سعودي - إسرائيلي لمحاولة تفجير الوضع على الحدود اللبنانية السورية، فهذا لن يجدي أي نفع. ولن يجدي الأمر نفعا أيضا لا بعمليات إرهابية شديدة الإرهاب في الضاحية إذا ما استطاعوا إليها سبيلا ولا على الجبهة الجنوبية لفلسطين المحتلة حيال حماس والجهاد. ولذلك نرى أن الحريري لا يستطيع هنا شيئا لا في الداخل اللبناني ولا على حدود لبنان ولا شأن له بما هو أبعد. في هذا الصدد أيضا، لا يوجد عند إيران شيء يقبل التنازل في هذا الموضوع ولا وجود عند حزب الله لشيء يخدم سياسات سعودية لا في لبنان ولا في المنطقة تماما مثلما هو حال سوريا.
نحن لسنا إزاء تحليل استقالة أو إقالة رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري،  بل بصدد التساؤل عن ملامح الظرف الخاص الذي تمر به لبنان داخل سياق عام متفجر. وعليه فإننا نرى أن ما حصل مع الحريري ليس متعلقا باستقالة أو باقالة بقدر ما هو متعلق بمسوغ إقليمي لعمل عدائي ما عنوانه الإرهاب أو محاربة الإرهاب. إذ سواء اقررنا بأنه تنازل عن الحكم أو عزل لينتهي أو ليعود،  لا يغير ذلك ما يؤدي إليه الاستنتاج المنطقي التالي: هنالك حكم سعودي ما صدر في شخص الحريري على خلفيات سعودية خاصة بالحكم وبالثروة وربما حتى بملفات الأمن والإرهاب التي تستعملها السعودية ضد خصومها لتنفيذ الأجندة الأمريكية الصهيونية المرتبطة بتغيير السعودية من الداخل خدمة لأهداف محور العدوان والإرهاب والتطبيع.
ذكرت تقارير ديبلوماسية  مؤخرا أن جاريد كوشنر، مستشار الرئيس دونالد ترامب وصهره، يعتبر أن حرباً ضد «حزب الله» تضع السعوديين والاسرائيليين في خندق واحد، وتضعهم على مائدة واحدة، وفي إطار استراتيجي موحد. ولكن، على الاختصار، لن تستطيع السعودية إلى أي غسيل بأي سبيل وعلى أي من أجنحة عصافيرها مقطوعة الأجنحة، إلا إذا خرجت ذليلة من أرض اليمن.

المصدر: شاهد نيوز

المقالات الواردة في الموقع تعبر عن آراء أصحابها ولا تعبر عن رأي إدارة الموقع