يبدو ان قضية احتجاز الرئيس سعد رفيق الحريري ستتحول الى قضية رأي عام دولية رافضة لهذا التعامل الخارج عن الاصول الديبلوماسية وغير المألوفة في قاموس البشرية بالاضافة الى انها سببت احراجا للحلفاء قبل الخصوم.

عربيا لم يتناغم الموقف المصري مع التصرف السعودي بل كان معاكسا من خلال تصريح الرئيس السيسي لقناة CNBC الاميركية الايجابي تجاه حزب الله مما استدعى توضيحا لوزير الخارجية السعودي للخروج من الاحراج بالاضافة الى رفض الاعلام المصري هذه السابقة في التعامل مع رؤساء الحكومات.
اما في الكويت فيبدو ان القيادة بدأت تتلمس خطرا كبيرا من السياسة السعودية خاصة بعد ازمة الخليج مع دولة قطر وقيام اميرها بالعديد من المحاولات لتصحيح الوضع غير المألوف في التعاطي بين الدول العربية ايضا في ظل تعنت القيادة السعودية ورفضها لاي وساطة حل او تواصل. ويبدو ان القيادة في الكويت غير مقتعة بموضوع خلية العبدلي التي قيل انها كانت تتجه الى قلب النظام في البلد وان السعودية تتخذ من هذا الملف دليلا وحجة اكثر من دولة الكويت نفسها.

اما في العراق فلم يعد خافيا على احد ان النظام السعودي خاض حربا امنية تعتبر الاشرس في التاريخ الحديث ولعب وزيره الحالي السبهان دورا كبيرا فيها الى ان اضطرت الدولة في العراق الى طرده علنا بسبب دوره في التحريض ودعم داعش في سيطرتها على الموصل. وقد استطاعت انتفاضة الشعب العراقي والحشد الشعبي تحرير البلاد وطرد داعش من العراق ما أدى الى التفاف شعبي شامل وواسع في العراق في مواجهة السياسة السعودية التقسيمية .

وفي سوريا لم يعد خافيا على احد الخسارة الكبيرة التي تعرضت لها السعودية في مشروع تقسيم وتجزيء سوريا او تغيير الرئيس حتى اصبح من الماضي ومن الاحلام غير الواقعية وها هو كلام وزيرة خارجية قطر السابق اكبر دليل على التآمر السعودي الذي رفضته الدولة السورية وقاومته هي وحلفاؤها وانتصرت به. واليوم بعد التعاطي السعودي مع رئيس الحكومة اللبناني يتبين كيف ان الدولة السورية التي وجهت لها كل انواع الاتهامات من الفريق الفاقد للسيادة والحرية والاستقلال لم تصل الى مرحلة احتجاز رئيس حكومة او الطلب منه الاستقالة في دمشق.

اليمن هنا يبت القصيد، إذ تتجه السعودية اليوم الى تحميل لبنان مسوؤلية فشلها في حرب اليمن بعد ثلاث سنوات من القتل والمجازر بحق الشعب االيمني في حرب شرسة من دون اي افق سياسي او أخلاقي. وقد يخطر ببال السعودية ان لبنان هو الحلقة الاضعف بسبب وجود بعض من يعطيها النصائح الوهمية او المراهنة على الانقسامات الداخلية لكن ما لم يكن بالحسبان ان طريقة التعامل مع رئيس حكومة واحتجازه في السعودية وتجريده من املاكه وامواله والعمل على اضعافه وتصفيته سياسيا ومعنويا وماليا وارغامه على اعتزال العمل السياسي سيؤدي الى حالة تعاطف وتكاتف بين المكونات السياسية الرسمية وحتى الشعبية والاعلامية ما عدا من هو تابع لهم واعتبار الموضوع حالة وطنية جامعة لمواجهة هذا الاستخفاف وعدم احترام السيادة واستقلال لبنان وعدم احترام رئيسي الجمهورية والمجلس النيابي وتخوينهم بشكل علني على شاشة التلفزة من قبل اعلامييهم .

جديد السعودية اليوم انها تحاول اعتماد حرب نفسية واقتصادية على السيادة اللبنانية عبر التهديد بطرد اللبنانيين ومنع رعاياهم من القدوم الى لبنان الذي لم يأتوا اليه اصلا للعلم فقط .

دوليا تعيش فرنسا حالة احراج كبيرة داخليا وخارجيا وقد لا تستطيع ضبط اعلامها اكثر خاصة اذا فشلت وساطة الرئيس ماكرون في استرجاع الرئيس الحريري اضافة الى الوضع غير المالوف اوروبيا لا على الصعيد الانساني ولا السياسي والحقوقي والاعلامي .
اما على الصعيد الروسي فهناك تأكيد رسمي ان موضوع عودة الرئيس سعد رفيق الحريري متعلق بالحقوق السيادية للبنان ويجب ان يكون هناك احترام لهذه السيادة.
يبقى السؤال الأهم: هل وصلت السعودية الى مرحلة المساءلة الدولية وان خطيئتها الكبرى اليوم باحتجازرئيس الحكومة اللبناني ستؤدي الى ذكر اسمها لاول مرة في مجلس الامن والعالم العربي والغربي على انها دولة معتدية لا تحترم الاصول الديبلوماسية والسياسية والإنسانية؟
في الختام يجب القول ان قرع طبول الحرب هو نوع من الصراخ العاجز بعد سلسلة خسارات واخفاقات في المنطقة وان لبنان بوحدته يُخيف ولا يخاف.

 

- الكاتب خبير اقتصادي وناشط سياسي

المصدر: خاص شاهد نيوز

المقالات الواردة في الموقع تعبر عن آراء أصحابها ولا تعبر عن رأي إدارة الموقع