ليس من علم الغيب التكهن بما قد يقوله رئيس الوزراء اللبناني المحتجز في وطنه الثاني، والممنوع من العودة إلى لبنان تحت ذريعة مواطنيته السعودية.
وليس خافيا على احد ان الخاطفين سيفرضون ادبياتهم ومصطلحاتهم في المقابلة التي ستجريها معه الإعلامية بولا يعقوبيان في مقر احتجازه في الرياض، تماما كما فرضوها في نص الاستقالة الذي ألقاه الحريري مرغما قبل حوالي اسبوع من اليوم.
ومنذ ذلك الحين، احتل الحريري سعد عناوين الصحف فيما استقرت صورته واجهة لكل الأخبار.. منهم من قال إنه مسير، منهم من قال إنه مخير، البعض تعاطف عن محبة صادقة وولاء طيب، والبعض تضامن حرصا على معنى السيادة الحقيقية، والبعض حاول الترويج للرواية السعودية طمعا في رضا الولي السعودي.. 
اما بعد، ومنعا لكل لغط حصل أو سيحصل، والتزاما بموقف رئاسة الجمهورية، ويقينا بما قاله السيد نصر الله من وجوب عودة الحريري واعتبار كل ما يصدر عنه وهو في الرياض وكأنه لم يصدر، كان لا بد من تسجيل موقف قبل بث المقابلة التي قد تتضمن ما يبتغيه السعوديون منها، وهي استفزاز المتضامنين معه وإثارة الفتنة.

سعد الحريري اليوم، ما زال رئيسا لحكومة لبنان، وقد أمهل الجنرال عون، رئيس الجمهورية، دولة ال سعود أسبوعا للسماح له بالعودة.. وبحال لم يحصل ذلك، فالدولة اللبنانية ممثلة برئاسة الجمهورية ووزارة الخارجية تمتلك حق وواجب رفع القضية الى كل الجهات المعنية لتحرير رئيس الحكومة المحتجز. وبالتالي، فكل ما سيقال في هذه المقابلة، وخلال هذا الأسبوع هو كلام لا يستحق الإصغاء ولا يرقى إلى مرتبة الموقف السياسي.
اما بخصوص اللغط الحاصل في موضوع التضامن، فالمسألة ليست حبا نبت فجأة في حقول التعاطف، ولا اكتشافا متأخرا لود ما جمعنا مع سعد الحريري وكنا نجهله. فذلك الشاب، وان كان اليوم أسيرا لدى عدونا السعودي، هو قبل الأسر حليف ال سعود، ونقول حليفا وليس أداة حرصا على مشاعر المتضامنين معه عن ولاء ومحبة، لكن هذا الحرص لا يعني نفي تلك الحقيقة.
ولهذا السبب، سارع الكبار في البلد إلى المطالبة بعودته، رغم الخصومة السياسية فيما عمل حلفاؤه وأدواته في لبنان على ذر الرماد في عيون الفئات الشعبية التي تحبه ولها أسبابها الذاتية، وبدوا وكأنهم يحاولون طمس معالم الجريمة الواضحة للعيان، وتبرئة الخاطف الذي لم يكلف نفسه عناء إخفاء جريمته. تهافتوا إلى متابعة الملفات كأن رئيسا لم يحتجز، كأن حليفا لم يقع في فخ الزيارة إلى الرياض.. ذاك يطالب ببدء الاستشارات النيابية لاختيار خلف له، وهذا يبشر الجماهير بأن لا ترهق نفسها بالمطالبة به لأنه لن يعود!

في هذا الوقت، بدا جمهور الخصم، وأعني بيئة المقاومة، أكثر حرصا على سلامة وكرامة وحرية "الزعيم" المخطوف. وذلك ليس مجرد تفصيل في المشهد. فأشرف الناس يعرفون معنى السيادة لأنهم دفعوا ثمنها من دمهم ومن ارزاقهم ومن فلذات اكبادهم، ويدركون أكثر من غيرهم معنى الكرامة الوطنية لأنها جزء أساسي في تربيتهم وفي تكوينهم الاجتماعي والثقافي. ولأنهم، يجيدون التمييز بين خطاب الحريري وهو يهاجمهم ويتهمهم من بيال وبين خطابه، الذي يحتوي مضمونا مشابها وإنما بيدين مكبلتين، ولو افتراضيا، من الرياض.. وهنا يبدو المشهد شديد الشبه بحرص المقاومين على أبناء القرى أثناء حرب تموز وعدم سقوطهم في فخ الخصومة السياسية، فلم نسمع أن المقاومة تهاونت في الدفاع عن قرية معروفة بمعاداتها للمقاومة مثلا. هذه المسائل لا يدركها الا الكبار، ليس لأي سبب سوى أنهم كبار، والكبير لا يستقوي على أسير.. ولا يرد عليه أن أساء. وهنا نتذكر جميعا أحاديث أسرى الجيش أثناء اختطافهم لدى النصرة وداعش.. خاطف رئيس الحكومة اللبناني هو نفسه صانع الإرهابيين وممولهم، لذلك، لا عتب ولا حرج على الحريري.. قل ما تشاء، بالأحرى اقرأ ما كتبوه لك ولا تخف.. لن يسقط الكبار في فخ الرد على مقيّد محتجز..
 

المصدر: خاص شاهد نيوز

المقالات الواردة في الموقع تعبر عن آراء أصحابها ولا تعبر عن رأي إدارة الموقع