تحت عنوان "السنيورة ليس متآمرا.. لكن الحريري عاتب عليه بشدة!" كتب غسان ريفي في "سفير الشمال": لم يسبق لـ"تيار المستقبل" بكتلته النيابية وقياداته وكوادره، أن تحول الى مجموعات لا تشبه بعضها البعض، كما هو حاصل اليوم على خلفية ما تعرض له الرئيس سعد الحريري من إحتجاز في السعودية، حيث بدأت كل مجموعة تنظر الى مستقبلها من خلال تداعيات هذا الحدث وتأثيره عليها سواء كان سلبا أم إيجابا.
هناك مجموعة "المنتصرين" الذين يشعرون بالنشوة، بعد وقوفهم الكامل الى جانب الرئيس الحريري وتمردهم على القيادة السعودية ورفضهم "المبايعة"، وتحريكهم المجتمع الدولي بالتضامن والتكافل مع وزير الخارجية جبران باسيل الذي تحول الى "الأخ الذي لم تلده الأم" بالنسبة لسعد ونادر الحريري، وطبعا فإن هذه المجموعة تنتظر أن تكافأ، خصوصا أن طلب إبعادها من الدائرة الضيقة المحيطة برئيس الحكومة بات من الماضي، بل على العكس فإن من المنتظر أن تضطلع هذه المجموعة بنفوذ أكبر إذا ما نجحت المشاورات التي يجريها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وحولت التريث الى عودة ومن ثم الى دعوة لانعقاد مجلس الوزراء.
وهناك مجموعة "المدّعين" الذين يحاولون الايحاء بأنهم أقرب الناس الى الرئيس الحريري، وأنهم هم المخولون التحدث باسمه كونهم يعلمون كل الخفايا، ولأن الحريري يُطلعهم على كل شاردة وواردة تحصل معه، ما يوقعهم في الارتجال الذي ينتج عنه الكثير من الأخطاء التي قد تورّط الحريري شخصيا أو تسيء الى علاقاته مع بعض الأطراف.
وثمة مجموعة "المتريثين" الذين لزموا الصمت وإبتعدوا عن الاعلام أو غابوا عن البلد، وفضلوا الوقوف موقف المتفرج من دون أن يحركوا ساكنا حيال ما يتعرض له زعيمهم في السعودية، وتختلف النظرة الى هؤلاء في الدائرة الضيقة لتيار المستقبل والتي يعتبر قسم منها أن ما فعلوه كان عين الصواب لأن الصمت في حالة الرئيس الحريري كان مطلوبا، بينما يعتبر قسم آخر أنه كان يفترض بهم التحرك ورفع الصوت على غرار ما فعل فريق "الصقور الأزرق".
وتبقى المجموعة الأبرز وتضم "المتهمين" الذين إما أن يكونوا ساهموا في التحريض على الحريري في السعودية مباشرة أو بالواسطة، أو أن يكونوا إقتنعوا بأن زعيمهم قد إنتهى سياسيا وسعوا الى إجراء "حصر إرث" لحجز حصتهم السياسية، أو أن يكونوا على معرفة وإطلاع بما كان يجري في السعودية وما أقدم عليه بعض الأحزاب والشخصيات التي تدور في فلكها ولزموا الصمت، أو أن يكونوا طرحوا أنفسهم بدلاء عن الحريري، أو إنفرجت أساريرهم عندما طرح إسم بهاء خلفا لشقيقه سعد.
لم يعد خافيا على أحد، أن أصابع زرقاء تشير الى الرئيس فؤاد السنيورة والى رموز بارزين من فريق عمله الداخلي، إنطلاقا من أن هؤلاء لا يمكن أن يقوموا بشيء من دون علمه، لكن هل هذا يعني أن السنيورة بات مصنفا من "المتآمرين" لدى الدائرة الحريرية الضيقة وأنه بات من المغضوب عليهم لدى الرئيس الحريري؟
تجزم مصادر مقربة من الحريري بأن السنيورة لا يمكن أن يطعن برئيس الحكومة، لكنه ساهم عن قصد أو عن غير قصد في إحداث جو عام مناهض للرئيس الحريري منذ دخوله في التسوية الرئاسية، وذلك من خلال معارضته، والانتقادات المبطنة التي كان يطلقها، وكذلك عبر مجموعة العشرين التي أسسها وإجتمعت مرات عدة بالحريري وتحدثت عن الاحباط السني وعن التنازلات وعن التفريط بهيبة موقع رئاسة الحكومة.
وبحسب تلك المصادر فإن أكثر من شخص من مجموعة العشرين كان يزود السعودية بمحاضر الجلسات بشكل مباشر أو بالواسطة، ما أدى الى هذه التعبئة في المملكة التي كان ما سمعته مؤخرا من قيادات مسيحية عن الحريري بمثابة الشعرة التي قصمت ظهر البعير، ما جعلها تقدم على ما أقدمت عليه.
وتقول المصادر نفسها: إن الحريري عاتب بشدة على السنيورة، وأن هذا العتب ليس وليد ما حصل في السعودية مؤخرا، بل ناتج عن تراكمات، لكن اليوم الأولوية هي للمشاورات وما يمكن أن تنتجه من أجل حماية التسوية، أما تيار المستقبل فسيكون في وقت قريب أمام هيكلية تنظيمية ونيابية جديدة، سييقوم الرئيس الحريري بترتيبها، وهو قد يبعد رموزا وقيادات عن دوائر القرار.