يعتمد ولي العهد السعودي النافذ على مجموعةٍ صغيرة من المستشارين، ليس منهم من هو أكثر تحريضاً من ثامر السبهان، المسؤول الحكومي المُعادي بصورةٍ عنيفة لإيران، والذي كان له دورٌ كبير في استقالة رئيس الوزراء، سعد الحريري، المتعجلة وغير الناجحة في نهاية المطاف، أوائل الشهر الجاري.

كان للسبهان باعتباره وزير السعودية لشؤون الخليج العربي يدٌ في المساعدة في تشكيل مغامرة المملكة شديدة المخاطر لمواجهة منافستها إيران، بحسب تقرير لوكالة أسوشييتد برس الأميركية.

وعلى مدار الأيام التي سبقت الاستقالة المفاجئة للحريري، التي يُعتَقَد على نطاقٍ واسع أنَّ المملكة نسقتها، أصدر السبهان تهديداتٍ للحكومة اللبنانية وكذلك إيران وحليفتها جماعة حزب الله، عبر حسابه الشخصي على تويتر، مثيراً قلق الكثير من اللبنانين الذين يخشون أن يُساقوا مرةً أخرى إلى صدارة التنافس السعودي-الإيراني على السيادة الإقليمية.

وقبل 3 أشهر، أُرسِل السبهان إلى بيروت؛ للاجتماع مع الحريري وإيصال تحذيرٍ فظ بشأن التنازلات التي قدمها والتي من الممكن أن تخدم مصالح حلفاء إيران في لبنان.

ويبدو، بحسب الصحيفة، أن استقالة الحريري التي أعلنها من العاصمة السعودية الرياض في 4 تشرين الثاني 2017، عبر محطةٍ تلفزيونية سعودية حكومية، تؤكد المخاوف من أنَّ تنافس المملكة مع إيران قد يُزعزع استقرار دولةٍ أخرى في المنطقة، وهذه المرة المتضرر سيكون نظام تقاسم السلطة الحساس في لبنان.
ولكن وساطة فرنسا، الحليف المقرب لكلٍ من السعودية ولبنان، ساعدت في إبطال الاستقالة، التي علقها الحريري عقب عودته إلى بيروت.

وعلى الرغم من أن السعودية قد تكون نجحت في الضغط على حزب الله وجذب الانتباه إلى التوسع الإقليمي المتزايد للجماعة الشيعية المسلحة، فإنَّ تحركات المملكة السياسية في لبنان كان يُنظَر إليها بصورةٍ كبيرة باعتبارها نكسةً جاءت بنتائجَ عكسية. وكان السبهان، البالغ من العمر 50 عاماً، هو محور كل هذا الأمر.

سافر السبهان، في آذار الماضي، إلى واشنطن بصحبة محمد بن سلمان، الذي نُصِّبَ في تموز الماضي ولياً للعهد ووريثاً للعرش السعودي. كانت زيارةً بالغة الأهمية لتدعيم علاقة الرياض بالرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب.

إلا أنَّ رحلةً لاحقةً إلى واشنطن أوائل شهر تشرين الثاني الجاري، لم تمرّ بصورةٍ جيدة كسابقتها. فبعد أيامٍ من استقالة الحريري، التقى السبهان مسؤولين أميركيين من وزارتي الخارجية والدفاع ومجلس الأمن القومي التابع للبيت الأبيض.

ووفقاً لتقارير وسائل إعلام عربية وشخصٍ مطلع على نتائج الاجتماع -طلب عدم ذكر اسمه؛ لأنَّه لم يكن مخولاً له مناقشة اللقاء- فبدلاً من الحصول على تأييدٍ لاستقالة الحريري، تلقى السبهان توبيخاً قاسياً من المسؤولين الأميركيين، الذين عنَّفوه وضغطوا عليه لوقف تغريداته المُحرضة.
وسأل المسؤولون أيضاً عن هويةِ مَن منحَ السبهان الحق في تقويض استقرار لبنان في الوقت الذي كانت فيه واشنطن تدعم القوات المسلحة اللبنانية وتستضيف البلاد فيه أكثر من مليون لاجئٍ سوري.

وبحسب الصحيفة الأميركية، فإنّ السياسات الصارمة التي ينتهجها ولي العهد السعودي، البالغ من العمر 32 عاماً، تجاه إيران تتجسّد في السبهان، وتزداد حدتها بتحركاته. ويظهر ذلك بوضوح على تويتر، حيثُ أشار السبهان إلى جماعة حزب الله، المدعومة من إيران، بأنَّها "جماعة الشيطان".

وقبل أيام من استقالة الحريري، حذر السبهان في مقابلةٍ مع محطةٍ تلفزيونية لبنانية، من إمكانية حدوث تطوراتٍ "مذهلة" بهدف إطاحة الجماعة الشيعية في لبنان.
وقال إنَّ الحكومة اللبنانية، التي يرأسها الحريري، سيجري التعامل معها باعتبارها حكومة معادية أعلنت الحرب على السعودية؛ بسبب دور حزب الله في تقاسم السلطة.
وكتب السبهان في تغريدةٍ على تويتر، بعد مرور يومين على استقالة الحريري: "بيد قادته (لبنان) أن يكون دولة إرهاب أو سلام".

ونقلت الصحيفة عن لبناني تحدث مراراً إلى السبهان خلال الفترة التي أمضاها في بيروت، قوله إنَّ السبهان، الذي عمل خلال شغله منصب الملحق العسكري السعودي في لبنان خلال عامي 2014 و2015 على مراقبة حزب الله، كان يُزوَّد بمعلوماتٍ من بعض السياسيين اللبنانيين عن دور الجماعة الشيعية في الحرب الأهلية-السورية.

وأضاف اللبناني، الذي اشترط عدم الإفصاح عن هويته؛ حتى يتحدث عن المحادثات السرية، أنَّ السبهان كثيراً ما كان يتحدث مع سياسيين وصحافيين ورجال أعمال في مقهى في منطقة فردان في بيروت.
ووصف السبهان بأنَّه "شخصٌ قليل الكلام. فهو يُنصت أكثر مما يتحدث".

وبعد أدائه مهمته في لبنان، عُيِّنَ السبهان كأولِ سفيرٍ للسعودية لدى العراق منذ أكثر من 25 عاماً.
لكن بعد قضائه 9 أشهرٍ فقط في ذلك المنصب، طالبت حكومة العراق باستبدال السبهان؛ بعدما أثار ضجةً، لزعمه أنَّ الحكومة رفضت توفير حماية أفضل له في مواجهة ما ادَّعى أنَّها خططٌ لميليشيات شيعية تدعمها إيران لاغتياله. كما دعا الحكومة العراقية إلى استبعاد "الميليشيات" الشيعية من الحملة العسكرية ضد تنظيم "الدولة الإسلامية".
بعدها استدعت الرياض السبهان ليُعيّن في منصبه الوزاري الحالي، حيث استخدم موقع تويتر كمنصةٍ لإلقاء تصريحات المملكة الطائشة المعادية لإيران، بحسب الصحيفة.

وقد أوكلت إلى السبهان أيضاً مهمات في أماكن متعدّدة. فقد رُصِدَ الشهر الماضي (تشرين الأول 2017) في مدينة الرقة السورية بصحبة مسؤولٍ أميركي، بعد أن استولت القوات السورية المدعومة من قِبل الولايات المتحدة، والقوات التي يقودها الأكراد، على العاصمة الفعلية لداعش.

وفي السعودية، جلس السبهان في اجتماعاتٍ رفيعة المستوى ورحب بالبطريرك الماروني اللبناني بشارة بطرس الراعي عندما زار الدولة الإسلامية السنّية المحافظة في أول رحلةٍ من نوعها. كما كان حاضراً أيضاً خلال لقاء البطريرك بالعاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز، بحسب "أسوشييتد برس".

وحضر السبهان كذلك، لقاء الملك السعودي مع وزير الخارجية التركي في حزيران الماضي، وأيضاً اجتماع ولي العهد في آب الماضي مع رجل الدين الشيعي ذي النفوذ الكبير مقتدى الصدر، وكذلك لقاءاتٍ مع رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي.

وحاول السبهان علناً على تويتر، أن يضع أجندةً لمجريات الأوضاع في لبنان، مطالباً بإطاحة حزب الله من الحكومة، وداعياً اللبنانيين إلى مواجهة الجماعة المسلحة، حتى إنَّه أطلق سهامه على تويتر باتجاه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله.

وفي أحد خطابات نصر الله، وصف الأمين العام لحزب الله السبهان بأنَّه "زعطوط"، وهو مصطلح عربي مهين يعني "قرد صغير ذو شعر كثيف"، أو بمعنى آخر بأنَّه "بالغ يتصرف كطفل".
وردَّ السبهان على ذلك بتغريدةٍ، كتب فيها: "إذا أتتك مذمتي من ناقصٍ… فهي الشهادةُ لي بأنِّي كاملٌ".

ووصف الوزير السابق وئام وهاب في مقابلةٍ تلفزيونية، السبهان بأنَّه "حيوانٌ طليق". وقال: "آمل أن يكون ثامر السبهان قد دفع ثمن هذا السلوك المشابه لسلوكيات الميليشيات".

المصدر: الجديد