اعترف الرئيس الأميركي "أحمق البيت الأبيض" بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال الصهيوني، وعبّر عن أهمية هذه الخطوة التي اعتبرها "تاريخية" بحسب قوله، في كلمة بثتها قنوات العالم أجمع يوم الأربعاء في السادس من الشهر الجاري. جاء حديث ترامب بعد أيام من إجراء اتصالات مع كافة "دول العالم العربي والإسلامي" التي اطلع رؤساءها على الخطوة "التاريخية" التي يريد القيام بها، وطبعاً كان من أهم هذه الدول الأردن ومصر المطبعتان، والسعودية التي تجاهر بالتطبيع والعلاقات شبه العلنية مع الكيان الصهيوني بحجة "محاربة المد الإيراني في المنطقة"
قبل ساعات من إعلان البيت الأبيض "القدس عاصمة إسرائيل" أمطرت الدنيا علينا بيانات من كل الدول العربية تعرب عن "إدانتها واستنكارها" للقرار الأميركي وطلب "التريث" من البيت الأبيض في خطوة خطيرة كهذه كما وصفتها بعض خارجيات الدول العربية.
أتى الأربعاء، أعلنت القدس عاصمة للكيان الغاصب، وصمت العالم، كانت أول التحركات والاستنكارات الفعلية من الاتحاد الأوروبي الذي رفض الخطوة واعتبرها تضر بعملية "السلام" في المنطقة وحل الدولتين على حدود 67 والتي وافقت عليها جامعة الدول العربية في قمة بيروت عام 2002، والتي تنص على أن القدس "الشرقية" عاصمة لدولة فلسطين. ومن ثم توالت الاستنكارات العربية "الكاذبة" من السعودية ومصر تحديداً، فما كان من نيويورك تايمز الأميركية إلا أن تنشر مقالاً يتحدث عن موافقة مصر والسعودية على خطوة ترامب، ولو لم توافق الدولتان لما قام "الأحمق" بفعلته.
لم تصرّح او تستنكر كلا الدولتين ما نشر في الإعلام الأميركي حول موافقتهما، بل قامت "مملكة الخير" بما هو أبشع لتبرير موقفها، إذ اعطى بن سلمان امره بإطلاق ذبابه الإلكتروني لشتم الشعب الفلسطيني ووصفه "ببائع ارضه" وهي محاولة للدفاع عن الخطى التطبيعية ومساندة رؤية هيرتزل مؤسس الصهيونية في تحقيق مشروع "إسرائيل الكبرى".
فهل هذا الحقد السعودي تجاه القضية الفلسطينية جديد؟ ولماذا اليوم تحارب السعودية بكل شراسة القضية الفلسطينية وتحاول تصفيتها لتحقيق "صفقة القرن" والتي هي عبارة عن السلام مع الكيان الصهيوني؟
للأسف هذا الحقد على القضية الفلسطينية ليس بجديد، بل يعود لعقود من الزمن، واليوم لم يعد أمر السعودية وعدائها لفلسطين وكل من يدافع عنها خفياً على أحد، وفي الوثائق السرية التي وردت في كتاب (البرقيات السرية لوزارة الخارجية السعودية) الذي أعده المؤلف سعود بن عبد الرحمن السبعاني خير دليل على ذلك
.
الكتاب يحتوي على 2000 وثيقة سرية ورسائل بين السعودية والكيان الصهيوني، وعدة دول أخرى تظهر عداء ووحشية آل سعود تجاه فلسطين والفلسطينيين، والعداء والحقد تجاه إيران، عدا عن وثائق استخدام الحج كورقة ضغط سياسية على الدول العربية والإسلامية. الخطير في هذه الوثائق هو التواطؤ السعودي الصهيوني منذ عقود، إذ تؤكد إحدى الوثائق والتي كتبت بتاريخ 27 ديسمبر 1966 دعوة السعودية "إسرائيل" لاحتلال سيناء حتى "تكسر" مصر، بعد الأزمة التي سببتها حرب اليمن الأولى بين البلدين. وتؤكد الوثائق سعي السعودية لتعزيز جيش الاحتلال الصهيوني ومده بالمال، واقتراح الهجوم على سوريا واحتلال جزء من أراضيها -الجولان-، كي تنشغل سوريا بنفسها وتبتعد عن "القومية" التي لا تفيد السعودية ومصالحها.
وفي الوثيقة نفسها تدعو السعودية الكيان الصهيوني لاحتلال غزة والضفة الغربية، كي لا يشكل الفلسطينيون خطرا على الكيان الصهيوني من مناطق عربية، وبهذا يتوقف الدعم العربي لمشروع تحرير فلسطين وينقطع أمل الفلسطينيين في العودة او المقاومة، ويتم توطين الفلسطينيين المتواجدين على أراضي دول عربية وتنتهي حكاية فلسطين. هذا الأمر حدث عام 1966 وليس بجديد على مملكة الخير.
هذا ما اقترحته السعودية على اسرائيل لتقضي على امل حق العودة وقضايا التسوية النهائية والسيطرة على الضفة الغربية، يعني السيطرة على القدس، فاحتل الكيان الصهيوني أراضي عربية في حرب يونيو 1967 أي بعد 5 شهور من تاريخ الوثيقة وهو 27 ديسمبر 1966 الموافق 15 رمضان 1386هـ
.
لم يقتصر تحريض "مملكة الخير" على فلسطين والقضية المركزية، فعاودت نهجها التاريخي وبدأت حملة تحريض لضرب إيران وحزب الله من قبل الكيان الصهيوني، وبدأت في مغازلة الكيان الصهيوني في المؤتمرات والصالونات السياسية، وبدأت لهجة الرياض تتغير في الحديث عن السلام واصبح مستوطنو "إسرائيل" شعب الله المختار، وظهرت فكرة أن السلام مع إسرائيل سيعيد تاريخها "النظيف". هذا الكلام الذي جاء على لسان "الدكتور" عشقي (الوجه السعودي الأبرز) في حملة التطبيع مع الكيان الصهيوني، وطبعاً عشقي لا يتنفس دون علم 5 جهات سعودية وهي: وزارة الخارجية، ووزارة الداخلية، والاستخبارات العامة السعودية، ووزارة الثقافة والإعلام، ووزارة التجارة والصناعة.
كما تؤكد الوثائق المسربة المباركة السعودية لمشروع "صفقة" القرن التي يتولاها صهر "الأحمق" الأميركي، كوشنير والتي باركتها السعودية وقبلت بكل تفاصيلها وبنودها، والتي لم يتبقّ سوى الإعلان عنها.
المقالات الواردة في الموقع تعبر عن آراء أصحابها ولا تعبر عن رأي إدارة الموقع