ليست المرة الأولى التي يكون فيها لبنان السبّاق قي مواكبة أحدث التقنيات العلاجية في منطقة الشرق الاوسط، ولعلّ أحدث خطوة في هذا المجال، كانت استعمال الروبوت لاستئصال ورم خبيث من الكلية مع المحافظة عليها. فكيف جرت هذه العملية؟ وهل تعطي أملاً واعداً لمرضى السرطان؟
نجح المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت (AUBMC)، بإجراء عملية جراحية روبوتية هي الأولى من نوعها في لبنان والمنطقة من خلال تطبيق تقنية الواقع المعزّز. وساعدت هذه التقنية الجرّاح على استخراج الورم من الكلية والمحافظة عليها في الوقت عينه. يغيّر هذا الإجراء الذي يعتمد على منصّة «بروكسيمي» التفاعليّة خدمات الرعاية الصحية حول العالم.
وقد ترأس الأستاذ المساعد في جراحة المسالك البولية، الجراح الروبوتي في المركز الطبّي في الجامعة الأميركية في بيروت الدكتور ألبير الحاج هذا الإجراء، وأكّد في حديث خاص لـ«الجمهورية» أنّ «الجراحة الروبوتية تتيح لنا إجراء العمليات الكبيرة عبر إحداث ثقب صغير في الجسم من دون الحاجة لشقّ كبير مثل الجراحة المفتوحة وهي الطريقة التقليدية التي كنا نعمد خلالها الى شقّ خاصرة المريض مثلاً في حالته هذه، ما كان يسبّب له الكثير من الآلام ما يحتّم بقاءه في المستشفى لمدة 5 ايام.
ومن خلال تقنية الروبوت يمكن للمريض النهوض والمشي في اليوم نفسه او في اليوم الثاني من العملية، ومعاودة حياته طبيعياً بعد ايام قليلة نتيجة تماثل شفاء الجرح بسرعة أكبر، وفقدان كمية أقل من الدم، واحتمال حدوث تعقيدات أقل مقارنةً مع النهج التقليدي».

التواصل من بعد
ومع ازدياد الحاجة لتسهيل التعاون بين الأطباء المتواجدين في أماكن مختلفة من العالم، أتت منصّة الجراحة بتقنية الواقع المعزّز لمساعدتهم على الإستفادة من توجيهات ودعم بعضهم البعض عبر نقلهم إفتراضياً إلى غرفة العمليات.
وفي أثناء القيام بعملية الكلية مثلاً، تعاون الدكتور الحاج مع الأستاذ المساعد في قسم الأشعة التداخلية، الدكتور فادي مرعي في المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت ما أتاح له مراقبة الإجراء الجراحي ومشاركة خبرته وفقاً لمجريات العملية أثناء تواجده في مكتبه.
وقال د. الحاج «هذه التقنية أثبتت كفاءتها كأداة تتيح التعاون بين الأطباء المتواجدين في أماكن مختلفة. كما ستمكّن هذه التكنولوجيا المتميّزة، الجسمَ الطبي من إجراء عمليات جراحية روبوتية أكثر تعقيداً في المستقبل.
وتسهّل هذه التقنية التشاور أثناء الجراحة عبر تقديم المساعدة الإفتراضية عن طريق التدريب العملي والفيديو التوضيحي. فهي تتيح فرصة الإستفادة من الدعم والتوجيهات اللازمة من الجرّاحين والفرق الطبّية الأخرى من بعد وفي وقت قصير».

الروبوت لعلاج سرطان المسالك البولية
تعمل هذه المنصّة مع كل الأجهزة، وبالتالي يمكن إضافتها لأيِّ جهاز طبّي ولكل المعدات. ويمكن بفضلها تطوير تعاون الأطباء مع بعضهم البعض في جميع أنحاء العالم، وتدريبهم، وتسهيل تبادل خبراتهم بغض النظر عن نوع العملية الجراحية والجهاز أو التقنية المستخدَمة. وشرح د. الحاج أنّ «هذه التقنية تُسختدم في جراحة المسالك البولية، وعلاج سرطان البروستات والكلى والمثانة، كما يتمّ اعتمادُها لترميم المسالك البولية.
وهي من أحدث الوسائل الموجودة عالمياً، وتؤمّن شفاء المرضى بشكل اسرع وبأقل مضاعفات ممكنة، وحتّى إنّ وظيفة العضو المعالَج بعد العملية تعود الى عملها الطبيعي كالبروستات مثلاً».

الكلفة
تشهد غرف العمليات ازدحاماً متزايداً يحول دون استضافة الطلّاب والمتدرّبين. توفّر تقنية الواقع المعزّز مقاربة تفاعلية ما يتيح إمكانية التعليم والتدريب التطبيقي في إجراء عمليات الجراحة الروبوتية وضمن مدة زمنية قصيرة لشريحة واسعة من الجراحين وطلاب الطب.
ولكن هل تلغي هذه التقنية الوسائل العلاجية الاخرى. يجيب د. الحاج «بتنا نستغني عن الجراحة التقليدية في 90 في المئة من حالات سرطان في المسالك البولية.
ولكن لا يحدّ الروبوت من استعمال العلاج الشعاعي أو الكيميائي». وعن التحدّيات الموجودة جرّاء استعمال هذه التقنية، كشف د. الحاج أنّ «وجود التقنية في لبنان كان التحدّي الأكبر، اضافةً الى التكاليف الاضافية التي يجب أن يتحمّلها المريض عند اللجوء الى هذا النوع من الجراحة التي لا تغطيها أيُّ جهة ضامنة.
أمّا هدفنا فيكمن أن يشمل العلاج بالروبوت أكبر عدد ممكن من مرضى السرطان، وتجدر الاشارة الى أنّ التكاليف لا تُعتبر مرتفعةً كثيراً مقارنةً بالطريقة التقليدية».

المصدر: الجمهورية