نحو 174 ألف لاجئ فلسطيني يعيشون في المخيمات والتجمعات المجاورة للمخيمات وتجمعات أُخرى، بحسب تقرير «التعداد العام للسكان والمساكن في المخيمات والتجمعات الفلسطينية في لبنان 2017»، الذي أُطلق، أمس، في السراي الكبير. هذه الأرقام، وإن كانت لا تشمل عدد اللاجئين الفلسطينيين الموجودين خارج المخيمات والتجمعات، فهي تأتي في سياق سحب «فزّاعة» المبالغة بأعداد اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، التي تُلوّح بها قوى سياسية لبنانية، وتستخدمها في إطار منع منح اللاجئين أيّ حقوق اجتماعية واقتصادية. ولعلّ الأهم الذي يأتي به هذا التقرير هو أنه يُقدّم «صفعة» للجنة الوزارية المكلفة بدراسة ملف حق المرأة اللبنانية في منح جنسيتها، إذ يُكذّب أرقامها التضخيمية ويعلن عن وجود 3700 امرأة لبنانية فقط متزوجة من فلسطيني

قبل أربع سنوات، طوت الحكومة اللبنانية ملف حق المرأة اللبنانية في منح أولادها الجنسية. حينها، تذرّع وزراء تكتّل التغيير والإصلاح، المعرقلون الأساسيون للملف، بـ«فزّاعة» توطين الفلسطينيين في لبنان في حال مُنحت المرأة اللبنانية المتزوجة من فلسطيني حقها في منح الجنسية. استند هؤلاء الى أرقام اللجنة الوزارية التي كانت مُكلّفة بدراسة الملف، التي أشارت آنذاك الى وجود 4800 امرأة متزوجة من فلسطيني، من شأنهن أن يمنحن الجنسية لـ84 ألف شخص (على أساس أن كل امرأة تعطي الجنسية الى 17 شخصاً!).

يوجّه تقرير "التعداد العام للسكان والمساكن في المُخيّمات والتجمّعات الفلسطينية في لبنان"، الذي أُعلنت نتائجه أمس في السراي الكبير برعاية رئيس الحكومة سعد الحريري، "صفعةً" الى تلك اللجنة الوزارية، ويسلبها، بالأرقام الدقيقة، تلك الحُجّة. بحسب هذا التقرير المُعدّ من قبل «لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني» و«إدارة الإحصاء المركزي» و«الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني»، هناك 4926 زيجة مختلطة؛ 3707 منها الزوجة لبنانية والزوج فلسطيني، مقابل 1219 أُسرة الزوج فيها لبناني والزوجة فلسطينية لاجئة. إضافة الى عدد الزيجات المختلطة، يُقدّم التقرير معلومات حول واقع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان. وبحسب التقرير، يبلغ متوسط حجم الأسرة 4 أفراد، فيما يبلغ المعدّل العام للأُميّة للاجئيين الفلسطينيين 7.2%. أمّا نسبة البطالة، فقد أظهرت النتائج أنها تبلغ 18.4% من الأفراد المشمولين في القوى العاملة.

79 ألف لاجئ فلسطيني يعيشون في المخيمات:

استهدف التعداد 12 مخيماً في لبنان و156 تجمّعاً للفلسطينيين. تتوزّع هذه التجمّعات بين تجمّعات مُحاذية للمخيمات وتجمعات أُخرى، وتم تحديد 1401 منطقة عدّ. بحسب التقرير، بلغ عدد اللاجئين الفلسطينيين في لبنان 174 ألفاً و422 لاجئاً؛ نحو 45% منهم يقطنون في المخيمات، أي 78 ألفاً و897 لاجئاً.

ويستقطب مخيم عين الحلوة، وحده، نحو 10% من مجمل اللاجئين الفلسطينيين، إذ يحتضن المُخيّم نحو 18 ألفاً و763 لاجئاً يُشكّلون نحو 88.5% من سكان المُخيّم. أمّا بقية اللاجئين الفلسطينيين في لبنان فيعيش 21.5% منهم في التجمّعات المحاذية للمخيمات، فيما يتوّزع 33.1% منهم على تجمعات أُخرى.
شكّل العدد الإجمالي للاجئين الفلسطينيين في لبنان صدمة بالنسبة إلى الكثير من اللبنانيين والفلسطينيين على حدّ سواء. ذلك أن هذا العدد "يُعرّي" الذين يستخدمون أرقام الفلسطينيين للتحريض عليهم، ولتخويف بعض اللبنانيين منهم.
هذا العدد لا يشمل بطبيعة الحال اللاجئين الموجودين خارج منطقة المسح، أي أولئك الذين يقطنون خارج مناطق العدّ (المخيمات الاثني عشر والتجمعات والوحدات المُستهدفة).
تقول مديرة عام الإحصاء المركزي اللبناني الدكتورة مرال توتليان، في اتصال مع "الأخبار"، إن هذه الأرقام تتعلق بتعداد اللاجئين الموجودين في منطقة المسح فقط، مُشيرة الى صعوبة إعطاء تقديرات حول عدد اللاجئين الفلسطينيين الذين يقطنون خارج هذه الدائرة، نتيجة غياب إحصاء شامل ودقيق لسكان لبنان بالمجمل.
من هنا، ستختلف هذه الإحصاءات حُكماً مع تقديرات وكالة "الأونروا" التي تُشير الى وجود نحو 450 ألف لاجئ في لبنان، فيما تُفيد سجلّات وزارة الداخلية والبلديات اللبنانية بوجود نحو 510 آلاف فلسطيني في لبنان.
إلا أن هذه التقديرات لا تتّسم بدورها بالدقة، نتيجة عدم لجوء هاتين الجهتين (الأونروا والداخلية) الى شطب اللاجئين المهاجرين مثلاً، أو أولئك الذين فارقوا الحياة.
وبمعزل عن صعوبة تقدير عدد اللاجئين الفلسطينيين الذين يعيشون خارج دائرة المسح، فإنّ الأرقام التقديرية القصوى المُتوقعة، إذا ما أخذ في الاعتبار السياق التاريخي للوجود الفلسطيني خارج نطاق المخيمات والتجمعات (الذي سيخلص الى نوع من "محدودية" توسّع اللاجئين الفلسطينيين)، لن تكون (ربما) أعلى من أرقام اللاجئين الذين يقطنون في هذه المُخيمات، ما يعني أن الأرقام التي أعلنها التعداد، حتى لو أضيفت اليها أرقام أولئك الذين يقطنون خارج نطاق المسح، ستبقى أقلّ بكثير من تلك التي كان مسؤولون لبنانيون يتداولونها.

 

التعداد كوسيلة لإعداد الخطط والاستراتيجيات

هذا التعداد "هو الأول من نوعه في لبنان الذي يتم تنفيذه بقرار رسمي"، بحسب رئيس لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني حسن منيمنة. يقول الأخير إن التعداد هو "أكبر وأول عمل إحصائي يشمل اللاجئين الفلسطينيين بهدف توفير بيانات واضحة ودقيقة للحكومة اللبنانية، وسط التفاوت في تقدير الأرقام ومعطياتها وتعدّد مصادرها".
يرى مُعدّو التقرير أن أهمية هذا الإحصاء تكمن في أنه يؤمن لأصحاب القرار المعلومات التي تساعد على رسم المخططات والبرامج اللازمة للنهوض بواقع المُجتمع الفلسطيني. وذلك على اعتبار أن تحسين الظروف المعيشية والصحية يتطلّب دراسة دقيقة للواقع الاجتماعي والاقتصادي والديمغرافي للسكان الفلسطينيين المُقيمين في لبنان.

أكثر من 18 ألف فلسطيني نازح من سوريا

يبلغ عدد اللاجئين الفلسطينيين النازحين من سوريا الى لبنان نحو 18 ألفاً و601 لاجئ. نحو 48.1% منهم يعيشون في المخيمات، و23.2% يعيشون في التجمعات المحاذية للمخيمات، و28.6% يعيشون في تجمعات أخرى.
يلحظ التعداد وجود عدد لافت من اللبنانيين والسوريين في المخيمات والتجمعات الفلسطينية؛ مثلاً، يُشكّل عدد السكان السوريين في مخيم شاتيلا نحو 57.6% من مجمل السكان، فيما سجّل الفلسطينيون اللاجئون نحو 29.7% فقط من إجمالي عدد سكانه. وفي مخيم ضبية، فإنّ 38.9% من سكان المخيم هم لبنانيون. وبحسب التعداد، فقد بلغ عدد اللبنانيين الذين يقطنون في المخيمات الفلسطينية نحو 4058 لبنانياً مُقابل 26 ألفاً و378 سورياً

 

المصدر: هديل فرفور - الأخبار