بالعادة تُؤخذ أسرار البيوت من صغارها، فوحدهم الصغار قادرون على صياغة وجدانهم، الموروث عن أهلهم، بالكلمات الابسط وبالشكل الأكثر صدقا ومباشرة.
وفلسطين بيت كبير، بيت محتل، ضاع قلة من كباره في وهم التسوية، أو سقطوا في مستنقعات الخيانة، الا ان أغلبية كباره المقاومين نقلوا إلى الصغار فطرة التعرف إلى الدرب الصحيح لتحرير فلسطين، فكان فارس عودة بحجره يدرك أن هذا الحجر هو أداة مقاومة استطاعت يده الصغيرة أن تحملها في مشهد هزّ الجبروت الصهيوني. واليوم، عهد التميمي الطفلة التي في الأسر مع ما يقارب الأربعمئة طفل فلسطيني مثال جديد على أن المقاومة تبقى سر البيت الفلسطيني، ووجدانه وفطرته مهما علا صوت التسويات، ومهما ارتفع ضجيج المال الخليجي والوعود الغربية.
إذاً، لا يمكن أن نصدق "زعامات" التنسيق الأمني و منابر "شكرا أردوغان" ونكذّب ما نرى ونسمع من أطفال استطاعوا تمييز من يدعمهم في مقاومتهم لتحرير أرضهم، كل أرضهم.
ليس تفصيلا أن يشكر أطفال فلسطين الجمهورية الإسلامية في إيران متمثلة بالحاج قاسم سليماني. فهم يعرفون، بالفطرة وبالوعي المقاوم، أن هذا الرجل، بما يمثل، هو مقاوم حقيقي ضد الكيان الصهيوني، ومحارب له في كل ساحة من ساحات الصراع الواحد موقف وبطولة.
وليس تفصيلا أن يحاول الاحتلال كتم صوت الأطفال عبر ترهيبهم واعتقالهم، كما حدث مع عهد ونور التميمي مؤخرا. وليس تفصيلا أن تصمد الطفلتان في مواجهة العدو، سواء في طرقات فلسطين المحتلة أو في محكمة باطلة.
اما الكلام المأجور والمدفوع ثمنه سلفا والذي يتمحور حول "حل الدولتين" وأكذوبة "السلام" فهو يسقط في كل يوم أكثر، ويأخذ معه المتحدثين به إلى قعر مهملات التاريخ.. التاريخ الذي إن أتى على ذكرهم فسيختار رجمهم بالاحجار المحررة في فلسطين العربية من بحرها إلى النهر.

البيت الفلسطيني، ككل البيوت، لا يخلو من قليل تربية هنا، ومن نذل يبيع أهله ونفسه. لكن اصل البيت غني عن التعريف. نساؤه صور عديدة عن بطلات بحجم ليلى خالد وأشرقت القطناني. رجاله مدارس في المقاومة والبطولة: جورج حبش، يحيى عياش، عز الدين القسام، باسل الأعرج.. والف الف اسم وحكاية. وأطفاله، سر البيت وانعكاس تربيته الأصدق، في كل يوم يخوضون المعركة، يضعون طفولتهم واحلامهم جانبا، يكبرون بلمح القلب، يصبحون فدائيين، ويعدون البلد، البلد الجميل، بأنهم سيستعيدون طفولتهم يوم يستعيدون ارضهم.

هؤلاء الأطفال، الذين هم أصدق من كل الكبار واقدر على تمييز الصواب من الخيانة، الأكثر ارتباطا بالأرض من كل من حاولوا المساومة عليها، هؤلاء الذين سلبهم الاحتلال طفولتهم كما سلب أرضهم وبيوتهم، هؤلاء الأبناء والبنات الأوفياء حد الشهادة وحد الأسر، هؤلاء الحقيقيون في مواجهة زيف بعض الكبار في بيتهم، وفي مواجهة المحتل المدجج بعتاده وبالدعم العالمي، هم فلسطين.. فلسطين التي هي محجة كل مقاوم. هؤلاء حجتنا على الكون بأسره بأن الفعل المقاوم هو أخلاق وتربية وفطرة قبل أن يكون تكتيكا وسلاحاً.
أطفال فلسطين، على لسان عهد التميمي قالوا للمحتل "مفكر حالك إذا لابس درع وحامل سلاح بتخوّف الفلسطينية؟؟" وشكروا "الحاج قاسم" على حبه الصادق لفلسطين، لأنه أكثر وعيا بحقيقة التمييز بين من يحبهم، ومن يتاجر بهم. فالاطفال، دائما، يجيدون تمييز المحبين.

المصدر: خاص شاهد نيوز

المقالات الواردة في الموقع تعبر عن آراء أصحابها ولا تعبر عن رأي إدارة الموقع