ركزت الصحف اللبنانية الصادرة السبت على تطورات الاراضي الفلسطينية المحتلة في جمعة الغضب الرابعة بوجه قرار ترامب، وعلى آخر التطورات السورية. وفي الشأن المحلي استمرار التركيز على الازمة بين بعبدا وعين التينة حول مرسوم ترقية الضباط.

 

الأخبار

عام سقوط «داعش»: تحولات عسكريّة كبرى… و«ستاتيكو» سياسي

شهد العام المنصرم حدثاً مفصليّاً في سوريا، هو تقويض الوجود العسكري لتنظيم «داعش». ما أسفر في الوقت نفسه عن ازدياد المساحة الخاضعة لسلطة الحكومة السورية، وازدياد رقعة سيطرة «قسد». في مقابل انحسار كبير لمناطق سيطرة المجموعات المسلّحة وانخفاضٍ ملحوظٍ لتأثيرها العسكري. على أنّ التطورات العسكريّة لم تواكب بتحول يُذكر في المشهد السياسي، ليبقى الملف السوري مفتوحاً على احتمالاتٍ كثيرة لا سيّما في شمال وشرق البلاد

صهيب عنجريني

تودّع الحرب السوريّة عاماً حافلاً بالتطورات الميدانيّة الفارقة، من دون أن يشكّل ذلك اختراقاً ملموساً في المسار الدائري للأزمة السياسيّة. وعلى الرغم من أنّ «لعبة التصريحات» أوحت غيرَ مرّة بوجود تحوّل هنا أو اختراق هناك، لكنّ مواقف اللاعبين المؤثّرين فعليّاً في المشهد ما زالت على الأرجح عالقةً عند عُقدٍ بعينِها (في ظاهر الصورة على الأقل).

وعلى نحو مماثل للسنوات الخمس الماضية بدا أنّ الجملة الأصلح لإيجاز صورة العام 2017 هي «لا صوت يعلو فوق صوت المعركة». ولا ينطبق ذلك على المجريات العسكريّة فحسب، بل يتعدّاها إلى مشهد الاتفاقات والهُدن والمؤتمرات. ففي حين بدت لقاءات «جنيف» أقرب إلى حلقاتٍ بلا أحداث مؤثّرة من مسلسلٍ باهت، نجحت لقاءات «أستانا» بإحداث أثرٍ واضحٍ على صعيد تضييق رُقعِ المعارك وخفض قعقعة السلاح. ورغم الخروقات والتجاوزات التي طاولتها، سمحت اتفاقات «خفض التصعيد» بعمومها في توجيه البوصلة الأساسيّة نحو تقويض الوجود الملموس لسلطة تنظيم «داعش»، وإقصائه من الخارطة العسكريّة للبلاد.

وأفلح الجيش السوري وحلفاؤه في جني ثمارٍ عسكريّة كبيرة، لم تقتصر على تحرير مساحات شاسعة من قبضة «داعش» فحسب، بل تعدّتها إلى تحصيل متكسبات استراتيجيّة على حساب بقيّة المجموعات المسلّحة التي انخفضت قدرتها على تهديد مناطق سيطرة الدولة السوريّة على معظم الجبهات. وفيما كان تنطّع المجموعات المسلّحة لفتح معارك هجوميّة أمراً مألوفاً قبل عامين، ووارداً خلال عام 2016، صار الأمر في العام الأخير أشبه بمحاولات طارئة ومحكومة بالفشل مسبقاً أو بإحداث خروقات مؤقتّة في «أفضل الأحوال». العام المنصرم كان مسرحاً لواحدة من أضخم المعارك على امتداد الحرب (إن لم تكن أضخمها) لجهة حجم رقعة المعارك، وهي معركة البادية السوريّة التي مكّنت الجيش وحلفاءه من استعادة السيطرة على مناطق في أرياف خمس محافظات (حمص، حماة، حلب، الرقّة، ودير الزور)، وصولاً إلى الحدود الجنوبيّة مع الأردن عبر ريف محافظة السويداء. وفيما استهلّت القوات السورية العام المنصرم مُدافعةً عن وجودها في دير الزور التي تعرّضت منتصف كانون الثاني لهجوم كبيرٍ شنّه «داعش»، انهمكت في الربع الأخير من العام بفك حصار المدينة ثم تحريرها وكسر «الخطوط الأميركيّة الحمراء» في ما يخص مدينتي الميادين والبوكمال (ريف دير الزور الجنوبي). وكان الوصول إلى الحدود العراقيّة واحداً من أبرز إنجازات الجيش وحلفائه ومفتاحاً لتحولات استراتيجية في مشهد الحرب برمّتها. لكنّ «الخطوط» المذكورة فرضَت وجودها في ما يتعلّق بالحقول النفطيّة شرق الفرات، بعد تفاهمات غير معلنة بين موسكو وواشنطن، ضمنت الأخيرة بموجبها لـ«قوات سوريا الديمقراطيّة» (الذراع البرية لـ«التحالف الدولي») السيطرة على اثنين من أكبر موارد الطاقة في سوريا: حقل العمر النفطي، وحقل كونيكو الغازي.

وحصدت «قسد» بدورها نصيباً كبيراً من «تركة داعش»، لتوسّع مناطق سيطرتها بصورة غير مسبوقة. وأفضى خروج التنظيم الإرهابي من المعادلة الميدانيّة إلى وضع العلاقة بين دمشق و«قسد» أمام امتحانٍ حاسمٍ لا تبدو الخيارات فيه كثيرة بل تكاد تقتصر على اثنين: حرب طاحنة، أو اتفاق تاريخي. ويمثّل ملفّ «قسد» ومناطق سيطرتها واحداً من أبرز العناوين الإشكاليّة لعام 2018، مع ما ينطوي عليه هذا الملف من احتمالات شائكة تزيد من تعقيدها تهديدات أنقرة المستمرّة باستغلال قضيّة «الخطر الكردي» لتوسيع رقعة المناطق التي تحتلّها تركيّا في الشمال السوري. ويُضاف إلى ذلك التأثير الأميركي الكبير النابع عن «تحالف» ما زال (حتى الآن) يبدو متيناً مع «قسد»، ويضمن نفوذاً أميركيّاً كبيراً في مساحة تقارب ثلث مساحة البلاد «محميّاً» بحضور عسكري مباشر تُعبر عنه قواعد أميركيّة ومطارات. وإلى جانب ملف «قسد» يفرض ملفّ محافظة إدلب نفسه على المرحلة التالية، مع الأخذ في عين الاعتبار حجم التعقيدات (الميدانيّة والسياسيّة) لهذا الملف. وعلى امتداد السنوات الثلاث الماضية تحولت المحافظة الشمالية بشكل تدريجي إلى ما يشبه «مصفاة» للحرب.

ورغم الحراك المستمر في إدلب، غير أن ظروف «المعركة الكبرى» لا تبدو ناضجةً فيها بعد، بفعل عوامل عدّة من بينها عدم وضوح النوايا الأميركيّة بشأنها. وتحضر في إدلب معظم المجموعات المسلّحة التي لم تخرج من «الخدمة» بعد، بما فيها مجموعاتٌ مصّنفةٌ إرهابيّة على مستوىً دولي («جبهة النصرة»، «الحزب الإسلامي التركستاني»، «تنظيم القاعدة»). ويبدو حضور «الإرهاب» فيها صالحاً للتحول إلى حاملٍ لأيّ انخراط أميركي مباشر. علاوة على ذلك، يبرز سعي أنقرة إلى تعقيد المشهد عبر ربط ملف إدلب بملف عفرين (وربمّا منبج). وأفلحت أنقرة في ضمان موطئ قدم مباشر لها في إدلب من دون إطلاق طلقة واحدة، لتضمّها بذلك إلى مناطق «درع الفرات» في ريف حلب الشمالي، بوصفهما مُنطلقين لتأُثير جوهريّ في السيناريوات المستقبليّة. ووسط هذه المعمعمة، حافظت «المعارضة السياسيّة» على كونها «الحلقة الأضعف» في المشهد بأكمله. ولم يخرج أداء الكيانات المعارضة في خلال العام المنصرم عن المعهود، واستمرّ أشبه بمرآة تعكس تأثير الرغبات الإقليميّة والدوليّة فحسب.

 

«جمعة غضب» رابعة… والمقاومة تخرّب حفلاً للمستوطنين

في الوقت الذي يحاول فيه العدو الإسرائيلي تظهير قضية أسراه الجنود في غزة، قررت المقاومة توجيه رسائل إليه على عدة مستويات. وفيما فاجأت المستوطنين أمس صفارات الإنذار التي أظهرت مدى رعبهم وخربت احتفاليتهم على الحدود مع القطاع، شهدت هذه الحدود ومناطق الضفة والقدس اشتباكات عنيفة في الجمعة الرابعة للغضب على القرار الأميركي الأخير

أظهر مقطع مصور حالة الهلع التي أصيب بها إسرائيليون كانوا ينظمون حفلاً على حدود قطاع غزة من جانب فلسطين المحتلة أقيم لإحياء ذكرى ميلاد شاؤول أرون، وهو أحد الجنود الأسرى لدى المقاومة الفلسطينية في غزة، وذلك بعدما انطلقت صفارات الإنذار الإسرائيلية عقب إطلاق صاروخ من القطاع.

وكان من الذين ظهروا في المقطع وهم منبطحون على الأرض من الخوف عضو الكنيست أرون حزان، الذي كان قد اقتحم، الاثنين الماضي، حافلة تقل أهالي الأسرى الغزيين أثناء ذهابهم لزيارة أبنائهم، واعتدى على أمهات الأسرى بألفاظ نابية. وقال حزان: «شاركت اليوم في حفل عيد ميلاد أورون شاؤول الـ24، لكن فصائل غزة المسلحة عمدت إلى تخريب الحفل، لذلك بدلاً من أن نوقف الحفل علينا القضاء على الفصائل في غزة». كذلك قال عضو الكنيست عومر بارليف: «عايشنا اليوم الوضع القاسي في غلاف غزة خلال الاحتفال، وعرفنا أننا لا نستطيع أن نهرب من الخوف على حياتنا». وأضاف بارليف: «لا ينبغي التسامح مع هذا الوضع ولا يمكن إسرائيل أن تواصل الصمت على إطلاق الصواريخ من غزة، ويجب أن يكون الرد هذه المرة أكثر حدة بهدف استعادة الردع».
ومباشرة، قصفت ظهر أمس المدفعية الإسرائيلية عدة أهداف شرق مدينة غزة ودير البلح وسط القطاع، دون أن يبلغ عن وقوع إصابات. واستهدف القصف المدفعي شرق الشجاعية نقطة رصد للمقاومة، وأرضاً زراعية شرق دير البلح، وذلك بعدما نقلت وسائل إعلام عبرية أن منظومة «القبة الحديدية» الدفاعية اعترضت ثلاثة صواريخ من غزة. وذكرت وسائل عبرية أنه منذ إعلان الرئيس الأميركي، دونالد ترامب بشأن القدس، انطلق من غزة أكثر من 38 صاروخاً نحو التجمعات الاستيطانية المحاذية للقطاع، وأن 18 من هذه الصواريخ تخطّت الحدود ونجحت «القبة الحديدية» في اعتراض 6 منها.

وبينما كان الإعلام الإسرائيلي يغطي تبعات ما حدث على الحدود، كان المتظاهرون الفلسطينيون في كل من الضفة والقدس والحدود بين غزة وفلسطين المحتلة يخوضون مواجهات عنيفة مع جنود العدو، أوقعت 170 إصابة في القطاع وأكثر من 130 إصابة في الضفة. ففي غزة أصيب 50 شخصاً بجراح مختلفة جراء الأعيرة النارية المباشرة، منها 5 إصابات في حالة خطرة بسبب دخول الرصاص في مناطق البطن والرأس والصدر والحوض، فيما أصيب 120 مواطناً اختناقاً بالغاز وعولجوا ميدانياً. ووفق مصادر صحافية، انتشر قناصة إسرائيليون قرب بلدة عبسان الجديدة، جنوبي القطاع، ولوحظ في مدينة رفح (جنوب) تجمع للجيبات الإسرائيلية مقابل المتظاهرين.
أما في الضفة، فقالت «جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني»، إن طواقمها تعاملت مع 133 مصاباً، بينهم 4 بالرصاص الحي، و45 بالرصاص المطاطي، و7 إثر السقوط، و77 بحالات اختناق جراء استنشاق الغاز المسيل للدموع، في مناطق عدة في الضفة، منها المدخل الشمالي لمدينة بيت لحم (جنوب) وباب الزاوية وسط الخليل (جنوب)، وعلى المدخل الشمالي لمدينتي رام الله والبيرة (وسط)، وفي محافظة نابلس (شمال)، واندلعت مواجهات على حاجز حوارة، وعلى مدخل بلدتي اللبن الشرقية، وبيتا جنوبي المدينة. أيضاً اندلعت مواجهات في بلدات النبي صالح، وبلعين، ونعلين، وبدرس، غربي رام الله، وفي بلدات كفر قدوم، وعزون، شرقي قلقيلية (شمال)، وعلى المدخل الغربي لمدينة طولكرم (شمال).
على صعيد آخر، أكد عضو المكتب السياسي في حركة «حماس»، صلاح البردويل، أن الحركة «متمسكة بالمصالحة وماضية فيها ومستعدة لدفع كل تبعاتها»، لكنه شدد على أن «حكومة الوفاق الوطني تسلمت مهماتها كافة في غزة، وهي التي تدير القطاع… والحديث عن حكومة موازية لحماس لا أساس له من الصحة في شيء». وأضاف البردويل في تصريح أمس: «كل الملفات التي اتفقنا عليها في اتفاق القاهرة من الحكومة والموظفين والمصالحة المجتمعية وغيرها، يجري تنفيذها على الأرض، ويمكن الفصائل التي شاركت في اجتماعات القاهرة، وللمصريين أنفسهم أن يكون شهداء على ذلك»، لكنه أشار إلى أن «المصالحة تتعثر مرة أخرى بفعل ضغوط أميركية وإسرائيلية وعربية».

 

البناء
انتفاضة فلسطين تسجّل جمعة الغضب الرابعة… وتل أبيب: حلف لزعزعة الاستقرار في إيران
ترحيل مسلّحي النصرة من بيت جن… والجيش السوري يتقدّم في أرياف حماة وإدلب
الأزمة الرئاسية مفتوحة على العام الجديد… لا وساطات… ولا مؤشرات حلول قريبة

في مؤشرات جديدة على نقلة نوعية في العلاقات الأميركية التركية على خلفية دور تركي متوقع في لجم الانتفاضة الفلسطينية وترويض قوى المقاومة، أعلنت أنقرة عن عودة التعاون إلى الأقنية الأمنية والاستخبارية التركية الأميركية تحت عنوان «الحاجة للتنسيق في مواجهة عناصر داعش الذين فرّوا من سورية نحو تركيا والذين يُقدّر عددهم بثلاثة آلاف، بينهم مئات الأجانب»، بينما كانت الانتفاضة الفلسطينية تثبت حضورها في مواجهة شرطة الاحتلال وتوحّش آلة القمع في المحاكم والشوارع. وقد سجّلت جمعة الغضب الرابعة مواجهات حاشدة في شرق غزة ورام الله وبيت لحم وأريحا، وامتدت إلى الخليل ونابلس وقلنديا، مع سيطرة القلق على الدوائر «الإسرائيلية».

كما عبّرت القناة العاشرة «الإسرائيلية» بالكشف عن «اتفاق سرّي عُقد بين الولايات المتحدة و«إسرائيل» في البيت الأبيض تمحور حول استراتيجية جديدة مشتركة بين البلدين لاحتواء إيران في المنطقة»، موضحةً أنّ «وفداً إسرائيلياً رفيع المستوى برئاسة مستشار الأمن القومي مئير بن شباط قام بزيارة واشنطن في 12 تشرين الثاني الماضي والتقى خلاله مسؤولين أميركيين في وزارة الدفاع الأميركية و الاستخبارات الأميركية برئاسة مستشار الأمن القومي الأميركي هربرت ماكماستر»، فيما ربطت مصادر متابعة الكلام «الإسرائيلي» بحجم المواكبة الإعلامية التي ترافق الأحداث الجارية في بعض المدن الإيرانية على خلفية قضايا مطلبية ويتمّ تقديمها كعلامات على حراك سياسي يستعيد صورة ما عُرف بالثورة الخضراء عام 2009 التي قادها رئيس الحكومة السابق مير حسن موسوي والتي لم تُخفِ واشنطن ودول الخليج دعمهم لها، بينما نقلت وسائل الإعلام الأميركية والخليجية عن التحرّكات التي شهدتها مدينة مشهد شعارات تتصل بدعم إيران لقوى المقاومة والقضية الفلسطينية ما يضعها في دائرة التساؤل حول صلتها بالبرامج التي تحدّث عنها «الإسرائيليون» تحت شعار «احتواء إيران»، والمقصود بالطبع هو إرباكها.

في سورية تراجع الزخم السياسي لمحادثات جنيف وفرص تحقيقها تقدّماً في جولات جديدة في ظلّ موقف أميركي معطل لمفهوم التسوية السياسية، عبّر عنه وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس بمواقف جديدة تعكس مزيداً من التورّط العسكري في سورية، بإعلانه زيادة العاملين المدنيين لدى القوات المسلحة الأميركية في سورية، وهو المصطلح المستخدم في وزارة الدفاع الأميركية لبناء تشكيلات مسلّحة سورية، وفي استقدام مرتزقة من خارج القوات النظامية، ليتوجّه في موقف آخر للقيادتين الروسية والسورية ناصحاً بعدم الاقتراب من وادي الفرات، معتبراً أنّ ذلك سيكون «غلطة كبيرة»، ملوّحاً بالتحرك في مناطق سيطرة الجيش السوري في حال حصول ذلك بقوله «نحن لن نتعقّب داعش في مناطق سيطرة النظام».

المناخ الجديد فرض نفسه على الميدان السوري بالمزيد من التركيز على حسم البؤر التي تسيطر عليها جبهة النصرة التي تعتبرها موسكو ودمشق تحت الرعاية الأميركية التركية «الإسرائيلية»، ففي الجنوب أُنجز ترحيل عناصر النصرة إلى إدلب بعد اتفاق بيت جن الذي أبرم في ظلّ التقدّم النوعي للجيش السوري على جبهات القتال في سفوح جبل الشيخ واعتبرتها «إسرائيل» انتكاسة استراتيجية، بينما شمالاً تحدّثت مصادر الجماعات المسلحة على صفحاتها عن تقدم سريع للجيش السوري وحلفائه في ثماني قرى وبلدات في ريف حماة وريف إدلب، على حساب مواقع تسيطر عليها جبهة النصرة، في ظلّ اتهامات متبادلة بين الجماعات المسلحة بالخيانات.

لبنانياً، تبدو الأزمة الرئاسية مفتوحة، حيث تراكمت المراسيم المعلّقة على المراسيم المعلّقة، والكلام الدستوري على الكلام السياسي، وبدا أنّ الأزمة تنذر بما هو أصعب ما لم يتداركها طرفاها المباشران في بعبدا وعين التينة، مع انعدام الوساطات، وعجز ما سبق منها عن إحداث اختراق، وعدم وجود مؤشرات على حلحلة قريبة.

الأزمة مفتوحة و«أمل» تلوّح بمقاطعة الحكومة

لم تسجّل أزمة مرسوم «الضباط» أمس، أي تطوّر إيجابي، حيث سترحّل الى العام الجديد مع مزيدٍ من التصعيد وسط استبعاد حصول مفاجأة خلال الأيام القليلة المتبقية من العام الحالي، مع دخول البلاد منذ اليوم في عطلة عيد رأس السنة الميلادية.

وقد أظهرت مواقف أطراف الخلاف أمس، تباعداً الى جانب تفاعل وتداخل الاشتباك بين السياسي والدستوري والقانوني قد تطال تداعياته مجلس الوزراء مع تلويح حركة أمل بمقاطعة جلسات الحكومة كإحدى أدوات المواجهة لتصحيح المرسوم وقوننته، حيث أشار وزير المال علي حسن خليل بأن «الحركة لم تحسم قرارها بعد بشأن المشاركة في الحكومة وأن لا تراجع في عين التينة ووزارة المال في ملف ضباط دورة عون والمواجهة مفتوحة».

ولفت خليل ، في حديث لقناة «أن بي أن» إلى أن «مفتاح الحل في ملف مرسوم ضباط دورة عون هو العودةُ عن المخالفة الدستور ية وإصدار مرسوم حسب الأصول ممهوراً بتوقيع وزير المال الى جانب التواقيع الأخرى»، لافتاً الى اننا «بذلك نكون قد عالجنا 95 في المئة من الأزمة، اما الـ 5 في المئة الباقية، فيمكن نقاشها». وشدّد على أنه «لا يوافق رئيس الحكومة سعد الحريري في قوله إن المشكلة صغيرة، فالأزمة تتعلق بتطبيق الدستور وفي الدستور لا حلول وسط، ولا وجهات نظر والحريري عليه مسؤولية كرئيس حكومة وبحكم توقيعه على مرسوم ضباط دورة عون».

وفي سياق ذلك، تؤكد مصادر مطلعة على موقف عين التينة لـ «البناء» أن «الخلاف ليس سياسياً، كما قال رئيس الجمهورية، وإلا فليعلنوا أين يتجلى هذا الخلاف السياسي، وفي أي مواضع ومواقع؟»، مشيرة الى أن «الخلاف دستوري وميثاقي بحت وتحديداً في المادة 54 من الدستور، وهذا ما أكده أكثر من مرجع ومصدر دستوري وميثاقي مشهود لهم ومن مختلف الانتماءات السياسية»، لكن رغم اشتداد الأزمة فإن عين التينة، بحسب المصادر، متفائلة بالخير وببركة الأعياد المجيدة، وتؤمن بأن «أي أزمة مهما طال أمدها فستجد طريقها الى الحل في النهاية»، وتلفت الى أن «المساعي مستمرة ولم تتوقف، لكنها لم تسجل تقدماً حتى الآن وهناك أفكار عدة تطرح وتناقش ورئيس المجلس منفتح على أي حل ضمن الأطر الدستورية والميثاقية»، وتشير الى أن «توقيع وزير المال على المرسوم أحد الحلول أو العودة الى اقتراح القانون في المجلس النيابي».

 

الجمهورية

الأزمة الرئاسية تستقبل السنة الجديدة مشــفوعةً بمراسيم «حفظ الحقوق»

ساعات معدودة ويستقبل لبنان السنة الجديدة التي يتوقع ان تكون «سنة التحولات» مودعاً سنة كانت حافلة بمفاجآت واحداث سياسية وامنية خطيرة، كان أبرزها استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري ثم العودة عنها بعد توافق المكونات الحكومية على طبعة منقحة لسياسة «النأي بالنفس»، وكان يمكن القول انّ السنة التي تأفل كانت سنة الانجاز بامتياز لو لم ينغّصها الخلاف الدائر حاليا بين رئاستي الجمهورية ومجلس النواب، حول ما اصطلِح على تسميته «مرسوم الاقدمية» لضبّاط دورة 1994، وهو خلاف يتخطى الجانب التقني ليأخذ ابعاداً سياسية وقانونية ودستورية، فيما يتحدّث البعض عن ابعاد أخرى تتصل بمرحلتي ما قبل الانتخابات النيابية المقررة في ايار المقبل وما بعدها.

وفيما تصدّرَ الإنجازات التي حفلت بها السنة الجارية قانون الانتخاب النيابي الجديد واقرار مراسيم التنقيب عن النفط والغاز وانتاجهما واقرار الموازنة العامة للدولة، وتحرير جرود عرسال ورأس بعلبك من الارهابيين، يستعد لبنان لاستحقاق اجراء الانتخابات النيابية في ايار المقبل، كذلك يستعدّ لاستقبال الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في نيسان.

إلّا انّ سنة 2017 التي أبت إلّا ان تسجّل في ساعاتها الاخيرة، نهاية دموية جديدة حيث ضرب الارهاب مجدداً في مصر مستهدفاً كنيسة جنوب القاهرة حاصداً عدداً من القتلى والجرحى، أقفلت لبنانياً على استمرار التدهور في العلاقات الرئاسية وارتفاع في حدّة المواجهة بين الرئاستين الاولى والثانية بفِعل استمرار ازمة «مرسوم الاقدمية» وفشلِ المساعي في اجتراح حلّ وتضييق هوّة الشرخ بين قصر بعبدا وعين التينة، في وقتٍ سُجّل تطوّر لافت مساءً تمثَّل في توقيع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مراسيم إدراج ضباط الامن الداخلي والامن العام والجمارك وأمن الدولة على جداول الترقية الى رتبٍ أعلى لسنة 2018.

وعلمت «الجمهورية» انّ مجلس الوزراء سيجتمع الخميس المقبل، على ان يوزّع جدول اعمال جلسته التي أعدّ رئيس الحكومة مسوّدتها، بعد العيد مباشرة.

عون يوقّع مراسيم

وفي آخر يوم عمل من سنة 2017 أصدر مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية البيان الآتي:

«وقّع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بعد ظهر اليوم (أمس)، مراسيم ادراج اسماء ضباط في قوى الامن الداخلي والامن العام والضابطة الجمركية والمديرية العامة لامن الدولة، على جداول الترقية الى رتبة أعلى للعام 2018. وحملت المراسيم، التي اقترنت بتوقيع رئيس الحكومة ووزيرَي الداخلية والمالية، الارقام الاتية: 2124-2125-2126-2127-2128-2129 تاريخ 29/12/2017.

وأتى توقيع الرئيس عون مراسيم القيد على جداول الترقية لضباط الاسلاك الامنية والعسكرية حفاظاً على حقوق هؤلاء في الترقية بعد ان صَدر قرار عن وزير الدفاع الوطني يعقوب الصراف بقيد ضباط في الجيش للترقية الى رتبة اعلى لعام 2018، وذلك عملاً باحكام الفقرتين 4 و 5 من المادة 48 من قانون الدفاع الوطني الرقم 102/1983 وتعديلاته. علماً انّ هذه المراسيم، كما قرار وزير الدفاع الوطني تُنشىء حقاً لهؤلاء الضباط في الترقية، والتي يتمّ اعلانها بموجب مراسيم تصدر لاحقاً».

أسباب التوقيع

وليلاً أوضحت مصادر وزارية معنية أنّ التدبير الذي اتّخذه عون «جاء نتيجة رفضِ وزير المال علي حسن خليل توقيعَ المراسيم الخاصة لضبّاط الجيش بسبب شمولهم أسماءَ ضباط الدورة التي حملت اسم دورة «الانصهار الوطني» العام 1994 على خلفية رفضِه المرسومَ الذي اعطاهم قِدما لعام واحد يستحقّونه بدلاً من عامين، الامر الذي كان سيؤدي الى انقضاء المهلة القانونية لتوقيع مراسيم الترقية لضباط الاسلاك الامنية كافة مع نهاية السنة، وهو امر يحفظ حقوقهم في الترقية من 1/ 1/ 2018 في اللحظة التي يصدر فيها مرسوم الترقية ولو بعد أيام او شهر او اكثر ولا حاجة عندها الى قانون يحمي هذا الحق.

ولذلك فإنّ لجوء رئيس الجمهورية الى توقيع «مراسيم القيد» هو لحفظِ حقوق هؤلاء الضباط كافة بالترقية، إذ لا يجوز التمييز في الترقية في توقيتٍ موحّد بين ضباط الجيش من جهة وضباط قوى الأمن الداخلي والأمن العام وأمن الدولة وهم من متخرّجي الدورة عينها في المدرسة الحربية قبل التحاقِهم بأجهزتهم.

ولذلك فإنّ الضباط الذين رفض وزير المال توقيعَ مرسوم ترقيتهم سيحتفظون بكلّ حقوقهم لمجرد ان يدرج وزير الدفاع اسماءَهم للترقية الى رتبة اعلى استناداً الى نص المادة 48 من قانون الدفاع التي تجيز له اصدارَ وتعميم قرار بقيد الضباط حتى رتبة عميد على جدول الترقية خلال كانون الاول وحزيران من كل عام، وهو ما يُكسبهم في الحالتين حقّهم في الترقية الى رتبة اعلى مهما تأخّر صدور مرسوم الترقيات لأيّ سبب كان».

الدفاع

وعلمت «الجمهورية» انّ قيادة الجيش رفضت تسَلّم المراسيم التي ردّها وزير المال الى وزارة الدفاع بعدما رفضَ توقيعها للأسباب المعروفة وطلبَت اليه عبر وزير الدفاع تقديمَ اجوبة مكتوبة عن الأسباب والظروف التي تبرّر هذا القرار، لأنها لا تكتفي بتقديمِ هذه الأسباب شفوياً او عبر وسائل الإعلام.

في الموازاة، قالت مصادر متابعة للأزمة لـ«الجمهورية»: «لا حلّ قريباً على ما يبدو بحسب المعطيات، والأزمة ستكون مفتوحة على مصراعيها مع مطلع السنة المقبلة، خصوصاً اذا تعاطت وزارة الدفاع مع الترقيات على انّها امر واقع ولم تستجِب الى كتاب وزير المال الذي يطلب فيه افادته بالأسس القانونية بترقية عدد من الضباط من دون استيفاء الشروط وفق سنوات الخدمة على اساس انّ مرسوم الاقدميات لم تتبلغ فيه وزارة المالية».

وإذ اعتبَرت المصادر «انّ الإقدام على خطوة كهذه يعني بلوغ الازمة الخطوطَ الحمر»، قال مصدر وزاري معني «إنّ هذا الاجراء غير واقعي فلا شيء اسمُه ترقية أمر واقع لأنّ المرسوم عندما يصبح نافذاً يعني انّ الترقيات قد تمّت».

واكّدت «انّ توقيع رئيس الجمهورية هو التوقيع الاخير على المرسوم الذي يصبح في حكم النافذ. امّا الإشكاليات الاخرى فمعالجتها في السياسة، وبالتالي لا بدّ من الوصول الى حلّ على قاعدة «لا يموت الديب ولا يفنى الغنم»، فهذه السنة هي سنة الإنجازات العجائبية والتي سجّل فيها الجيش ذروتها، فلن تضيع بإشكاليات تحلّ بعيداً من العناد، خصوصاً وأنّ الامر يتعلق بالجيش والمؤسسة العسكرية التي يجب ان تبقى دائماً فوق كل التجاذبات».

اللواء
نهاية 2017: «ربط نزاع» مفتوح بين عون وبري

هل عولج 95٪ من أزمة مرسوم الترقيات لضباط دورة 1994؟ ولم يبق سوى 5٪ فقط، ذات صلة بالحاجة إلى توقيع وزير المال علي حسن خليل؟ المؤكد ان «الازمة» في طريقها إلى العبور من «تلاطم المواقف» إلى برّ أمان المعالجة، وفقاً لما يصرّ طرفا الأزمة، عبر الدستور واحترامه لا سيما المادة 54.
في خضم ذهاب كل فريق (بعبدا وعين التينة) للدفاع عن موقفيهما بما هو متاح من مساحة هواء أو على ورق الصحف التي ما تزال تصدر، علي الرغم من الانتكاسات المتتالية لأم الصحافة والإعلام (الجريدة المطبوعة)، طرأ تطوّر على الموقف، تعدى انتقاد موقف الرئيس سعد الحريري، إلى حدّ ان وزير المال علي حسن خليل، أعلن امس ان «لا تراجع في عين التينة بملف ضباط «دورة عون» والمواجهة مفتوحة، ولم تحدد (كحركة امل) موقفاً من المشاركة في الحكومة»، مشيراً إلى ان «رئيس الحكومة سعد الحريري عليه مسؤولية بحكم توقيعه على مرسوم ضباط الدورة».
ووفقاً لمصادر مطلعة فإن اتصالاً سيتم بين الرئيسين عون وبري في الأعياد للتهنئة، مشيرة إلى ان قضية مراسيم ترقيات «دورة عون» هدأت، وان المعالجة ممكنة في السنة المقبلة، مستبعدة اقدام الرئيس برّي على سحب وزرائه من الحكومة.

مراسيم حفظ حقوق العسكريين
وفي تقدير مصادر سياسية، ان توقيع الرئيس عون على مراسيم ادراج أسماء ضباط في قوى الأمن الداخلي والأمن العام والضابطة الجمركية والمديرية العامة لأمن الدولة على جداول الترقية إلى رتبة أعلى للعام 2018، خطوة ليست منفصلة عن أزمة مرسوم الاقدمية لضباط «دورة عون»، وان كانت شبيهة بـ«ربط نزاع» إلى حين إيجاد حل لمشكلة المرسوم الخلافي، لا سيما وأن مراسيم جداول الترقية والتي اقترنت بتوقيع رئيس مجلس الوزراء ووزيري الداخلية والمالية، وحملت الأرقام الآتية: 2124 و2125 و2126 و2127 و2128 و2019 بتاريخ أمس، لم تشمل مراسيم ترقيات ضباط الجيش التي ما تزال عالقة تحت تأثير الخلاف الناشب بين الرئاستين الأولى والثانية، وان كانت مضمونة بحسب تأكيدات أكثر من مرجع رسمي وعسكري.
وأوضح مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية في بيان ان «توقيع الرئيس عون مراسيم القيد على جداول الترقية لضباط الاسلاك الامنية والعسكرية حفاظاً على حقوق هؤلاء في الترقية، بعد ان صدر قرار عن وزير الدفاع الوطني يعقوب الصراف بقيد ضباط في الجيش للترقية الى رتبة اعلى لعام 2018، وذلك عملاً باحكام الفقرتين 4 و 5 من المادة 48 من قانون الدفاع الوطني الرقم 102/1983 وتعديلاته. علماً ان هذه المراسيم، كما قرار وزير الدفاع الوطني تنشىء حقاً لهؤلاء الضباط في الترقية، والتي يتم اعلانها بموجب مراسيم تصدر لاحقاً».
وذكرت مصادر القصر الجمهوري ان الرئيس عون درس مع عدد من القانونيين الاجراءات الممكن اتخاذها ضمن صلاحياته من اجل ضمان حفظ حقوق الضباط المعنيين بمرسوم الترقيات من دورة العام 1994 بالتعويضات المستحقة لرتبة اعلى اعتبارا من اول كانون الثاني 2018، خوفا من ان تسقط حقوقهم مع نهاية المهلة القانونية للترقية غدا الاحد في 31 كانون اول من العام الحالي فيصبح لزاما اصدار الترقيات بموجب قانون عن مجلس النواب، على ان تصدر الترقيات كالعادة في اول السنة الجديدة. بانتظار حل مشكلة توقيع وزير المال على مرسوم الاقدمية لضباط الدورة.
واوضحت ان الرئيس عون عمل على مساواة ضباط الاسلاك الامنية التي تصدر ترقياتها بموجب مراسيم بعد وضع الاسماء على جدول قيد الترقية، بضباط الجيش الذين توضع اسماؤهم على جداول قيد الترقية بموجب قرار من وزير الدفاع، خاصة ان العديد من ضباط الجيش والقوى الامنية هم ابناء دورة واحدة ولا يجوز التمييز بينهم بالترقيات المستحقة. وهو بتوقيعه على مراسيم الامنيين وجداول قيد ترفيع العسكريين حفظ حقوق الجميع من دون تمييز، ولو تأخر صدور مراسيم الترقيات لضباط الجيش.
وذكرت المعلومات ان وزارة الدفاع رفضت تسلم المرسوم الذي رده وزير المال علي حسن خليل المتضمن اسماء ضباط «دورة عون» للترقية من عقيد الى عميد بعدما وقع مرسوم الترقيات من ملازم اول الى مقدم، لأنه لم يُحَل وفق الاصول المعتمدة اي بموجب احالة رسمية برقم وتاريخ. وبالتالي عاد المرسوم الى وزارة المالية. فيما نُسِبَ الى الوزير حسن خليل قوله «انه لن يتراجع عن موقفه وان الامور ذاهبة الى مواجهة».
ولفت خليل الذي لم يتوان، حسب مصادر عين التينة، عن توقيع المرسوم الخاص بترقية الضباط المستحقين للترقية بدءاً من أوّل العام الجديد إلى ان «مفتاح الحل هو العودة عن المخالفة الدستور​ية واصدار مرسوم حسب الأصول ممهوراً بتوقيع وزير المال الى جانب التواقيع الاخرى»، لافتاً الى اننا «بذلك نكون قد عالجنا 95 بالمئة من الأزمة، اما الـ 5% الباقية، فيمكن نقاشها».

المصدر: صحف