لم يجد المتحدث باسم رئيس وزراء إسرائيل المدعو أوفير جندلمان ما يعلق به على الكلام الهام والمفصلي الذي أدلى به السيِّد حسن نصر الله لقناة "الميادين" إلا التطرق إلى راتبه الذي أفصح عنه وهو شديد التواضع مقارنةً مع رواتب الباقين من الحكَّام والساسة في العالم.
ذلك أنَّ تل أبيب "متعودة دايماً" على ثورات الغير من نوع "ثورة" محمود عبَّاس ودحلان وغيرهما من السماسرة، وحتَّى ياسر عرفات (لكنَّه يبقى أفضل من القادة الحاليين بمليون مرة لأنَّه لم يفرِّط بالقدس)، أو على حليفها الجديد بن سلمان الذي اشترى لوحة ويختاً وبيتاً فقط بمليار ونصف مليار دولار.
لكن لم يكن هذا "استهبالاً" من  قبل الناطق باسم نتنياهو عندما تجاهل باقي الحديث الجريء الذي فصله السيِّد حسن والمبادرات التي كشف عنها، لأن ليس لدى العدو ما يقوله إزاء الحقائق التالية:
1- إعلان ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة للاحتلال أنهى عهد التفاوض المزيَّف ومبادرة السلام العربية المكنَّاة بمبادرة فهد واتفاقية أوسلو وغيرهما لأن الجميع بمن فيهم محمود عبَّاس نفسه، لا يمكنهم التخلي عن القدس. وبهذا انتهى الخداع والوهم اللذان التجأت أنظمة الردَّة والعار إليهما من أجل تبرير تقاعسها بل خيانتها في نصرة قضية العرب الأولى.
2- استتباعاً للسبب الأول وعودة الزخم لقضية فلسطين، تم التحام فصائل المقاومة كلها بما فيها حركة "فتح" تحت إطار الانتفاضة الفلسطينية الشعبية والمقاومة بعد فشل الحلول السلمية وكشف وجه المفاوض الاميركي المنحاز. وهذا الالتحام يتم تحت راية محور المقاومة المنتصِرة على الإرهاب التكفيري الذي منبعه الوهَّابية.
3- توسيع بيكار محور المقاومة ليتضمن العراق الأشم وجيشه وحشده الشعبي الباسلين وأيضاً اليمن الجريح البطل بصمود شعبه ضد تحالف العدوان السعودي الجزَّار قاتل الأطفال والمدنيين. وكما وعد السيِّد سابقاً سيأتي المقاتلون من كل حدبٍ وصوب للمشاركة في معركة التحرير الكبرى، غير المقتصِرة هذه المرَّة على إصبع الجليل بل ستصل إلى القدس.
4- محور المقاومة لن يبدأ المعركة العسكرية على الأقل في هذه المرحلة ما لم يطرأ عنصر مفاجئ لكنَّه يعمل ويتحضر لها كأنها ستحدث غداً، فالتحالف الثلاثي الإسرائيلي-السعودي-الأميركي هو الذي سيضطر إلى فتح المعركة لتغيير المعادلة على الأرض بعد يأسه من خرق ثغرة في جدار تصفية القضية رغم قرار ترامب وقرار الكنيست بضم القدس وهما لا فائدة لهما ولا جدوى، ورغم دور بن سلمان في محاولته إنهاء القضية الفلسطينية عبر الضغط على السلطة. وقد ذكَّر السيِّد لمن يهمُّه الأمر أنَّ المقاومة تعرف تماماً نقاط ضعف العدو وثغراته وتل أبيب تعرف بدورها تراكم الخبرات لديها بعد الإنتصار على محور الشر التكفيري، كما بات معلوماً أنَّ الجيش الإسرائيلي المجهز بأحدث الأجهزة المتقدمة في العالم ليس أقوى من "الدواعش". كذلك فإنَّ سلاح طيران إسرائيل الذي يُعتبَر متفوقاً لا يربح حرباً لوحده ومن يدري فقد تكون المقاومة قد وجدت له حلاً على اعتبار إنها تختزن المفاجآت التي لا يعرف عنها العدو شيئاً.
5- تعمد السيِّد التطرق إلى حاويات الأمونيا مرَّةً جديدة لتذكير السكان في الكيان برسالته للمغادرة قبل فوات الأوان، كما تحدث عن عدم شن إسرائيل عدواناً جديداً لأنها مردوعة من سلاح المقاومة. وقبل كلام السيِّد حسن أعلن أحد المواقع الإسرائيلية أنَّ المقاومة صنعت سفينة بحرية مجهَّزة هي من أفضل سفن العالم. وهذا دليل جديد على أنَّ المعركة الكبرى لن يكون قرارها سهلاً على التحالف الثلاثي خصوصاً بعد التلميح الى أن سوريا المنتفضة من تحت الرماد ستكون في قلب المعركة وجبهة الجولان أصبحتْ مفتوحة للمقاومة.
6-طمأن السيِّد الذين عقدوا اجتماع تعاون استراتيجي ضد إيران قبل أيَّام من اندلاع الشغب في شوارع طهران، أنَّ الوضع في إيران ممسوك وأغلبية الشعب الساحقة هي مع خيارات الدولة ولهذا خاب أمل بني سعود الذين جن جنون إعلامهم بالحديث عن ثورة في إيران وحتَّى سقوط النظام فيه بين ليلة وضحاها، معربين عن حبهم للشعب الإيراني كما أحبوا الشعب السوري من قبل، وكذلك فعل سيدهم ترامب وهو الذي منع الإيرانيين من دخول أميركا. أمَّا بنو سعود فقبل أيام فقط تمنوا موت الإيرانيين في الزلازل التي ضربت الجمهورية الإسلامية. لقد أحبطت مشاريع بن سلمان الذي هدد بنقل المعركة إلى طهران، وهو قال ذلك من قبيل العنتريات ليس إلا لأنه ليس بحجم هذا التهديد، كما أحبط من قبل مشروعه لجر لبنان إلى حربٍ أهلية بعد احتجازه وإهانته لسعد الحريري من إخفاق إلى إخفاق، تلك هي السياسات المتسعودة.
7- الرئيس بشَّار الأسد هو أول مساهِم في صناعة النصر في بلده نتيجة التفاف شعبه وجيشه والمقاومة حوله وسيكون له الدور الإقليمي المحوري بامتياز لقيادة محور المقاومة بينما الاغبياء من ساسة لبنان ما زالوا يعيقون إعادة العلاقات الطبيعية مع سوريا.
8- من المستحيل أنَّ يقطن في البيت الأبيض مسؤول آخر كدونالد ترامب من جهة تحويل الولايات المتَّحدة إلى دولة مارقة، ينفر منها الحلفاء قبل الأعداء وهذه فرصة ذهبية لمحور المقاومة لإنهاء الأوهام والانطباعات والقطبية الأحادية التي تولدت بعد الحرب العالمية الثانية.  فأي رئيس في العالم يضع غروره فوق مصالح بلاده الأمنيَّة بل الحيوية الاستراتيجية وقد يؤدي صلفه لموت الملايين؟! أي رئيس يملك عقلاً راشداً يرد على كلام الزر النووي بزر نووي أكبر؟! لكن يبدو أنَّ ترامب عنده عقدة نقص من صغر الحجم كما تبيَّن عندما انفعل بشدَّة بعدما اتهمه منافسه السابق للانتخابات الرئاسية روبيو بصغر حجم يده!

قلنا سابقاً إنَّه رغم المآسي التي حلَّتْ بنا في عام 2017 إلا أنَّ العام الجديد يحمل مؤشرات تفاؤل بالخير بوجود شعب مقاوم ورجال أشداء.

المصدر: خاص شاهد نيوز

المقالات الواردة في الموقع تعبر عن آراء أصحابها ولا تعبر عن رأي إدارة الموقع