يصر آل سعود أن يكونوا أضحوكة العصر، كما هم شرّ بليته. يتخذون، ببراعة مشهود لها، دور الأبله الذي بعد جوع وبعد جفاف امتلك السلطة والمال، فمارس سلطته بالشكل الأكثر سوءا، وبذر ماله في التجارة الأكثر قذارة.. ثم بدأ شيئا فشيئا يفقد سماته البشرية، ويتحول، مع سبق الإصرار، إلى مجرد كائن فاقد للحد الأدنى من الوعي ومن المنطق. وكي يكتمل المشهد، وتتكامل عناصر التفاهة القاتلة، وصل إلى سدة الحكم في البيت الأبيض كائن يوازيهم حماقة وبلاهة.. فتحول التحالف السعودي الأميركي القديم إلى نوع من التوافق الذي وصفه المثل الشعبي بالطنجرة التي "لقيت غطاها" .
بين بن سلمان وترامب علاقة يتكامل فيها الطرفان من جهة، ومن جهة يتنافسان في إبداء الغباء.. فيتفوق ترامب حينا كما حين تباهى ردا على الزعيم الكوري "لدي على مكتبي زرا أكبر من زرك" وأحيانا يفوز عليه بن سلمان كما حين تحدث عن أهمية تقنين النفقات وقفز ليشتري لوحة بملايين الدولارات دون أن يمتلك حتى القدرة على معرفة إلى أي نوع من فنون الرسم تنتمي..
هذان الاحمقان، وهذا التوصيف الموضوعي سياسي غير شخصي، يشكلان، شئنا ام أبينا، جبهة مع الصهاينة في مشروع واحد ومعاد لمشروع المقاومة المتمثل بالجمهورية الإيرانية العظمى وحلفائها.. وتكفي نظرة واحدة وسريعة على العناصر المكونة لكلا المشروعين، كي يتبين لكل عاقل مسار الأمور، وكيف لا يمكن أن يكون النصر الا حليف المقاومين على امتداد أرض الصراع..
لرسم المشهد، يجب أن نضع ال سعود حيث هم.. بكلام آخر، وتبسيطا للأمور، ال سعود هم من جهة أداة بيد الأمريكيين تماما كما الصهاينة.. ولكل من هاتين الأداتين المتشابهتين من حيث الشكل والدور، خصائص وأنماط يوظفها الأميركيون في المكان والزمان اللذين يناسبانهم. يعرف الأميركيون جيدا، سواء في حقبة الأحمق أو قبلها أو بعدها، أن المواجهة العسكرية مع المقاومة سترميهم في أبشع أشكال الهزيمة، وحربهم على العراق تمثل أحدث نموذج لضعف حيلتهم رغم تفوقهم العسكري. لذلك كلفوا الصهاينة بحرب تموز 2006 في لبنان ولذلك أيضا كلفوا ال سعود بالحرب على اليمن.. ال سعود بدورهم، يعرفون أنهم أضعف بكثير من خوض المواجهة رجلا لرجل، فاستأجروا جنودا ومقاتلين، واسسوا مصانع لتصنيع الإرهابيين وتوزيعهم.. وقد رأينا نماذج عن هذه الصناعة في لبنان والعراق ومصر وسوريا وتطول اللائحة..
وحين وصل الأمر بهم، هزيمة تلو هزيمة، إلى اليأس، قرروا خوض القتال الافتراضي ضد رأس حربة مشروع المقاومة: إيران. فكان السيناريو الذي تكرر وفشل في كل مكان تمت فيه تجربته في فيلم سموه "الربيع العربي" .. حاولوا نقل هذا الربيع السام إلى طهران. وللأمانة هنا كشفوا عن غباء يفوق التصور. ظنوا انهم إن تمكنوا من اللعب على شعار الحريات سيتمكنون من قلب النظام الذي ارسته ثورة هي الأكثر تقدمية بين كل نماذج الثورات المعاصرة: النظام الإيراني الذي يقارع قوى الغرب مجتمعة تمكن على سبيل المثال لا الحصر من تربية جيل لا فرق بين نسائه ورجاله في الحقوق والواجبات الا بما يقدمون لبلدهم.. فالمرأة الإيرانية التي اختارت أن تكون عالمة نووية وجدت من دولتها كل الدعم والتحفيز والمساعدة مثلها كمثل الرجل الذي تفوق في الأبحاث الطبية أو في الدراسات الهندسية.. هنا مثلا لا مجال للمقارنة من حيث الحريات والمساواة مع نظام ال سعود الذي سمح مؤخرا للمرأة بقيادة السيارة ولا مع النظام الأمريكي الذي يضطهد ذوي البشرة السوداء ويعتبرهم، رجالا ونساء، مواطنين من الدرجة الثانية.
في هذا الإطار، كان ال سعود خلال التظاهرات المدعومة منهم ضد النظام في إيران يتبجحون بحق الإيرانيين في التظاهر ضد نظامهم، اما الملايين الذين تظاهروا دفاعا عن نظامهم فلا يحق لهم ذلك! وطالبوا أيضا بحق الايرانيات في خلع الحجاب بل وحتى بالتعري في الأماكن العامة فيما الجدل لا زال قائما في قصورهم أن كانت المرأة انسانا أو لا!!
ولتكتمل الكوميديا، شاء القدر أن يتظاهر احد عشر أميرا في قصر الحكم في الرياض اليوم ليكون مصيرهم الاعتقال والسجن على يد فرقة اسمها كما ورد في بعض التقارير "السيف الاجرب". من يدري لو تظاهر عشرة من عامة الناس هناك، لكانوا اليوم في عداد المدفونين أحياء، أو المحروقين، أو مقطوعي الرؤوس.. وآل سعود خبرة في كل هذه الأساليب، التي لقنوها للإرهابيين في كل مكان في العالم..
المهم، بل الأهم، يأتي على لسان المثل الشعبي القائل: الشمس طالعة والناس قاشعة.. وهنا نعني حتما شمس الحق والحرية الحقيقية والإنسانية الصادقة التي يمثلها المشروع المقاوم، وعلى رأسه إيران.. مقابل عتمة الاتجار بالدم وبالبشر وسرقة مقدرات الشعوب والتي تمثلها العصابة التي احد صبيانها بن سلمان..
والناس، كل الناس تعرف هذه الحقيقة جيدا.. ولا ينكرها الا مرتزق أو مأجور.. ولو كان برتبة رئيس وزراء ما، أو ملك!
المقالات الواردة في الموقع تعبر عن آراء أصحابها ولا تعبر عن رأي إدارة الموقع