بعد تنسيق «حُسِدا» عليه خلال أزمة استقالة الرئيس سعد الحريري، نشب خلاف بين الرئيس ميشال عون ورئيس المجلس النيابي نبيه برّي، على خلفية مرسوم ترقية ضباط «دورة عون». خلاف يستعر مع مرور الأسابيع، وتتعطل أمامه كلّ مبادرات الحلّ

أسبوع سياسي جديد بدأ على وقع الخلاف بين الرئاستين الأولى والثانية حول مرسوم الأقدمية لضباط «دورة عون» (ضباط دورة عام 1994). الأمور آيلة إلى التصعيد، ليس حصراً بين الرئيس ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه برّي، اللذين تُعرف علاقتهما بعدم الاستقرار، بل بين برّي ورئيس مجلس الوزراء سعد الحريري أيضاً. فبحسب معلومات «الأخبار»، لا يزال بري يرفض تحديد موعد للحريري، رغم طلب الأخير لقاء الأول منذ أكثر من أسبوع بغية البحث في أزمة المرسوم.

وقد سأل بري الحريري إن كان لديه من جديد أو مبادرة جدية حتى يبحثاها. تجنّب اللقاء مع رئيس الحكومة، مردّه أيضاً إلى أنّ برّي يُحمّله المسؤولية الأولى عن الأزمة، ولا سيّما أنّ الحريري كان قد قطع وعداً لرئيس المجلس بأنه لن يوقّع على المرسوم، قبل أن ينكث به.
حالياً، كلّ المعطيات تُشير إلى غياب أي بادرة حلّ. تؤكد ذلك مصادر في التيار الوطني الحرّ، قالت لـ«الأخبار» إنّ أي طرف من السياسيين المُبادرين «لا يملك حلاً». بالنسبة إلى العونيين، «الحقّ على» الطريقة التي تعامل بها فريق الرئاسة الثانية مع الموضوع، «فلو لم يُضخّم بهذه الطريقة، ويتحول إلى تحدٍّ في الإعلام، ويتوسع للحديث عن الصلاحيات واتفاق الطائف، لكان من الأسهل إيجاد مخرج». وصل الكباش إلى مستوى «أنّه لا عون ولا برّي يقبل أن يتنازل للآخر»، من دون استبعاد أن «تستمر الأزمة حتى الانتخابات النيابية» في أيار المقبل.

أجواء التشنج استُكملت أمس مع البيانين اللذين صدرا عن رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس النواب. فمن جهة بعبدا، تأكيد عون التزامه «الموافقة على الرأي الذي تصدره الجهات القضائية المختصة في شأن المرسوم، والذي يفترض أن يلقى موافقة والتزاماً من الجميع، ولا سيما أنّ القضاء هو المرجع الصالح لبتّ الخلافات الناشئة حول قانونية المراسيم والإجراءات الصادرة عن الجهات الرسمية المختصة، سواء كانت الخلافات داخل المؤسسات أو في ما بينها». أما من جهة برّي، فإشارة إلى أنّ «الذي حصل ليس مجرد إشكالية قانونية في مرسوم يُطعن فيه أمام مجلس شورى الدولة، بل مخالفة صارخة لقاعدة دستورية تُسمّى مداورة الأصول، بالالتفاف على اختصاص سلطة دستورية ومواد في منتهى الصراحة والوضوح في الدستور ليس أقلها المادتان 54 و 56». وأشار بيان عين التينة إلى أنّه إذا كان لطرف اختصاص تفسير أمرٍ ما «فيعود للمجلس النيابي من دون سواه، الذي تمّت المداورة في الأصول أصلاً على اختصاصه، وبعد وضع يده على الموضوع وقول كلمته فيه»، خاتماً بأن «إحدى الفضائل، كما تعلم رئاسة الجمهورية، هي تصحيح الخطأ إذا لم يكن في الإمكان العودة عنه».
وكان النائب روبير غانم قد علّق على أزمة المرسوم، مُذكراً بالمادة 47 من قانون الدفاع، مؤكداً أنّه «إذا كان هؤلاء الضباط قد قاموا بأعمال باهرة وليست أعمالاً عادية خلال عمليات حربية، أو حفظ أمن أو اشتباك مسلح بالداخل عندئذ يستحقون الأقدمية، وإذا لا، فأي مرسوم صادر أو يصدر ليس له قيمة قانونية لأنّ علينا أن نعدل القانون حتى نستطيع أن نعطي الأقدمية (...) وعندما يصدر المرسوم وعندما تُمنح الأقدمية، المرسوم يجب أن يوقع من الوزراء المعنيين، وإذا كان هناك عبء مالي فيجب أن يوقّعه ​وزير المال​ بلا شك».
على صعيد آخر، ما زالت عقبات كثيرة تؤخر تطور العلاقة بين تيار المستقبل والقوات اللبنانية. إلا أنّ ذلك لا يعني أنّ التواصل مقطوع، فاللجنة المؤلفة من الوزيرين غطاس خوري وملحم رياشي تستكمل لقاءاتها تحضيراً لعقد اللقاء بين الحريري ورئيس «القوات» سمير جعجع. وفيما تؤكد مصادر معراب أنّ «موعد اللقاء يقترب»، ما زالت مصادر التيار الأزرق ترفض الدخول في تقديرات حول تاريخ عقد الاجتماع الثنائي. وفي هذا الإطار، صرّح النائب سمير الجسر بأنّ «أقصى تمنياتنا أن تكون العلاقة جيّدة مع القوات، لكن الأمور لا تتم عن طريق الحب من طرف واحد». وقال رداً على سؤال: «لا أعرف مدى مصلحة الفريقين في الحصول على إيضاحات حول المرحلة السابقة. في كلّ الأحوال، إذا كان أي طرف يريد إيضاحات فالأجدى به أن يطلبها بعيداً من الاعلام، خصوصاً إذا كانت النيّة لملمة ما حصل. يجب احترام الأصول، خصوصاً إذا كان التعاطي بين حليفين أو صديقين».
أما من ناحية العلاقة بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، فهي تشهد توتراً إضافياً من دون أي تقدّم من شأنه تبريد الجبهتين، وذلك على الرغم من الجهود التي يبذلها رياشي مع النائب إبراهيم كنعان، الذي من المُحتمل أن يزور معراب قريباً.

المصدر: جريدة الأخبار