«حرب المرسوم» ارباح بعبدا وعين التينة وخسائر في «السرايا الحكومي»؟
«حرب المرسوم» بين الرئاستين الاولى والثانية تزداد حدة، واذا كانت الاتصالات قد نجحت في تحييد ازمة «الكهرباء» عن الاجواء المكهربة»، وتمت تسوية هذا الملف الشائك مساء امس في وزارة المالية، فان التراشق في البيانات بالامس اثبت ما قاله كل «الوسطاء» الجديين، بان لا رغبة لدى الطرفين في تسوية هذا الملف وذلك لحسابات انتخابية، وسياسية، تتجاوز مسألة تنازع الصلاحيات او محاولة تعديل اتفاق الطائف... فطرفا النزاع يدركان جيدا ان اي تعديل لوثيقة الوفاق الوطني غير متاح في الظروف الراهنة، وحدود الصلاحيات مرسومة بتوازنات سياسية دقيقة يصعب لأحد تجاوزها.
ووفق اوساط وزارية بارزة، فإن بعبدا وعين التينة لن يخرجا خاسرين من هذه المواجهة، فكل منهما سيحقق مبتغاه لدى «جمهوره»، لكن الخاسر الاكبر يبقى رئيس الحكومة سعد الحريري الذي بات «الحلقة الاضعف» بين السلطات الثلاث، وبات «دين» رئيس الجمهورية عليه بمثابة «العبء» الذي «يكبل يديه» ويفقد رئاسة الحكومة الامتيازات التي حصلت عليها بعد اتفاق الطائف.. في المقابل، لم يعد الحريري قادرا على «زعل» «الثنائي الشيعي» الذي امن له «شرعية» داخلية في مواجهة رفع «الغطاء» السعودي خلال فترة احتجازه، وهذا انعكس «عجزا» فاضحى خلال الساعات الماضية حيث «ترنحت» مبادرته بعد ان فشل في حسم خياراته وظل اسيرا «لتوقيعه» على المرسوم بفعل «ضغط» عون «والحاحه»، كما قال صراحة لرئيس المجلس الذي لم ترضه خطوته في عدم «نشر المرسوم»، كونها خطوة «لزوم ما لا يلزم»..
«بحث» عن «صواريخ حزب الله»
وفي مقابل «الغرق» الداخلي في متابعة معركة «المرسوم»، برز خلال الساعات القليلة الماضية تحرك ديبلوماسي بريطاني وصفته اوساط سياسية في بيروت «بالمشبوه»، بعد سلسلة من الاسئلة طرحها الملحق العسكري في بيروت على نظرائه الغربيين، في محاولة لجمع معلومات من مصادر متعددة حيال «الغموض البناء» الذي ابقاه الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في مقابلته التلفزيونية الاخيرة حيال امتلاك حزب الله صواريخ ارض-جو لمواجهة اي اعتداءات اسرائيلية، وذلك ربطا بسقوط طائرتين للتحالف المشارك في الحرب السعودية ضد اليمن، احداهما من طراز تورنيدو بريطانية الصنع، والثانية من طراز «اف 15» الاميركية.. وفهم ممن التقوا بعدد من الديبلوماسيين الغربيين في بيروت ان ثمة مناخاً واضحاً لدى هؤلاء لجهة تبني نظرية مفادها ان «الرسالة» اطلقت من «حارة حريك» والتنفيذ بدأ في اليمن، فمسألة اسقاط طائرتين حربيتين خلال ساعات قليلة تطورت على درجة كبيرة من الخطورة، وتعتبر تحولاً نوعياً في الدعم الايراني لانصار الله في اليمن «المحاصر»، وهذا ما جعل سؤالا مركزيا يتردد صداه في تلك الاروقة الديبلوماسية ومفاده « اذا كانت هذه الاسلحة النوعية بدأت تظهر في اليمن المحاصر، فهل يعقل ان لا تكون تلك الاسلحة قد وصلت الى حزب الله في لبنان؟
«دخول اسرائيلي على الخط»
وتشير تلك الاوساط، الى ان "اسرائيل" لم تكن بعيدة عن خط هذه الاتصالات، وسرب الديبلوماسيون معلومات تفيد بأن "تل ابيب" طلبت من واشنطن «رسميا» ابلاغ لبنان «رسالة» شديدة اللهجة عبر القنوات الديبلوماسية انها لن تستطيع ان تبقى «مكتوفة الايدي» ازاء احتمال ادخال ايران لاسلحة «كاسرة للتوازن» الى الاراضي اللبنانية، وهو امر سيعتبر تجاوزا «للخطوط الحمراء» وسيحرر اسرائيل من «القيود» تجاه الساحة اللبنانية...
هذه «الرسالة» التي تريثت الخارجية الاميركية في ايصالها الى بيروت، لاسباب تتعلق باستكمال «الابحاث الضرورية» حول طبيعة التحول الميداني الجديد، الذي يحتاج الى تقرير واضح من «السي اي ايه»، لا يبدو انها ستترك اي اثر في المقاومة، وبحسب اوساط مقربة من حزب الله فان «الذعر» في "اسرائيل" مطلوب ولن يصدر عن المقاومة اي كلام يريح الاسرائيليين او غيرهم من حلفائهم الغربيين، وكل هذا الحراك هو رد طبيعي على «صمت وابتسامة» السيد نصرالله في مقابلته الاخيرة، المهم ان الغرق في «الحيرة» والاكثار من الاسئلة، يعني اولا ان «رسالة» السيد وصلت، وثانيا ان الردع يتعزز لجعل اسرائيل تفكر كثيرا قبل الاقدام على مغامرة جديدة...
«اقتحام الجليل»
واول «الغيث» في هذا السياق، تبلور اتجاه في الجيش الصهيوني مؤخراً، يدعو إلى تعزيز القدرة الصاروخية على حساب سلاح الجو، وهي استراتيجية مبنية على الخشية من نتائج المخاطرة بالطائرات الهجومية وإمكان إسقاطها وسقوط طياريها في الأسر، أي تقليص الاعتماد على سلاح الجو والابتعاد عن المخاطرة، وفي هذا الاطار أصدر وزير الامن الصهيوني افغدور ليبرمان تعليماته، بتأمين أول رزمة تمويل لشراء الصواريخ الدقيقة.. وتختم تلك الاوساط بالقول «ان على الاسرائيليين ان يقلقوا كثيرة ويبقوا في حيرة من امرهم، لكن بدل الانشغال بوجود منظومة صواريخ ارض - جو لدى المقاومة، عليهم التوقف مليا عند تلميحات السيد نصرالله التي اكد فيها ان الدخول الى الجليل بات امراً مفروغاً منه ويمكن القول انه «تحصيل حاصل.»
«موت» مبادرة الحريري؟
هل اجهضت مبادرة رئيس الحكومة سعد الحريري قبل ان تولد؟ سؤال طرحته اوساط سياسية مطلعة على مداولات الساعات الاخيرة والتي ادت الى تراجع الحريري «خطوة» الى الوراء وهو ابلغ المحيطين به انه بات مقتنعا اننا امام ازمة عميقة ورجح امتداد تداعياتها الى الانتخابات النيابية وما بعد تلك الانتخابات. وبحسب المعلومات، فان رئيس الحكومة، من خلال تريثه في نشر القانون، حاول ايجاد ثغرة قانونية لايقاف مفعول المرسوم، لكنه اكتشف لاحقا ان نشره ضروري، لكن عدم النشر لا يعني انه غير نافذ، وهذا الامر اغضب رئيس المجلس الذي اعتبر انه تعرض «لخديعة» «غير مقصودة» من رئيس الحكومة، خصوصا ان ما نمي اليه ان وزارة الدفاع وقيادة الجيش باشرتا منح الضباط المشمولين بالمرسوم الاقدمية التي حصلوا عليها.
ووفقا لاوساط وزارية مطلعة على محاولات رئيس الحكومة «الخجولة»، فإن الحريري حاول مجددا تسويق ما فشل فيه المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم، عندما زار الاخير القصر الجمهوري محاولا اقناع الرئيس القبول بتذييل المرسوم بتوقيع وزير المال، لكنه سمع رفضا قاطعا من عون الذي لم يقبل النقاش بحل مماثل مؤكدا انه من غير المقبول ان يوقع احد على اي مرسوم بعد توقيع الرئيس، وهذا الجواب سمعه ايضا رئيس الحكومة الذي فشل ايضا في انتزاع تعهد رئاسي بأن يتم تمرير هذا المرسوم، الان مع وعد بان تكون كل المراسيم المماثلة مستقبلا مذيلة بتوقيع وزير المال...ولذلك ارجأ الحريري زيارته الى بري لانه لا يحمل في جعبته اي مقترحات «للتسوية»..
«تبادل الاتهامات»
وفي هذا الاطار تشير اوساط الرئاسة الثانية الى انه بات واضحا ان ثمة قراراً متخذاً من المحيطين برئيس الجمهورية لاستخدام هذه الازمة المفتعلة «لشد» العصب المسيحي انتخابيا، خصوصا ان الامور المرتبطة بالمؤسسة العسكرية تدغدغ مشاعر شريحة واسعة لتيار سياسي يحتاج الى «قضية» لاقصاء القوات اللبنانية في مناطق نفوذ الطرفين... وفي المقابل لا تزال اوساط التيار الوطني الحر عند موقفها من ان المشلكة هي في نهجين مختلفين، نهج بناء الدولة، ونهج آخر تعود «الفوضى» في ادارة شؤون البلاد، وهذا ما يعمل رئيس الجمهورية على محاولة تغييره، وهو سينجح على الرغم من كل الصعوبات...
تحذيرات للحريري
اما رئيس الحكومة فقد نقل اليه احد الوزراء كلاما تحذيريا من مرجعية كبيرة، حذرته فيه من الاستمرار على هذا النحو من «الميوعة» السياسية، لانه سيكون الخاسر الكبير من هذه «المعمعة»، خصوصا انه مقبل على انتخابات ستقلص من عدد نوابه في المجلس وهذا ما سيجعل منه اسيرا للتحالفات المقبلة، واكثر ضعفا مما هو عليه الان، ونصحته بالخروج من «عباءة» «الرجل المهزوم» لان الثمن سيكون باهظا في المستقبل.
«ازمة الكهرباء»
ومساء امس تصاعد «الدخان الابيض» من وزارة المال بعد نحو اربع ساعات من النقاشات، ونجحت الاتصالات في تحييد ملف الكهرباء عن الازمة السياسية، وتوصل وزير المال علي حسن خليل والطاقة سيزار الى خليل الى ايجاد تسوية لأزمة موظفي كهرباء لبنان في حضور رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الاسمر، الذي اعلن ان الاتفاق مشرف وينهي حالة الإضراب ويعيد التيار الكهربائي إلى جميع المناطق»، كما اعلن حسن خليل انه تم الاتفاق على معالجة سلسلة الرتب والرواتب وإعداد المرسوم التطبيقي للقانون 46 وتمّ التوفيق بين مطالب الموظفين ومستلزمات القانون، وهو ما اكد عليه سيزار ابي خليل الذي شدد مع وزير المال على ان التوصل الى حل لأزمة شركات تقديم الخدمات سيتم اليوم، مع العلم ان شركة «كي في آ» اعلنت ايضا عن وقف عملها بعد ظهر امس.