تواصل جمعية مصارف لبنان تحرّكاتها الرامية الى اعادة العمل بالاعفاءات من ضريبة ربح الفوائد التي حظيت بها سابقاً، واستغلت اللقاء الشهري الاخير بينها وبين مصرف لبنان ولجنة الرقابة على المصارف لطرح ما تسمّيه «توسّع نطاق ضريبة الـ 7% على حسابات المصارف لدى البنك المركزي والبنوك المراسلة»، مطالبة حاكم المصرف المركزي، رياض سلامة، بالتدخّل لمصلحتها «لأن صوته مسموع»، بحسب ما قالت مصادر مصرفية شاركت في هذا اللقاء.
المعروف ان المادة 51 من القانون رقم 497 الصادر في عام 2003 أخضعت فوائد وايرادات الحسابات الدائنة والودائع كافة وسائر الالتزامات المصرفية بأيّ عملة كانت، بما فيها تلك العائدة لغير المقيمين، الى ضريبة بنسبة 5%، ولم تستثن صراحة الا ودائع الدول الاجنبية والمؤسسات التابعة لها والمؤسسات الدولية المودعة لدى مصرف لبنان او الموظّفة لدى الحكومة. اي ان القانون لم يتضمن اعفاءات او استثناءات اخرى، الا انه اعتبر ان ما تسدده المصارف وشركات الاموال الاخرى يعتبر بمثابة سلفة يتم تنزيلها من قيمة ضريبة الارباح، وهو ما جعل المصارف تحديداً، كونها المؤسسات الاكثر ربحا من الفوائد، معفية بالكامل من هذه الضريبة.
يومها، لم ينته الامر عند هذا الحد، بل أصدر وزير المال (آنذاك) فؤاد السنيورة قرارا رقم 403/1/2003، لتحديد دقائق تطبيق قانون ضريبة الـ5% على الفوائد، فنصّ خلافاً للقانون نفسه على أن الودائع بين المصارف (Interbank deposits) والودائع والحسابات المفتوحة باسم المصارف لدى مصرف لبنان مستثناة من هذه الضريبة. كذلك اصدر القرار رقم 665/1، الذي حمل الخزينة العامة كلفة الضريبة على فوائد سندات الدين بالدولار (يوروبوندز).
تنعمت المصارف بهذه الاعفاءات «خلافا للقانون» طيلة السنوات الماضية، ما فوّت ايرادات مهمّة على الخزينة العامة، الى ان اقرّ مجلس النواب القانون رقم 64 بتاريخ 20/10/2017 (المنشور في الجريدة الرسمية بتاريخ 26/10/2017)، اذ رفع معدل الضريبة من 5% إلى 7%، ونص على ان حاصل هذه الضريبة الذي تسدده المصارف على ودائعها وحساباتها الخاصة ليس سلفة على حساب ضريبة الارباح، بل بمثابة عبء من الاعباء التي يمكن تنزيلها عند احتساب ضريبة ارباح المهنة. وصدر في 28 كانون الاول الماضي قرار تطبيقي عن وزير المال علي حسن خليل لا يتضمن الاعفاءات التي ادخلها قرار السنيورة المذكور، ما دفع المصارف الى تجديد تحرّكاتها الرافضة لتحمل قسطها من هذه الضريبة، معلنة ان الالتزام بما نص عليه القانون يرتب عليها ضرائب اضافية بقيمة تتجاوز 480 مليون دولار في هذا العام.
بالاستناد الى نص محضر اللقاء الشهري المنعقد في 11 الشهر الجاري، والموزّع على المصارف (تعميم رقم 015/2018)، فقد «اعربت جمعية المصارف عن مخاوفها من انعكاسات هذه الضريبة السلبية ليس فقط على القطاع المصرفي، بل وكذلك على مجمل الاقتصاد، وحتى على الاستقرار النقدي». واضاف المحضر انه «تبين من النقاش أن الكلفة الكبيرة التي ستترتب على تطبيق مندرجات المادة 17 من القانون 64/2017 سترفع كلفة تمويل الاقتصاد، بما يحدّ من النمو في البلد، وستخفض الفوائد على الودائع بالعملات وبالليرة ما سيزيد من العجز في ميزان المدفوعات». وقالت الجمعية، بحسب المحضر نفسه، انه «يترتب على خفض معدل ربحية رساميل القطاع المنخفضة أصلاً عدم قدرة القطاع على اجتذاب المستثمرين في فترة تتطلب زياد الرساميل لغاية الالتزام بالمعايير الدولية. وهكذا زيادة في الرساميل تبقى أساسية ليستمر القطاع المصرفي في تمويل الدولة إزاء ارتفاع المخاطر السيادية والحاجة إلى رساميل أعلى. ناهيك عن كون الضرائب الجديدة تُخِلُ باقتصاديات العقود التي تقوم عليها اكتتابات المصارف بسندات الخزينة من جهة وفي الادوات التي يصدرها البنك المركزي من جهة ثانية». وقالت الجمعية ايضا ان «ليس هناك أية دولة في العالم تكلف عوائد عمليات الانتربنك مع البنوك المركزية وفي ما بين المصارف ذاتها»!
بحسب المحضر «تم التوافق بين مصرف لبنان والجمعية على الاستمرار في المراجعة، خاصة مع وزارة المالية، وصولاً الى معالجة حكيمة بما فيه المصلحة العامة للاقتصاد والبلاد». الا ان مصادر مشاركة في اللقاء قالت ان سلامة اوضح للجمعية ان مطالبها تتعارض مع القانون، وبالتالي لا جدوى من مطالبة وزير المال بمخالفة القانون بل في المطالبة بتعديل القانون نفسه.
الفوائد ستبقى مرتفعة
قال حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، في اللقاء الشهري مع جمعية المصارف، اول من امس، «أن الوضع النقدي تطور إيجابياً، إذ أصبح الدولار معروضاً في السوق وأن الفائض منه يدخل إلى مصرف لبنان». وأشار إلى «أن الفوائد ستبقى عند المستوى التي بلغته خلال تشرين الثاني الماضي، وأن معدّل آجال الودائع ارتفع من 40 يوماً في المتوسط إلى شهرين ونصف. ما يحدّ من الضغط على الطلب في حال حصول طلب مستجد على المصارف». وراى سلامة أن «هذه الإيجابية تمتد إلى الخارج اذ ان أسعار سندات اليوروبوندز اللبنانية لآجال عشر سنوات انخفضت من 9% إلى 7%، كما ان كلفة التأمين على مخاطر البلد والمعروفة بالـ CDS تراجعت من 7% إلى 4.5%».