لا بد للمتابع للعدوان الهمجي على اليمن عن كثب من ان يلحظ عدم التكافؤ الاستراتيجي في المعركة اذ ان اكثر من عشر دول تشارك في العدوان بقيادة سعودية. ورغم دغول العدوان عامه الثالث بكل ما يمتلك من ترسانات اسلحة تبدأ بطائرات اف 15 واف 16 والتيرنادو وغيرها من الطائرات المتطورة اضافة الى منظومات الصواريخ والأسلحة المتطورة فشل العدوان في تحقيق اي هدف اعلنه السعوديون منذ بداية العدوان.
ما ذكرناه يعني ان المملكة لا زالت تتخبط بفشلها على مدى سنوات العدوان رغم استعانتها بالمرتزقة من السودان وباكستان وغيرهما من الدول الحليفة في عدوانها على اليمن، اضافة الى مشاركة ضباط صهاينة كمشرفين على ادارة المعركة والدعم اللوجستي لها. ورغم قساوة المشهد وارتفاع وتيرة التصعيد وارتكاب المجازر بحق الشعب اليمني الذي لا يكاد يمر عليه يوم واحد دون ان ترتكب بحقه مجزرة نجد صلابة الموقف اليمني وقدرته على امتلاك زمام المبادرة لا سيّما بعد اطلاق صاروخ باليستي على قاعدة ومطار خالد بن عبد العزيز في الرياض وبعده اطلاق صاروخ على ابو ظبي وقصر اليمامة في السعودية تلك الصواريخ التي فاجأت العالم وشكلت صدمة لقوى العدوان الذي على قدر ارباكه كان يرتكب المزيد من المجازر.
اذاً هو الرد الجبان والضعيف على الناس المدنيين من خلال قتلهم للضغط على الجيش اليمني وانصار الله للرضوخ للشروط السعودية. وكان الرد يأتي سريعا في الميدان من خلال العمليات العسكرية التي كانت تنفذها مجموعات انصار الله داخل محافظتي جيزان ونجران. تلك العمليات التي اهملها الإعلام او على الأقل لم تأخذ حقها اعلاميا مع انها ليست أقل اهمية من اي عملية اطلاق صاروخ باليستي على اي هدف للعدو لا سيّما وان العمليات في تلك المحافظاتين اللتين هما تحت سيطرة السعودية. فليس من السهل التوغل داخل تلك المناطق واقتحام المواقع العسكرية السعودية فيها واحتلالها والسيطرة عليها وقتل واسر من بداخلها ومن ثم الانسحاب منها وفقا للظروف التي يراها المقتحمون على الارض. ورغم شراسة المعركة واشتداد الحصار اثبت انصار الله انهم قادرون على الثبات والصمود والمواجهة ولو لمئة عام لأنهم يدركون ان المعركة هي المعركة الحقيقية لتحرير اليمن. اضافة الى ان انصار الله اثبتوا خلال سنوات الحصار والعدوان انهم قادرون على تطوير انفسهم ومنظوماتهم الصاروخية وقدراتهم القتالية دون الاعتماد على احد. وفي هذا الإطار تمكنوا وبوسائل بسيطة من هزم العدو السعودي ميدانيا ونفسيا. فعلى المستوى الميداني تشهد الأرض لأولئك المقاتلين الحفاة الأباة بأنهم اسود الميدان واثبتوا ذلك من خلال عملياتهم النوعية التي كانت تعطي المزيد من المعنويات للشعب الذي يساندهم في مواجهة العدوان. اما على مستوى الهزيمة النفسية فقد استطاع انصار الله ادخال تقنيات سهلة وبسيطة كانت استثنائية في تاريخ الحروب والجيوش النظامية وفصائل المقاومة. فعندما حول مقاتلو انصار الله الولاعة او ( القداحة ) الى سلاح يحرق احدث اليات عسكرية انتجتها الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا فإنهم بذلك أحرقوا منظومة امنية متطورة جدا وهزموها في مشهد ارعب قيادات العدو. وما عملية احتلال موقع الضبعة منذ ايام سوى دليل اخر على معجزات المقاومين الحفاة في صناعة الأساطير حيث استطاعت مجموعة من ثمانية عناصر من انصار الله شن هجوم والسيطرة على حصن طبيعي لا يمكن الوصول اليه نظرا لارتفاعه بشكل حاد اضافة الى ما تم اضافته من انظمة حماية سعودية مما جعله هدفا صعبا بل يستحيل الوصول اليه. ورغم ذلك قام عناصر المجموعة باقتحامه والوصول اليه من خلال استعمال سلم المنيوم تسلقوه من الجهة الأصعب للموقع وتمت عملية الاقتحام بنجاح وقد قتل كل من في الموقع اضافة الى حرق الآليات المتواجدة فيه وغنم الأسلحة الموجودةبالرغم من التحليق الدائم للطائرات والمروحيات السعودية التي لم تستطع ان تنقذ ولو جنديا من جنودها في حين اكملت المجموعة عملها ونفذت مهمتها وعادت الى قواعدها سالمة.
ومن المؤكد ان عملية الضبعة لن تكون الاخيرة والولاعة والسلم لن يكونا اخر مبتكرات مقاتلي انصار الله بل ان ما ستشهده الأيام القادمة لكفيل بتلقين السعودية وحلفائها الدرس تلو الآخر في هزيمتهم ودفع المزيد من الأثمان لأن عقلية صلفة ومتحجرة لا تريد ان تفهم او ان تتقبل صورة ذلك المقاتل اليمني الحافي القدمين والذي استضعفته على مدى سنوات طويلة وأنه قادر على ان يهزمهم ويكسر هيبتهم.
لا يريد حكام السعودية وحلفاؤهم ان يفهموا ان العزة والإباء والعنفوان الذي يمتلكه اليمني هو من يعطيه تلك القوة في مواجهة جبروتهم محاولين ان يتناسوا الحقيقة المرة والتي يدركونها يقينا وهي أن من يصنع من الولاعة والسلم سلاحا لا يمكن ان يهزم.
المقالات الواردة في الموقع تعبر عن آراء أصحابها ولا تعبر عن رأي إدارة الموقع