المعركة السياسية الدائرة اليوم، بالنسبة الى التيار الوطني الحر، هي على تطبيق الاصلاحات التي وردت في قانون الانتخابات الذي أقرّ في 19 حزيران الماضي، لا على تعديل القانون نفسه. فإقرار القانون، يومها، تم بناء على تضمّنه إصلاحات اقترن بها التمديد الثالث للمجلس النيابي الحالي. اليوم، بعد سبعة اشهر، الوضع عملياً هو قانون انتخاب ناقصاً بندي البطاقة البيومترية والاقتراع في أماكن السكن بعدما طيّر ضيق الوقت إمكان تحقيقهما.

فيما نجا بند اقتراع المغتربين، وحده تقريباً، من مقصلة المهل والعقبات التقنية. عليه، يدرك التيار أنه «تنازل»، لأسباب موضوعية، عن «إصلاحات» خاض معركة شرسة لاقرارها أثناء نقاش قانون الانتخاب. ويطمح الى «تحصين» انتخابات 2022، عبر تعديلات تضمن تعليق العمل بالاصلاحات لمرة واحدة، بدل العودة الى النقطة الصفر في الانتخابات ما بعد المقبلة.
مصادر في التيار استغربت الضجّة حول البند 24 الذي رفعه وزير الخارجية جبران باسيل إلى جلسة مجلس الوزراء الخميس الماضي قبل أن يسحبه الرئيس سعد الحريري ويحيله إلى اللجنة الوزارية المكلفة تطبيق قانون الانتخابات، وإن كانت «تفهم» أسباب هذه الضجة على خلفية الخلاف بين الرئيسين ميشال عون ونبيه بري على دستورية مرسوم أقدمية ضباط «دورة 1994». أما إدراج التعديل المطلوب في سياق محاولة إرجاء الانتخابات النيابية أو إلغائها، «فنكون كمن يطلق النار على رأسه. فهذه أول انتخابات في عهد ميشال عون الذي أعلن صراحة أثناء تشكيل الحكومة الحالية أن أولى حكومات العهد ستكون بعد الانتخابات النيابية».

وذكّرت المصادر بأن اللجنة الوزارية كانت قد ناقشت هذا البند قبل أزمة استقالة الرئيس سعد الحريري عندما طالب باسيل بتعديل المادة 113 من قانون الانتخاب للسماح بتمديد تسجيل المغتربين من 20 تشرين الثاني إلى 20 كانون الثاني، بعدما تجاوزت أرقام المغتربين الذي سجلوا أسماءهم 90 ألفاً. فالتمديد لا يستتبع أي كلفة مادية أو إجراءات لوجستية خاصة، وقد «وافق أعضاء اللجنة على التمديد إلى 20 شباط، لا بل إن وزير الداخلية نهاد المشنوق أكّد، في كتاب خطي رفعه إلى مجلس الوزراء، أن هناك إمكانية لفتح باب التسجيل حتى شهر آذار المقبل»، قبل أن تتصدّر أزمة استقالة الحريري واجهة المسرح السياسي على حساب كل النقاشات الأخرى. و«موافقة كهذه لا تستقيم مع القول اليوم إن التعديل قد يفتح باباً على تعديلات يمكن أن تؤدي الى نسف القانون الانتخابي برمّته».
المصادر نفسها تشدّد على أن رغبة التيار في إدخال تعديلات على القانون سابقة للخلاف المستجدّ حول مرسوم أقدمية ضباط دورة 1994. تصريحات وزير الخارجية في هذا الشأن تعود الى حزيران الماضي، والأخير «نأى» بنفسه، علناً على الأقل، عن خلاف رئيسي الجمهورية والمجلس النيابي. أما المرسوم «فقد بات وراءنا. الأقدمية أُعطيت للضباط وحقهم حُجز في جداول الترقيات»، و«ليس وارداً أبداً» أن يقبل رئيس الجمهورية بالتراجع، لأن «التوقيع يبدأ من تحت لفوق... ولا توقيع بعد إمضاء الرئيس. هذا الأمر ليس وارداً أبداً». في رأي مصادر التيار، وبعدما حُمّلت «قصة المرسوم» أكثر مما تحتمل، «لم يعد أحد يناقش اليوم في مضمونه. ونحن، كما الجميع أيضاً، مقتنعون بضرورة التوصل الى حل تحت سقف الثوابت التي وضعها الرئيس».
الحرص على إيجاد المخرج المشرّف لا النكايات ـــ تؤكّد المصادر ـــ هو ما دفع رئيس الجمهورية الى طلب الاحتكام إلى القضاء في الخلاف المستحكم. إذ أن أحداً لا يريد، بالتأكيد، استفزاز الرئيس بري، ولا غاية، مضمرة أو معلنة، لدى أحد لـ«كسره».

المصدر: وفيق قانصوه - الأخبار