تعود العلاقة المتأزمة بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والمملكة العربية السعودية الى ما بعد الثورة الإيرانية وتحديداً الى سنة 1981 حين أعلنت السعودية والكويت والبحرين والإمارات وقطر وسلطنة عمان انشاء مجلس التعاون الخليجي الذي اعتُبر في حينه رداً على توسع النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط وخاصة بعدما اتهمت الحكومة السعودية النظام الإيراني الجديد بدعم حركات الاحتجاج في القطيف في السعودية.
استغلت المملكة العربية السعودية الحرب بين ايران والعراق في 1981 وقدمت مساعدات مادية للعراق فاقت العشرة مليارات دولار بالاضافة الى دبابات أمريكية متطورة وفرق متخصصة بإصلاح آبار النفط العراقية المتضررة. وقد ساعدت الولايات المتحدة الأمريكية بتسعير هذا الصراع وغلفته بغطاء ديني. ولكن تأجيجه كان مبنياً على بسط النفوذ في الشرق الأوسط. سعت بلاد العم سام على إبقاء هذه الحرب غير مباشرة طوال فترة 35 عاماً إلا ما ندر من حوادث كان يجري اطفاء شرارتها سريعاً مثل اسقاط السعودية لطائرة للقوات الجوية الإيرانية من نوع أف- 4 فانتوم سنة 1984 لأنها اخترقت في حينها ما يعرف بخط فهد. ومن هذه الصراعات المباشرة ما حصل في 31 تموز 1987 حين أدى اصطدام حجاج إيرانيين مع السلطات السعودية الى مقتل وجرح أكثر من 1100 شخص. كان الصدام دموياً وجاء الرد الإيراني من خلال الاستيلاء على السفارة السعودية في طهران مما أدى الى قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين. 
شهدت بداية التسعينيات الفترة الأكثر انفراجاً في العلاقات بين إيران والسعودية وخلا هذا العقد من الزمن من أية مناوشات مباشرة أو غير مباشرة. بعد وصول الرئيس الإصلاحي محمد خاتمي الى كرسي الرئاسة في إيران عاد التبادل الدبلوماسي بين الدولتين. شهر العسل انتهى في عام 2003 عقب التوسع الأمريكي في العراق، حينها بدأ الإعلام الأمريكي الترويج لما يسمى بالهلال الشيعي وما ادعاه من محاولة إيران فرض التشيع في البلاد العربية وآسيا الوسطى. هذه "الفزاعة" التي خلقتها السي آي إيه، حسب مقالات نشرتها صحيفة الإنديبندنت الأمريكية، فرضت على السعودية شراء الاسلحة من الولايات المتحدة وطبعاً ضخ مليارات الدولارات في الاقتصاد الأمريكي الهش.
التدخل المباشر للسعودية ضد النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط، كما يصوره صناع القرار في أمريكا، بدأ في البحرين في عام 2011 مع وصول قوات سعودية في إطار درع الجزيرة الى ذلك البلد لتحقيق الأمن والاستقرار. تبعه التدخل المباشر الثاني في عاصفة الحزم ضد اليمن الذي ما زال مستمراً الى يومنا هذا. ويرى جميع المحللين أن هدف هذا الصراع بسط للنفوذ في الشرق الأوسط. ولكن بالعودة الى "مشروع التفكيك" الذي طرحه الباحث والمستشار الأمريكي الجنسية، البريطاني الأصل، والصهيوني الديانة برنارد لويس والذي هدف منه الى تقسيم دول الشرق الأوسط وعلى رأسها السعودية الى دويلات، تصبح جلية أهداف إدخال السعودية في الرمال المتحركة في اليمن ضد سراب التوسع الإيراني. توجه الـسي آي إيه سهامها الآن الى تفكيك شبه الجزيرة العربية كما أشار تقرير سري مسرب من لانغلي.
بعد دراسة معمقة لهذه الحرب الباردة التي دامت 35 سنة، يتساءل البعض لماذا لم تحصل الحرب المباشرة بين الدولتين اللتين تعتبران عاصمتي الشيعة والسنة في العالم؟ الجواب بسيط ويختصر في أنه لو قدر لهذه الحرب أن تندلع فإن قبلة المسلمين مكة ومدينة الرسول قد تصبحان في خطر وعندها ستتدخل جميع الدول الإسلامية لإنهاء الحرب وطبعاً تسارع إلى بدء حوار بين إيران والسعودية مما يؤدي الى وحدة إسلامية تحاربها وتمقتها الولايات المتحدة الأمريكية والصهيونية العالمية.
هذه النظرية تطرح للمرة الأولى وسأطلق عليها اسم "حرب اللاحرب بين إيران والسعودية". وما يؤكد أن المايسترو لهذا الانقسام هو الـسي آي إيه وليس الاختلافات العقائدية هو أن العلاقة بين البلدين كانت مميزة جداً في عصر الشاه الذي كان يدين بالولاء لبلاد العم سام.


 

المصدر: خاص شاهد نيوز

المقالات الواردة في الموقع تعبر عن آراء أصحابها ولا تعبر عن رأي إدارة الموقع