يُصرّ الرئيس نبيه برّي على ما يسميه مقربون منه «الدفاع عن المُنجزات التي تحقّقت في الطائف والحفاظ على الدستور لمواجهة جموح البعض». لكن هذه المسألة تبقى مُنفصلة عن التحالفات الانتخابية، إذ إن «التحالف مع التيار الوطني الحر ليس مرفوضاً بالمبدأ، لكنه سيُدرس وفقاً لمصلحتنا» كما تقول مصادر في حركة أمل
في المشهد الانتخابي النيابي عند حركة أمل، ثمّة عناصر ثبات. أهمّها أن يتمّ التعامل مع ثنائية أمل ــ حزب الله كجهة واحدة. لا يرتبِط ذلك بالحصول على أعلى نسبة من الأصوات، بقدر ما أنه «يحمي مصلحة الطرفين (حزب الله وحركة أمل) في المُستقبل»، وفق ما أكده رئيس المجلس. وبعيداً عن هذا الأمر الذي حسمه برّي حين أشار إلى أن «من يريد أن يتكلّم معي بشأن التحالف، عليه أن يذهب أولاً إلى حزب الله. ومن يريد التكلم مع حزب الله، عليه أن يأتي إليّ أولاً»، يبقى أن «الحركة» لن تخوض الانتخابات بنفَس سياسيّ محض.
«حرب مرسوم الأقدمية بين الرئاستين الأولى والثانية شيء، والتحالفات شيء آخر»، بحسب مصادر حركية أكدت أن «احتمال التحالف مع التيار الوطني الحرّ ليس مرفوضاً بالمبدأ، لكنّه خاضع لحسابات الربح والخسارة».
فالرئيس برّي يفصُل المشهد السياسي المأزوم عن معركة الانتخابات. كان ذلك واضحاً في حديثه في اجتماع المجلس المركزي لـ«أمل» أول من أمس، إذ شدّد على «أننا اليوم معنيون بالدفاع عن المُنجزات التي تحقّقت في الطائف، والحفاظ على الدستور». تجنّب الدخول في تفاصيل الصراع المباشر حول أزمة المرسوم، «مُكتفياً بتوجيه عام للتأكيد على ضرورة الحفاظ على الميثاق، الذي يُمكن أن يتطلّب منّا أحياناً الاستعداد لمواجهة الجموح عند بعض الأطرف التي تعتبر أن لديها القدرة على تجاوز الدستور». وقد كانت هذه الخلاصة زبدة الحديث السياسي خلال الاجتماع الذي اتفق خلاله على تأجيل المؤتمر العام للحركة لأن «موعده مقرر في شهر آذار المقبل، وبالتالي لن يكون هناك قدرة على التوفيق بين العمل الحزبي والانتخابي في وقت واحد، فذلك سينعكس على القيادة والأقاليم والشعب في المناطق».
من الأمور الأساسية التي شهدها الاجتماع هو «تفويض المجلس الرئيس بري تسمية المرشحين وصياغة التحالفات الانتخابية» بحسب المصادر، التي أكدت أن كل القضايا الانتخابية «لا تزال قيد الدرس، وأن كل ما هو مطروح يبقى في إطار النقاش». وأشارت إلى أن «التحالفات لم تغلق في وجه أي طرف، لأننا لا نعتبر أننا في أزمة مستعصية، فلا يزال هناك إمكانية للحلّ، والحل يعني أن يلزم كل طرف حدّه ويعرفه». ونفت المصادر أن يكون كلام الرئيس برّي بشأن التحالف مع حزب الله «محاولة لرسم أي حدود لما بعد الانتخابات، رغم أن البعض في لاوعيه يتخيّل مشهداً مستحيلاً، فرئاسة المجلس خارج النقاش، ووزارة المال نبحث بها في وقتها».
أما ميدانياً، فقد وضعت «الحركة» ماكينتها الانتخابية في حالة جهوزية كاملة، وتعمل هذه الماكينة ساعات طويلة يومياً تحضيراً للانتخابات المقررة في أيار المقبل، لجهة التواصل مع الناس، وشرح القانون وآلية الانتخاب وطريقة التصويت، إضافة إلى وضع خريطة توزيع الناخبين السياسية والجغرافية، وآليات النقل وتأمين لوائح الشطب والروابط بين أماكن الانتشار والقرى. ومع أن «الحركيين» يصفون جهد الماكينة بالجبار، إلا أن الرئيس برّي نصح المجتمعين في المجلس المركزي «بعدم النوم على حرير، حتى لا يظّن أحد بأن المعركة محسومة».
حتى الآن، لم يتبلّغ أحد من نواب كتلة التحرير والتنمية الحاليين قراراً بترشيحه أو عدمه. تضيف المصادر أن «كل ما قيل عن حسم الرئيس برّي بعض الأسماء ليس صحيحاً، إذ جرى التداول باسم الوزيرة عناية عز الدين كمرشحة في صور، ومحمد خواجة في بيروت»، وهذه المداولات «ليست محسومة سلباً، لكنها لا تزال مطروحة على طاولة النقاش. لكننا سنشهد وجوهاً جديدة في بيروت والبقاع والضاحية وجبيل».
تنفي المصادر توجّه حزب الله وحركة أمل إلى تأليف لوائح منفصلة «توزيعاً للأدوار كما سوّق البعض». ففي مناطق الانتشار المشتركة «سنكون سوياً، ومن الممكن أن يتمّ تبادل بعض المقاعد كما حصل في البقاع الغربي وزحلة، إذ حسمنا تقريباً أن يكون مقعد الغربي من حصتنا، في مقابل أن يكون المقعد الشيعي في زحلة للحزب». ما حُسم حتى الآن لدى الحركة «هو وقوفنا إلى جانب حلفائنا التقليديين، كما هي الحال في صيدا ــ جزين، حيث سنخوض المعركة، مع الحزب، إلى جانب ابراهيم عازار وأسامة سعد في وجه التيار الوطني الحر والمستقبل».
لكن المواجهة في دائرة جزين ــ صيدا، لن تنسحِب على كل الدوائر، إذ «يُمكن أن تجمعنا مصلحة انتخابية بالتيار الوطني الحر، وهذا الأمر ليس مرفوضاً بالمبدأ. لكننا سننظر إلى المسألة من وجهة نظر تقنية وليست سياسية». في كل من بعبدا وجبيل «يرتبط هذا التحالف بنتائج احتساب عدد الأصوات ونسبة التصويت المحتملة، والحاصل الانتخابي (العدد الأدنى من الأصوات اللازم لتمثيل اللائحة بمقعد)، وما يُمكن أن تؤمّنه الأصوات الشيعية، والجهة التي سوف تصب في صالحها الكسور». كما تنتظر الحركة «موقف النائب وليد جنبلاط في بعض الدوائر، كبعبدا».
تنفي المصادر إمكان حصول أي تبادل للمقاعد مع التيار الوطني الحر بين جبيل ومرجعيون «لأن التيار خارج الحسابات في مرجعيون، لديه 400 صوت لا تقدّم ولا تؤخّر».
وفيما يستعدّ خصوم الثنائي في الجنوب لخوض غمار المعركة، قالت المصادر إنه «لا خوف من أي خرق، أقله في ما يتعلّق بالمقاعد الشيعية». ففي الدائرة الجنوبية الثانية (صور ــ الزهراني) حيث الحاصل الانتخابي فيها يعادل 22 ألف صوت، «يصعب على أي جهة ستنافس الثنائي تأمين النسبة اللازمة للحصول على مقعد». تبقى الدائرة الانتخابية الأكبر، من جهة عدد المسجلين على لوائح الشطب، في لبنان (مرجعيون ــ حاصبيا ــ بنت جبيل ــ النبطية)، التي تضم أكثر من 450 ألف ناخب. وتدرس «الحركة» النتائج وفق نسبة التصويت. فإذا صوّت نصف الناخبين، سيكون الحاصل الانتخابي 21 ألفاً. هذا الحاصل بحسب المصادر «يُمكن تأمينه في حالة واحدة، وهي أن تضم اللائحة المنافسة كل القوى المعارضة للثنائي». وتحسباً لذلك، سيسعى الثنائي إلى رفع نسبة التصويت. مع ذلك، تعتبر المصادر أن أي خرق لن يكون للمقاعد الشيعية، ولا للمقعد الدرزي المضمون لمرشحنا المدعوم من النائب وليد جنبلاط.
أما في بيروت، فكشفت المصادر أن التوجه للتحالف مع الأحباش وحركة الشعب كبير جداً، لكنه غير مُمكن مع رئيس حزب الحوار فؤاد مخزومي لأسباب شخصية تتعلّق بالأخير، إذ سيجد نفسه محرجاً بالتحالف مع الحزب، ويعتبر أن ذلك يُمكن أن يؤثر على مصالحه في بعض الدول العربية. وفي هذه الدائرة، يضمن الثنائي وحلفاؤه 3 مقاعد. وفيما تؤكّد المصادر أن المقعد الدرزي في بيروت سيبقى من نصيب النائب جنبلاط، جزمت بأن لا مقعد شيعياً للرئيس سعد الحريري في العاصمة.