اعتاد السعوديون على طوابير تقديم الطاعة عند باب سفارتهم في بيروت.. ظنوها لضيق المكان جمهورا غفيرا يجدد البيعة لولي الأمر، أو حاولوا ربما إقناع أنفسهم بأنهم فوق القانون وفوق الكرامة الوطنية عبر إحاطة ممثليهم ودبلوماسييهم بحفنة شخصيات من مرتزقة الإعلام والسياسة، تنعق معهم وتوجه سهام كلامها الفارغ حيث يريد الملك المتهاوي وولي عهده المنطلق بثقة غريبة نحو التسريع بزوال سلالته..

"ما يفعله حزب الشيطان من جرائم لا انسانية سوف تنعكس آثاره على لبنان حتما.. ويجب على اللبنانيين أن يختاروا معه أو ضده..". هذه عينة متوفرة على موقع تويتر من "تغريدات" المدعو تامر السبهان. وهذه العينة التي تظهر هذا الكم من الفوقية والسوقية والتدخل في شؤون اللبنانيين، وجدت بينهم، اي بين اللبنانيين، من يعتبرها أمرا طبيعيا، أو حرصا سعوديا على لبنان.. اجل، وان كان من الواضح انها موجهة ضد كل شريف لبناني، فالشرف نعمة خفيت عن مرتزقة ال سعود، فلم تؤلمهم سيادتهم في حينها، ولا تحرك فيهم عصب الحرية والكرامة الوطنية.. بل كرروا الكلمات المصاغة بحرفية قاتل وكأنهم تحرروا حتى من الخجل، فلم يستحوا، وفعلوا ما شاء ولي نعمتهم، وامرهم.

تلك عينة من فيض التدخلات والاساءات والتعديات الكلامية والسياسية التي طاولت السيادة اللبنانية، ولا داعي للتذكير بكل ما جاء في هذا الفيض والذي وصل إلى حد احتجاز رئيس الحكومة اللبنانية واجباره على الاستقالة، (التي تراجع عنها حال عودته "محررا" إلى لبنان). وفي السياق نفسه لا يتسع المجال لذكر الكم الهائل من الدعاوى القضائية التي طاولت لبنانيين حينا بتهمة الإساءة للملك، وحينا بتهمة التدخل في الشؤون السعودية، بالإضافة إلى الضغوطات التي تعرض لها الكثيرون ولا سيما الصحف والمواقع الإلكترونية التي تغطي العدوان السعودي الهمجي على اليمن العزيز، أو تفضح حقيقة منبع الإرهاب المتمثل في السعودية المتحالفة جهارا مع كل من يعادي قضايانا الوطنية، وكشف دورها في الحرب الكونية على سورية البطولة والشرف.

يطول الحديث عن مآثر وإنجازات ال سعود ومن يمثلهم، الا ان السمة المشتركة بينها جميعها هي الدم المسفوك والجهل الممنهج. حيثما حلت أياديهم حل الخراب، وحيثما مروا، وجدوا عجزهم أمام كل حرف وكل رصاصة وكل صوت يقاومهم. ولهذا هم اليوم أكثر اجراما، عبر الطائرات، في اليمن، وأكثر حقدا على عروبة سورية، وأكثر خساسة في تقديم كل ما يمكنهم تقديمه للعدو الصهيوني مقابل أن يقوم عنهم بحرب ضد المقاومة في لبنان، حزب الله.. ولذلك أيضا هم أكثر شراسة في صوغ الدعاوى القضائية ورفعها للقضاء اللبناني ضد كل كلمة حرة تقال ضدهم، أو تهزأ بتفاهتهم وبفضائحهم المقززة. 
لهذا كله، ولأنهم حيث شهروا سلاحا قاتلا وجدوا من يقاتلهم، وحيث بثوا سموم الإرهاب وجدوا من يعيدها إليهم أشلاء مبعثرة، هم اليوم في مواجهة قضائية مع الأسير المحرر نبيه عواضة الذي اختار أن يكون البادئ في طلب محاكمتهم على ما اقترفه المدعو تامر السبهان بحق الكرامة الوطنية، محولا الاتجاه في ملعب القانون من أن نكون متهمين مضطرين للدفاع عن أنفسنا، إلى أصحاب حق يقاضونهم حيث أساؤوا.

تقدم المحامي حسن بزي بوكالته عن الاسير المحرر نبيه عواضة بشكوى مباشرة أمام قاضي التحقيق الاول في بيروت ضد وزير الدولة لشؤون الخليج السعودي ثامر السبهان بجرم اثارة النعرات بين اللبنانيين ودعوتهم للاقتتال وتعكير علاقات لبنان بدولة أجنبية.
وتحدث الأسير المحرر نبيه عواضة عن دور ثامر السبهان في تجهيز الأجواء التي سبقت احتجاز رئيس الوزراء اللبناني وما رافقه من أزمة سياسية كادت تشتعل في لبنان لولا حرص القيادات اللبنانية ولا سيما رئاسة الجمهورية والأمين العام لحزب الله السيد نصر الله. وأضاف عواضة انه من خلال هذه الدعوى القضائية لا يمثل نفسه فقط بل يمثل كل متضرر من الإساءات المتكررة التي قام بها السبهان في محاولة بلاده إشعال الفتنة في لبنان وتهديد السلم الأهلي فيه. وقال ان الرد على مواقف ال سعود وممثليهم يكون في ساحات المعارك بالسلاح، اما في ساحات القضاء فسيكون بالقانون، مبديا ثقته بأن في السلك القضائي قضاة شرفاء سيحكمون بما يكفل حفظ الكرامة الوطنية وحفظ حقنا بالالتفاف حول المقاومة التي هزمت العدو الصهيوني، وحقنا بالاختلاف السياسي الذي فرضناه وكرسناه بكل الوسائل المتاحة.

إذاً، قد تصل القضية إلى حكم عادل، وبغض النظر عن طبيعته وعن تنفيذه، تبقى هذه الدعوى رسالة كتبها حر محرر من الأسر الصهيوني، مقاوم من طينة وادي الحجير ومن صبر الصخور على شاطئ بيروت، كتبها وهو العالم العارف بماهية الحرية، ممارسة وليس شعارا، وخطها باسمه المكلل بالسلاح بندقية وكلمة، وباسمنا جميعا، نحن أبناء البيئة الأبية المقاومة، التي اخذت على نفسها عهدا لا يمكن أن تنكثه بأن تصون كرامتها التي كان ثمنها دمنا وايامنا وان تعتبر كل حليف مباشر أو غير مباشر للصهاينة هو عدو لنا.. اليوم، كما في كل يوم  في كل الساحات لنا مقاومة، بكل سلاح ممكن طالما الحق ساحتنا الأوسع، والنصر آخر كل طريق نسلكه.
 

المصدر: خاص شاهد نيوز

المقالات الواردة في الموقع تعبر عن آراء أصحابها ولا تعبر عن رأي إدارة الموقع