أعلنت إسرائيل، على لسان وزير أمنها، نيتها سرقة موارد لبنان النفطية بالادعاء بـ«ملكية» البلوك 9 الجنوبي. كلام أفيغدور ليبرمان قوبل بموقف لبناني جامع يرفض الادعاءات الإسرائيلية، ويؤكّد حقّ لبنان بالدفاع عن ثرواته وحمايتها

قررت إسرائيل السعي لمنع لبنان من الاستفادة من ثروته الغازية، عبر ادعائها ملكية جزء من مياه بحره. ادعاء أُرفق بتهديد، وإن غير مباشر، لائتلاف الشركات الدولية الثلاث التي رسا عليها استدراج عروض التنقيب واستخراج النفط والغاز اللبنانيين، عبر القول إنها «شركات ترتكب خطأً فادحاً»، في مسعى واضح لترحيل هذه الشركات، ومنعها من التوقيع على عقد الترخيص النهائي.

التصويب على الغاز اللبناني وادعاء ملكيته، في موازاة «تخويف» ائتلاف الشركات الدولية الثلاث (توتال الفرنسية واني الايطالية ونوفاك الروسية)، واضحا الأهداف من ناحية إسرائيل، خاصة أنه يأتي بعد أيام على توقيع الائتلاف الدولي على عقد الترخيص الذي يسمح للشركات ببدء عمليات التنقيب عن الغاز في البلوك 4 و9، الأمر الذي يشير إلى نية إسرائيلية واضحة للعرقلة ومنع التوقيع. كذلك إن صدور الادعاءات والتهديدات على لسان وزير الأمن، أفيغدور ليبرمان، وليس على لسان الوزير الإسرائيلي المختص، يوحي أيضاً بإمكان التصعيد غير الكلامي في أعقاب ادعاء الملكية، ومن قبل الجهة التي توكل إليها تحقيق مصالح إسرائيل بالقوة العسكرية.

ليبرمان، في كلمة ألقاها أمس في معهد أبحاث الأمن القومي في تل أبيب، رفع فيها نبرة تهديدات إسرائيل للبنان، التي شملت هذه المرة الثروة الغازية والنفطية، مدعياً أن البلوك 9، الواقع إلى الشمال من الحدود مع فلسطين المحتلة، «هو ملكية إسرائيلية، وإسرائيلي بكل المعايير». وصاحَب هذا الادعاء إعادة تصويب «الاتهام» للجيش اللبناني بكونه «جزءاً من المقاومة»، مع التأكيد أن الحرب المقبلة ستكون في مواجهته تحديداً، إضافة إلى التركيز على رفض لبنان أن يبني جيش الاحتلال «جدار فصل» على نقاط متحفظ عليها لبنانياً على طول الحدود مع فلسطين المحتلة، واعتبر أن هذا التصرف «استفزاز».
وحذر ليبرمان من «التصرفات اللبنانية الاستفزازية»، وتساءل عن الأسباب التي تدفع لبنان إلى «ممارسة الضغوط» وحزب الله إلى الاستفزاز، فقط لأن إسرائيل قررت إقامة عائق في أراضيها السيادية، في إشارة منه إلى احتجاج لبنان ورفضه إقامة جدار فصل على المقاطع المتحفظ عليها على الحدود. وأضاف: «هم (اللبنانيون)، مثلاً، عرضوا حقول غاز لمناقصات دولية، ومن بينها البلوك 9 الذي هو لنا».
وحذر ليبرمان في أعقاب ادعائه ملكية الغاز اللبناني، الشركات الدولية التي رست عليها مناقصة البلوك 9 بالقول: «هناك شركات محترمة برأيي، ترتكب خطأً فادحاً، لأن ما حصل هو خلاف للقواعد والإجراءات الدولية في هذا المجال. التصرف (اللبناني) استفزازي، ونحن نسعى للتصرف بحزم، لكن بمسؤولية أيضاً». تصعيد ليبرمان وتهديداته يثيران أكثر من علامة استفهام حول الآتي من أقوال إسرائيل وأفعالها.
في المقابل، أثار كلام وزير أمن العدو، ردود فعلٍ عالية السقف من الجانب اللبناني، صدرت على لسان الرؤساء الثلاثة، إذ اعتبر رئيس الجمهورية ميشال عون، أنّ «كلام ليبرمان يشكّل تهديداً مباشراً للبنان ولحقّه في ممارسة سيادته الوطنية على مياهه الإقليمية، يُضاف إلى سلسلة التهديدات والانتهاكات الإسرائيلية المتكررة للقرار 1701 في الجنوب». فيما نبّه رئيس مجلس النواب نبيه برّي، من خطورة كلام وزير الدفاع الإسرائيلي عن أن «البلوك رقم 9 ليس للبنان، ومع ذلك لبنان يعمل على تلزيمه»، وهو موقفٌ مكمّل للموقف الذي أطلقه برّي من طهران قبل نحو شهر حول سعي إسرائيل لمنع لبنان من استخراج نفطه. بدوره شدّد رئيس الحكومة سعد الحريري، على أنّ «ادعاء ليبرمان باطل شكلاً ومضموناً، وهو يقع في إطار سياسات إسرائيل التوسعية والاستيطانية لقضم حقوق الآخرين وتهديد الأمن الإقليمي». ولفت الحريري إلى أنّ «الحكومة اللبنانية ستتابع خلفيات كلام ليبرمان مع الجهات الدولية المختصة لتأكيد حقّها المشروع بالتصرّف في مياهها الإقليمية، ورفض أي مساس بحقّها من أي جهة كانت، واعتبار ما جاء على لسان ليبرمان هو الاستفزاز السافر والتحدي الذي يرفضه لبنان».
من جهته، رأى حزب الله أن تصريحات ليبرمان «تعبير جديد عن الأطماع الإسرائيلية المتواصلة في ثروات لبنان وأرضه ومياهه، وتندرج في إطار السياسة العدوانية ضد لبنان وسيادته وحقوقه المشروعة». وأعرب الحزب في بيان عن تأييده لـ«مواقف الرؤساء الثلاثة وبقية المسؤولين اللبنانيين ضد هذا العدوان الجديد، نجدد تأكيدنا لموقفنا الثابت والصريح في التصدي الحازم لأي اعتداء على حقوقنا النفطية والغازية والدفاع عن منشآت لبنان وحماية ثرواته». وشدّد وزير الطاقة والمياه سيزار أبي خليل، على أنّ «لبنان سيستخدم كلّ الوسائل المتاحة لدرء الاعتداء الإسرائيلي». ولفت أبي خليل إلى أنّ «كلام ليبرمان اعتداء موصوف على الحقوق اللبنانية ولن نرضى بأن يفرض أحد علينا أي قيود لاستغلال مواردنا النفطية». وأكّد أن «لبنان أبلغ الأمم المتحدة بإحداثية ترسيم حدوده البحرية، حتّى قبل أن تحدّد إسرائيل حدودها»، مؤكّداً أنّ «أي اعتراض على حدودنا البحرية، سيبقى اعتداء على الورق، ولن يستطيع أحد تنفيذه على أرض الواقع».

المصدر: جريدة الأخبار