مرّ أسبوع على مقدمة «أو تي في» المسيئة إلى مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الدولية الياس بو صعب، من دون أن يعيد الرئيس ميشال عون أو رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل الاعتبار له. غير أن المعلومات تقول إن حرب المستشارَين من شأنها أن تنتهي اليوم لمصلحة بو صعب عبر بيان ينصفه عقب انتهاء اجتماع تكتل التغيير والإصلاح

لم تُقفَل بعد قضية مستشار رئيس الجمهورية الوزير السابق الياس بو صعب بعد، إذ لم يصدر أي توضيح من قصر بعبدا أو رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، حول مقدمة نشرة أخبار محطة الـ«أو تي في» التي قدحت وذمت ببو صعب من دون أن تسميه، مطلقة عليه أوصافاً ليس أقلها «العميل المزدوج». مرّ أسبوع على ما حصل، أعقبه غياب الوزير السابق عن اجتماع تكتل التغيير والإصلاح الأسبوعي، فيما لم يحرك أي من المسؤولين العونيين ساكناً تجاه الحرب الداخلية بين مستشارَين رئاسيين.

يومها جاءت المقدمة رداً على تصريحات كان بو صعب قد أطلقها عبر قناة «الجديد»، اعتبر فيها أن المحطة البرتقالية لا تعبّر عن رأي التيار الوطني الحر، غامزاً من قناة مدير أخبارها، أحد مستشاري الرئيس ميشال عون، الزميل جان عزيز الذي تربطه بالوزير السابق علاقة غير ودية. علماً أن تصريح بو صعب ليس بجديد، بعد أن كان قد عبّر عنه بنفسه خلال أحد اجتماعات المجلس السياسي للتيار على ما تقوله المصادر. لكنّ عزيز وجد في كلام بو صعب الذي أغضب العونيين ورئيس التيار الوزير جبران باسيل، فرصة لردّ الصاع صاعين. فرداً على سؤال، قال مستشار الرئيس لشؤون العلاقات الدولية إن الوجود السوري في لبنان كان مشرَّعاً من الحكومة، وبالتالي لا يمكن وصفه بالاحتلال، بعكس ما كان يراه الناشطون العونيون ورئيسهم آنذاك، ما أثار موجة افتراضية ساخطة ضده. وفي الوقت الذي كانت فيه العلاقة بين بعبدا وباسيل من جهة، ورئيس مجلس النواب نبيه بري من جهة أخرى، شبه مقطوعة جراء مرسوم منح ترقية لضباط دورة الـ94 (لم يكن قد صدر تسجيل باسيل الصوتي بعد)، مدّ بو صعب يديه لبري.

حتى أمس، كانت الأمور لا تزال على ما هي عليه: لا الرئيس عون ولا باسيل اعترضا على ما تعرّض له بو صعب، على نحو يوحي بأن ما حصل كان بضوء أخضر من أحدهما. وهو ما نفاه بو صعب خلال مقابلة أخرى مع محطة «أم تي في» عندما أكد أن الرئيس وباسيل رفضا ما جاء في المقدمة. لكن ثمة من يؤكد مقولة أن عزيز لم يكن ليصل في هجومه على زميله إلى حد نعته بصفات العمالة والفساد والسرقة من دون غطاء رئاسي أو باسيلي. ويعزز تلك المقولة واقعة أن مقدمة «أو تي في» انتشرت على مواقع التواصل قبيل ساعة من موعد النشرة الإخبارية بعد أن نشرتها المحطة على موقعها. لذلك، كان بإمكان عون أو باسيل استدراك الضرر عبر إجبار المحطة على تغييرها، وهو ما لم يحصل بطبيعة الحال. وعلى افتراض أن الرئيس عون ووزير الخارجية لم يعرفا بما يُعَدّ لبو صعب، كان يمكن تصحيح الخلل على غرار ما حصل في حالات أخرى. فبعد هجوم القناة البرتقالية على الرئيس بري قبيل صدور تسجيل باسيل الصوتي، بادر القصر الرئاسي إلى توضيح ما حصل مباشرة عبر إصدار بيان يؤكد فيه أن لا مصادر لبعبدا سوى بعبدا نفسها. ولكن في حالة بو صعب، لم يُصدَر أي توضيح أو بيان من أي جهة كانت. في ما عدا ذلك، كان يكفي أن يحلّ باسيل المشكلة على طريقته ويردّ الاعتبار لصديقه وأحد مرشحيه المحسومين في المتن الشمالي عبر نشر صورة معه أو تغريدة مقتضبة كما فعل عند هجوم العونيين على النائب نبيل نقولا سابقاً خلال الانتخابات البلدية. إلا أن باسيل تعامل مع ما حصل، وكأن شيئاً لم يكن، فهو، بحسب المصادر، كان مستاءً شخصياً من كلام بو صعب في مقابلته مع «الجديد»، خصوصاً في ما يتعلق بالرئيس بري. وكذلك «انزعج من هجوم الوزير السابق على جان عزيز مباشرةً وعلناً، إذ كما أن لباسيل تحفظات على مدير الأخبار في «أو تي في»، فإنه يعتبر أن بو صعب يدير أيضاً إذاعة صوت المدى كما يحلو له. فيما رئيس التيار يطمح لأن تكون القناة والإذاعة مؤسستان حزبيتان تخدمان مصلحة التيار لا المصالح الشخصية».
ما سبق لا يعني أن بعبدا تخلت عن مستشارها أو أن التيار أحرق مرشحه، فمن الممكن أن يعمد الطرفان إلى إنصاف بو صعب غداً أو بعد غد أو بعد أسبوع. وفي هذا السياق، علمت «الأخبار» أن باسيل يتجه إلى إثارة قضية بو صعب خلال اجتماع تكتل التغيير والإصلاح اليوم بما يعيد إليه اعتباره. فيما يقول بو صعب لـ«الأخبار؛ إنه «جرى التعرض لكرامتي من قبل كاتب مقدمة نشرة أخبار «أو تي في»، وتركتُ أمر معالجة الموضوع بيد رئيس الجمهورية لاتخاذ الإجراءات المناسبة بحق المعتدي عليّ». من جهة أخرى، تقول المصادر «إنها ليست المرة الأولى التي تُحرج فيها «أو تي في» رئيس الجمهورية ورئيس التيار، بعد التقارير المسيئة إلى بري واستقبال ضيوف يتعارضون وخط التيار السياسي. كذلك الأمر بعد أن خرج بمقدمة نارية تهاجم كل من اعترض على عرض فيلم «ذا بوست» الذي كان قد تناوله السيد حسن نصر الله في الليلة عينها، وهو ما اضطر مسؤولين في القناة إلى الاعتذار من حزب الله». واليوم سيتكرر السيناريو نفسه في ما إذا صحح التكتل «خطأ» الهجوم على أحد أعضائه. فرغم كل ما حصل، لطالما كان للوزير السابق مكانة لدى رئيسي الجمهورية والتيار الوطني الحر ولولا ذلك لما كان قد عُيِّن مستشاراً رئاسياً ولما كان باسيل قد صنفه ضمن المرشحين التسعة للانتخابات، الثابتين حتى الآن. وأكثر من ذلك، فإن عون تعمّد الأسبوع الفائت، وبعد أيام على المقدمة النارية، اصطحاب بو صعب معه لتقديم واجب التعازي بوالدة رئيس الحرس الجمهوري العميد سليم فغالي. إلا أن الأمور لن تستوي بطبيعة الحال إذا لم يصدر بيان علني يرفض ما تعرض له بو صعب. ففعلياً، المرشح المتني بأمسّ الحاجة لهذا التوضيح، لصون كرامته، وحتى لا يخسر الكثير من الأصوات الانتخابية العونية التي ستعتبره ضمنياً أحد المتمردين على سياسة التيار والمعارضين لنشاط المناضلين طوال فترة نفي الرئيس عون. لكن، مهما كانت النتيجة، فإن ما حصل يضرّ بصورة التيار الوطني الحر، والفريق الرئاسي، الذي يظهر مجدداً في صورة غير المتجانس، ما يؤثر سلباً في صورة العهد.

المصدر: رلى إبراهيم - الاخبار