قرّرت الحكومة توسيع نشاطاتها في الإنفاق من خارج موازنة 2017 بنحو 500 مليون دولار، في ظلّ عجز مخيف تعاني منه غالبية القطاعات، وتأخر إصدار مشروع قانون موازنة عام 2018. صرف انتخابي غير مباشر، وفق القاعدة الاثني عشرية، يتصدّره بند تلزّم فيه رئاسة الحكومة مكننة عملها بقيمة 35 مليون دولار… لشركة محسوبة على تيار المستقبل

فيما لا تزال موازنة عام 2018 حبراً على ورق في وزارة المال، بانتظار الاتفاق عليها في مجلس الوزراء، ثمّ إرسالها إلى مجلس النواب لإصدارها بقانون قبل انتهاء ولاية المجلس الحالي، وبرغم عدم مضي أربعة أشهر على إصدار موازنة عام 2017، في ظل العجز الكبير فيها كما في ميزان المدفوعات والميزان التجاري، يمكن وصف جلسة مجلس الوزراء اليوم بـ«جلسة النصف مليار دولار»، مع الاعتمادات الهائلة التي من المفترض أن يقرّها مجلس الوزراء، والتي تصل إلى حد 500 مليون دولار، غالبيتها من خارج الموازنة.

هكذا إذاً، ستقرّر الحكومة مراكمة مبالغ خيالية عليها، ليس سهلاً تحصيلها ودفعها، ولبنان ينشر «غسيل» عجزه عشية سلسلة من المؤتمرات الدوليّة، التي لا يبدو أنها ستؤمّن مبالغ مالية أو هبات، بل على الأرجح ستراكم ديوناً وتفرض شروطاً بإدخال القطاع الخاص شريكاً وسياسات حكوميّة جديدة تحت عنوان «مكافحة الفساد».
غير أن أغرب هذه البنود/ الفضيحة، هو المبلغ الذي تطلبه رئاسة مجلس الوزراء من الحكومة، بتأمين «الاعتمادات اللازمة لتحديث ومكننة أعمال رئاسة مجلس الوزراء»، بقيمة 35 مليون دولار! ليس هذا فحسب، إذ يسجّل البند فضيحة ثانية وثالثة، فهو أوّلاً مصمّم على مقاس شركة واحدة محدّدة، وثانياً «يصادف» أن هذه الشركة ذاتها، هي التي أعدّت الملفّ الذي قُدّم إلى مجلس الوزراء. أحد أبرز بنود الجلسة أيضاً، طلب وزارة الأشغال اعتماداً بقيمة 200 مليون دولار لتوسيع مطار بيروت، فيما يبرز أيضاً بند تجديد عقد تقديم الخدمات للكهرباء لشركة دبّاس بقيمة 231 مليون دولار!
ويأتي أخيراً، طلب وزير البيئة طارق الخطيب، مبلغ 20 مليون دولار لمعالجة المطامر العشوائيّة.

صحيح أن هذه البنود لا يمكن ربطها بالإنفاق الانتخابي المباشر، إلّا أنه يمكن إدراج هذه الحيوية في «الإنفاق»، في ظلّ العجز الكبير الذي تعاني منه خزينة الدولة، في إطار الانفاق الانتخابي غير المباشر. لكن طلب رئاسة مجلس الوزراء، الذي يمنح 35 مليون دولار لشركة تدور في فلك تيار المستقبل ويرتبط أصحابها بالرئيس سعد الحريري، لا يمكن أن تخرج من خانة الإنفاق الانتخابي، أو محاولة تحصيل الأموال باكراً قبل الانتخابات من الدولة، لصرفها في شراء الذمم ودفع تكاليف الحملات الانتخابية، التي يصادف أيضاً، أن تيار المستقبل في أمسّ الحاجة إليها، في ظلّ الشّح المالي الذي يعانيه.

على صعيد آخر، يدرس مجلس الوزراء في جلسته اليوم مشروع قانون مقدّم من وزير المال علي حسن خليل، يرمي إلى توسيع مهلة تطبيق القاعدة الاثني عشرية وربطها بإقرار موازنة عام 2018 بدلاً من أن تكون محصورة بشهر كانون الثاني فقط كما تنص عليها المادة 86 من الدستور.

ونصّ مشروع القانون، وهو عبارة عن نسخة من القانون 717 الذي أقرّ في 3 شباط 2006 أيام كان فؤاد السنيورة رئيساً للحكومة الذي أجاز إقرار الجباية والإنفاق لغاية صدور موازنة 2006، ما يترك انطباعاً بأن موازنة 2018 ليست جاهزة وأنها قد لا تقرّ قبل الانتخابات النيابية.

لكن وزير المال نفى لـ«الأخبار» أن يكون المرسوم دليلاً على تأخير صدور الموازنة، مؤكداً أن الاتفاق بين الرؤساء الثلاثة حسم ضرورة الإسراع بإصدار الموازنة. وأقرّ خليل بأن مشروع المرسوم غير دستوري، «لكن في ظل عدم صدور الموازنة، عليّ أن أغطي قانوناً الإنفاق والجباية، بهدف استمرار المرفق العام، لأن إجازة الإنفاق وفق القاعدة الاثني عشرية، انتهت يوم 31 كانون الثاني».

ويأتي مشروع قانون وزير المال بعنوان «إجازة جباية الواردات كما في السابق وصرف النفقات اعتباراً من أول شباط ولغاية صدور قانون موازنة 2018 على أساس القاعدة الاثني عشرية». وينص المشروع على أنه «يجاز للحكومة اعتباراً من أول شباط ولغاية صدور قانون موازنة 2018، جباية الواردات كما في السابق وصرف النفقات على أساس القاعدة الاثني عشرية قياساً على أرقام الاعتمادات المرصودة في موازنة عام 2017، على أن يؤخذ بالاعتبار ما أضيف إليها وما أسقط منها من اعتمادات في الجزء الأول من الموازنة».

المصدر: الأخبار