تبدو جميع القوى الانتخابية في بيروت الثانية بحالة ارتباك. لا تحالفات محسومة (باستثناء حركة أمل وحزب الله)، ولا لوائح مكتملة حتى الآن. تسير الأمور ببطء شديد في هذه الدائرة. لكن الأكيد أنها ستكون معركة «مدوزنة»، بحيث سيكتفي حزب الله وحركة أمل بمرشحين سنيَّين أو ثلاثة على أبعد تقدير من أصل 6
تستعد «بيروت الثانية» انتخابياً لنهاية مرحلة وبداية مرحلة سياسية جديدة، لا مكان لأُحادية تيّار «المُستقبل» فيها. القانون الذي ستجري بموجبه الانتخابات هو العنوان البارز. هذه هي المرة الأولى التي تُطرح فيها جدياً القاعدة النسبية، والمرّة الأولى التي سيجِد فيها أكثر من طرف، ولو غير نافذ، طريقاً له باتجاه البرلمان.
لكن المُفارقة أن هذا القانون، رغم كونه مصلحة حقيقية للعديد من الشرائح البيروتية المغبونة سياسياً، أضاع المشهد أكثر ممّا ساعد القوى المشارِكة انتخاباً وترشيحاً في تحديد خياراتها. فلكلّ طرف، فضلاً عن حساباته في تحقيق مكسب ضد خصمِه السياسي، حسابات ترتبط بالحفاظ على حضوره هو، من ضمن الاصطفاف الذي ينضوي تحت لوائه، ما يجعل التحالفات والتسميات أكثر تعقيداً ممّا يتخيله البعض.
على ضفّة تيار «المُستقبل» الذي يواجه معضلة التسميات، فُتح سوق الترشيحات. باستثناء الرئيس سعد الحريري والوزير نهاد المشنوق والرئيس السابق تمام سلام، تقول مصادر مستقبلية إن «ترشيح رجل الأعمال، رئيس نقابة أصحاب مصانع الرخام والغرانيت ومصبوبات الإسمنت في لبنان، نزيه نجم، أصبح شبه مؤكّد». في المقابل، يعيد الحريري النظر جديّاً في ترشيح عمر موصلّي «بعد أن كشفت الاستطلاعات أنه لا يملك الحيثية التي كانت متوقعة له، وبالتالي غير قادر على استقطاب عدد كبير من الأصوات». وبعد أن جرى الحديث عن استبدال النائب باسم الشاب عن المقعد الإنجيلي في بيروت، بمرشّح للتيار الوطني الحرّ (على الأغلب سيكون القس إدغار طرابلسي)، لفتت المصادر إلى أن الحريري متمسّك بباسم الشاب ولا يزال الأوفر حظاً، لذا يدرس التيار إمكانية تأليف لائحة دون تحالف مع التيار الوطني الحرّ.
وفي هذا الإطار، أفادت بعض المعلومات بأن التيار الوطني الحر «أبلغ حزب الله رغبته في ترشيح إنجيلي على لائحة 8 آذار». ومع أن الرئيس الحريري يبدو حاسماً لجهة ترشيح سيّدة على لائحته، جزمت المصادر بأنه لم يقرر بعد اسم مرشحته، وأن كل الأسماء التي يجري الحديث عنها ليست مؤكدة، وأن التسريبات لا تخرج من «بيت الوسط، بل من محيط بعض الطامحات»، إذ بعد تناقل اسم الإعلامية لينا دوغان، برز اسم نادين جارودي، لكن «كل ذلك يبقى في إطار الشائعات».
في ما يتعلّق بلائحة 8 آذار، يُواجه هذا الفريق بعض العِقد التي تمنع حركة أمل ــ حزب الله من إعلان أسماء مرشحيهما حتى الآن. وفق مصادرهما فإن الـ 10 في المئة التي تحدّث عنها نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم، قصد فيها دائرة بيروت الثانية. فبعد سعي الحزب لإقناع النائب السابق نجاح واكيم بالترشح شخصياً، انتهت المفاوضات معه مساء أمس بشكل سلبي، خصوصاً في ظل إصرار الأخير على أن حركة الشعب رشّحت رئيسها ابراهيم الحلبي وعمر واكيم في بيروت الثانية، وأنها ستخوض المعركة الانتخابية بمواجهة أمل وحزب الله جنوباً.
في المقابل، بعد أن عمِل أحد الإعلاميين، كوسيط بين «أمل» و«الحزب» والوزيرة ليلى الصلح حمادة لتكون مرشّحة عن أحد المقاعد على لائحة 8 آذار في بيروت الثانية، علِمت «الأخبار» أن الصلح ستزور الرياض خلال أيام وتلتقي الوليد بن طلال، وبعد ذلك تحدد خياراتها.
أما في ما يتعلّق بجنعية المشاريع الخيرية الإسلامية (الأحباش)، فقد أكدت مصادر 8 آذار أن «الجمعية» حسمت انضمام مرشّحها إلى اللائحة، لكنها تتمسّك بعدم إعلان ذلك، إلى حين تبديد بعض المشاكل الداخلية فيها، خصوصاً أنها تعرضت لبعض الضغوط الخارجية. وأشارت إلى أن «عدم تحالفها مع أي جهة يضعف حظوظ مرشحها في الفوز، لصعوبة تأمينها الحاصل الانتخابي وحدها».
وتقوم استراتيجية فريق 8 آذار في هذه الدائرة على تشكيل لائحة غير مغلقة تحديداً في المقاعد السنية، ولذلك، تتّجه إلى تسمية ثلاثة فقط، لسببين: الأول عدم قدرة على الفوز بأكثر من هذا العدد، والثاني عدم استغلال الحريري لهذه النقطة ولعب دور الضحية «في الشارع السني». أما الأسماء شبه المحسومة على اللائحة حتى الآن، فهي عن المقاعد السنية: عدنان طرابلسي (الأحباش)، سالم زهران، وعن المقاعد الشيعية أمين شرّي. أما إنجيلياً، فإن مرشّح اللائحة هو فارس سعد (عن الحزب السوري القومي الاجتماعي)، وهو ما يمكن ان يؤدي إلى ازمة داخل الفريق الواحد، في حال حسم التيار الوطني الحر أمره بالانضمام إلى لائحة 8 آذار، بمرشحه إدغار طرابلسي.