تُكمِل «شعبة المعلومات» حربها على الضبّاط الفاسدين. الحصيلة الأخيرة لحملة «التنظيف» التي انطلقت داخل المؤسسات الأمنية طالت خلال الشهرين الماضيين أربعة ضباط (أحدهم من جهاز أمن الدولة) ورتيب من قوى الأمن. جميع هؤلاء كانوا يعملون بصفة سائقين لدى تجار مخدرات
بلغت حصيلة التوقيفات التي نفذتها «شعبة المعلومات» في قوى الأمن الداخلي ثلاثة ضباط ورتيباً من قوى الأمن الداخلي، وضابطاً برتبة رائد من جهاز «أمن الدولة»، جميعهم مشتبه في تورطهم في تسهيل حركة تجّار مخدرات وتهريب ممنوعات. وكان لافتاً للانتباه أنّ هؤلاء الضباط المشتبه فيهم يعملون في خدمة عدد من المطلوبين بجرائم الاتجار بالمخدرات، فيعمدون إلى نقلهم على متن سياراتهم العسكرية، لتسهيل مرورهم على الحواجز الأمنية.
ويتقاضى هؤلاء مقابل خدمة التوصيل مبالغ مالية باهظة، اعترف بعضهم بتقاضيها بدل رشوى للتستّر على المطلوبين، فيما يصرّ أحد الضباط على إنكار تقاضيه أيّ مبلغ مالي. والضباط الموقوفون هم الملازم أول توفيق ع. والملازم أول محمد م. والملازم أول فضل أ. والرائد جورج ب.، وقد اعترفوا جميعهم بالعمل في خدمة عدد من تجار المخدرات.
من الموقوف حسين م. الملقب بـ«حسين الغبي» الذي ورّط عدداً من عناصر المديرية وضباطها، مروراً بأحد أبرز «تجار المخدرات بالجملة» الموقوف ع.ع.م.، المطلوب بموجب عشرات مذكرات التوقيف بجرائم ترويج المخدرات والاتجار بها، ووصولاً إلى تاجر مخدرات وابنه المدعوين زاهر ز. (مواليد 1961) وعلي ز. (مواليد 1987)، وكلاهما مطلوبان؛ الأوّل في حقّه 96 مذكرة عدلية بجرائم قتل ومحاولة قتل وإطلاق نار وتجارة وترويج مخدرات، فيما يزخر سجل الابن بـ91 مذكرة عدلية بجرائم تجارة وترويج المخدرات. جميع هؤلاء تبيّن أن من يحمي تواريهم ضباط في السلك الأمني يسهّلون حركتهم ويساعدونهم في تهريب الممنوعات، أحياناً على متن السيارات العسكرية.
وفي هذا السياق، كشفت مديرية قوى الأمن الداخلي عن العملية الأخيرة التي أدّت إلى توقيف مطلوبين وضابط، ليعترف المشتبه فيهما بالاتجار بالمخدرات وبارتباطهما بضابط في قوى الأمن الداخلي. وقد أفاد الموقوفان بأنّ هذا الضابط كان يعمل شخصيّاً على تأمين عملية انتقال تاجر المخدرات الأب ضمن منطقة البقاع، وانتقال ابنه من البقاع الى محلّة الفنار، خوفاً من توقيفهما على الحواجز الأمنية. وينشط هؤلاء في الاتجار بالمخدرات وحبوب الكبتاغون. وعلمت «الأخبار» أنّ المشتبه فيه زاهر (الأب) كان قد استأجر منزلاً في تبنين، فيما يقيم ابنه علي في المنصورية.
واعترف زاهر ز. المذكور بأنّه التقى مرات عدة بأحد رتباء قوى الأمن الداخلي، الذي قام ــ ضمن اختصاص عمله ــ بتقديم المساعدة للمطلوب، وبأن الصيدلي (م. أ.، مواليد 1980، لبناني) زوّد الموقوف الثاني بمادة أوّلية تستخدم في صناعة «الكبتاغون». وقد تم توقيف الضابط والرتيب والصيدلي المذكورين، واعترفوا بما نسب إليهم.
وقد ضُبط في حوزة الأول مسدس حربي وممشطا طلقات نارية. وبتفتيش منزل الثاني، عُثر فيه على كمية من مادة الكوكايين مخبّأة داخل علبة إسعافات أوّلية، إضافة الى ضبط ميزان دقيق، وبطاقة هوية مسروقة كان يستخدمها أثناء تنقلاته.
لقد بلغت حصيلة الموقوفين من ضباط قوى الأمن ثلاثة، لكنّهم ليسوا وحدهم، إذ كشفت التحقيقات مع الموقوف علي ع. م. أنّ رئيس مكتب أمن الدولة في الأشرفية الرائد جورج ب. متورّط في نقل هذا المطلوب من البقاع وإليه. وقد بدأت علاقة ضابط أمن الدولة بتاجر المخدرات عندما كان الضابط يتولى رئاسة مكتب أمن الدولة في الهرمل، قبل أن يُنقل إلى قسم الاستعلام والتحقيق هناك. وعلمت «الأخبار» أنّ قيادة شعبة المعلومات طلبت من جهاز أمن الدولة الاستماع إلى إفادة الضابط الموقوف الذي اعترف بما نُسب إليه، وأقرّ بأنّه نقل المطلوب مرتين من البقاع إلى بيروت، لكنه نفى أن يكون قد نقل معه على متن السيارة مخدرات أو أي ممنوعات. كذلك نفى تقاضيه أي مبالغ مالية لقاء هذه الخدمة التي كان يقدّمها لأحد أبرز تجار المخدرات في البقاع.
تجدر الإشارة إلى أنّ المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان أكّد في ختام بيان قوى الأمن أنّ مبدأ المحاسبة ومكافحة الفساد مستمر بشفافية تامّة، بعدما كان قد أصدر الأسبوع الماضي أمراً عاماً إلى ضباط وعناصر قوى الأمن الداخلي، «حذّر فيه من مغبّة تجاوز حدّ السلطة».