يحط الليل على هذا الوطن آمنا، لا سيما وأن الأمين اليوم قد اطلّ في ذكرى القادة الشهداء، ورسم بالخطاب الفصل الخطوط الحمر التي يجب على العدو، وحلفاء العدو والمتعاطفين سرا مع العدو، ان يحسبوا حسابها الف مرة قبل ان يتجرأ احد منهم على تهديد لبنان.. اليوم، كرس الخطاب ما تم صنعه بالدم وبالصبر وبالشهادة وبالبطولة.. قوة لبنان في مقاومته، شاء من شاء، وخاف من خاف، وامتعض من امتعض.
في كل بقاع الارض، يستطيع اي كان ان يقول ما يريد، سرا او علنا، سواء كان ذلك مكلفا كموقف او سهلا وعابرا.. اما حين يكون القائل رجلا بحجم السيد حسن نصر الله، فهنا تجد ان العالم بأسره، بكل محاوره، يصغي منتبها لكل تفصيل.. لذا، تجد الصهاينة، والمستعربين في سائر الدول المجاهرة بالتطبيع او تلك التي تتعاطاه سرا، يصغون حتى للفواصل التي بين كلماته، يحللون كل حرف وكل تلميح، ويحاولون عبثا لململة اعصابهم عسى يستطيعون اقناع ناسهم انهم ما زالوا يمتلكون ولو القليل من فتات القوة والجرأة على التهديد.
اما محليا، فالامر يتخطى مجرد الاصغاء والتحليل واعادة برمجة الخطط، فهنا يتلقى الحلفاء وابناء البيئة المقاومة الخطاب بما يشبه تلقي فيض النور في لحظات الفجر.. تجد العشق ينضح من اواني القلوب، والشعور بالفخر يطغى على كل النبضات.. تصبح الارواح سلاحا وتُستعاد كلمات حاج فلسطين، الحاج عماد: "الروح هي يلي بتقاتل".. لذا تجد السامعين ارواحا تنتصب للقتال، بإشارة من بسمته.. "لو خضت البحر لخضناه معك" تصبح كل الكلام.. كيف لا، وهذا الامين على السلاح والبلاد والنفوس يخبرنا، بلسان الصدق واليقين، اننا منتصرون..
اما في الجهة الاخرى، هناك حيث صرخ احد الخطباء المسترجعين من الاحتجاز لدى حلفائهم انه لا يريد تحالفا انتخابيا مع قوة الشرف في لبنان وسائر بقاع المقاومة، وحيث يتلطى سجين سابق خلف كلمات مفخخة، وهو الخبير بالتفخيخ، كي يجد في تفنيد الخطاب ما يقوله في بيان او في مؤتمر صحفي، وحيث يستشيط احدهم حقدا وضعفا فيهبّ للرد على الخطاب الراقي فلا يجد ما يقول الا السفاهة التي تفيض منه فيقع في فخ انكشاف مستواه، مرة بعد مرة.. هناك، في تلك الجهة، ترتعد القلوب التي تريد لبنان ضعيفا كي تبقى عند حسن ظن اولياء امرها، او كي تجد دائما ما تستعطيه من الدول المانحة عسى تسد به طمعها الذي لا ينتهي.. وفي الجهة تلك ايضا، ستجد من لن ينام طيلة ليلتين مقبلتين كي يجد ثغرة في كلام السيد يداري بها خزيه ولا يجد، فيبيت في ليلته الثالثة والخزي فراشه..
لقد وضع الامين حد الكلام سيفا لا يغمد الا منتصرا، اعاد التأكيد على المقاومة في فلسطين، تحدث عن احمد جرار بلهجة الاب الذي عن هادي الشهيد يتحدث، عن عهد التميمي الفتاة البطلة، وعمر العبد الذي حُكم عليه بـأربعة مؤبدات وبقي مبتسما، ثم وضع الدولة اللبنانية امام مسؤولياتها قاطعا بذلك الطريق على اصحاب انشودة "دور الدولة"، واشهرَ قوانين المقاومة حدودا تحمي وتدافع وتكتب بالنصر التاريخ والذاكرة..
هنا لبنان، حل الليل وغفا ملء جفونه التي تكحلت بخطاب الامين، وتباهى الوطن على كل الأوطان.. هنا بيت المقاومة.. هنا الحصن.. وهنا القوة التي تهدد ولا تهاب، وتجعلنا، في كل لحظة، اكثر فخرا بانتمائنا واكثر يقينا بانتصارنا واكثر امانا بقوتنا.. هنا لبنان، وكل العالم يصغي ويسمع.. وإن تكلم فسيقول: قد قال الامين!
المقالات الواردة في الموقع تعبر عن آراء أصحابها ولا تعبر عن رأي إدارة الموقع