سبع سنين على الثورة المنسية. 

قبل أيام حرص الشيخ عبد الفتاح مورو الذي كان يدير جلسة نيابية في تونس على تهنئة التونسيين بعيد الحب، ما أثار حفيظة النائب في البرلمان التونسي عن الجبهة الشعبية مباركة عواينية زوجة الشهيد محمد براهمي التي اعتبرت أن من الأولى توجيه التحية في مثل هذا اليوم للشعب الثائر في البحرين ولشهدائه على طريق التحرر من النظام الفاسد في المنامة، مع توجيه دعوة له للتعقل في الذكرى السابعة للثورة البحرانية، حتى لا يذهب إلى مزبلة التاريخ كما ذهب غيره من الظالمين.


الشيخ مورو الذي كان يهنئ بعيد الحب ينتمي إلى حركة النهضة الإخوانية، التي حكمت تونس 2011-2014 يوم أن فتحت أبوابها للدعاة السلفيين التكفيريين، من أمثال وجدي غنيم وغيره، وحينها سهّل الحزب الحاكم لآلاف المتطرفين التونسيين السفر إلى سوريا، من مطار قرطاج الدولي، بعد تسهيل منحهم جوازات سفر إبان حكومة حمادة الجبالي، ووزير داخليته علي الْعُرَيِّض، والهدف هو الانضمام إلى داعش الوهابية، أو تنظيم القاعدة المتمثل بجبهة النصرة، للجهاد ضد النظام السوري بالطبع، وجز رؤوس الكفار، وليس لتوزيع الورود الحمراء والدببة على السوريين والسوريات.


طيلة السنوات السبع الماضية سعى دعاة الإسلام السياسي المرتبط بالسعودية وبعض الدول الخليجية إلى تصوير ثورة الشعب البحراني بالطائفية، وذنبها أن أغلبية أبناء البحرين ينتمون إلى مذهب أهل البيت عليهم السلام، مع أن هذه الثورة بخلاف كل الحراكات في المنطقة تميزت بقيادة حكيمة رشيدة، تعالت ورغم وحشية النظام، وأجهزته القمعية التي يتشكل مرتزقتها من جنسيات (أردنية، سورية، يمنية، عراقية)، أو آسيوية (هندية أو باكستانية و بلوشية)، على جراحها، وحافظت على عقلانيتها، وسلميتها، ولم تنجر للعنف والسلاح، في مؤشر على نضج ثوري قل نظيره، ولسان حالهم ووعيهم المتشكل من فتاوى الفقهاء المراجع، ومن التوجيهات الواضحة لآية الله الشيخ عيسى قاسم أننا لسنا ضد وطننا ومقدراته، ولكننا ضد النظام المستبد المتصهين، التمييزي المرتهن للأمريكي وللعقلية السعودية الوهابية، والذي منذ سنوات طويلة وحتى اليوم يمنح الجنسية لآلاف الغرباء، ويسحب الجنسية من معارضيه في محاولة واضحة لتحويل الأكثرية إلى أقلية.

 هذا السلوك جعل البلاد قنبلة موقوتة، متمثلة بمعظم الشعب المحتقن، بالإضافة إلى أخرى مكبوتة تتشكل من آلاف المعتقلين داخل السجون، التي تدار من عناصر أجنبية، وتحولت الجزيرة الصغيرة إلى مسلخ بشري مفتوح، يسيل دم شهدائها بصمت، وتختنق شوارعها بالرصاص والغاز السام، وتضج بالجنود القساة الغرباء، وبعد إعدام ابرز المعارضين ولحرق قلوب أمهاتهم، يرسلون لهنّ ثياب إعدام الشهداء، كما حصل في حالة الشهداء علي السنكيس، وسامي المشيمع، وعباس السميع.

كل ذلك يعني أن النظام يضيق من خياراته السياسية. وزاد الطين بلة الموقف التعسفي المستمر ضد آية الله الشيخ المجاهد عيسى أحمد قاسم الذي تتدهور صحته يوما بعد يوم.


 

قبل أيام سألني أحد الزملاء الفلسطينيين عن سبب إيماني بثورة أهل البحرين، وزعيمها الروحي الشيخ قاسم، جوابي كان واضحا: لأن البوصلة هي فلسطين، نظام آل خليفة على طريقة حكام الرياض أقل ما يوصف به أنه مهووس بالتطبيع، وبناء العلاقات مع الكيان الغاصب، والصهاينة دائمو التردد على إمارة الخوف، يدربون العناصر الأمنية على قمع المحتجين، ويرقصون مع بعض الشراذم على أغانيهم العنصرية، وقبل أيام كان نجل الملك في تل أبيب يستقبله وزير الاتصالات الإسرائيلي بشكل علني، وقبله الوفود التطبيعية تفاخر بالسياحة في الكيان المحتل! في الوقت الذي كان فيه الشعب الفلسطيني ينتفض ضد قرار ترامب باعتبار القدس عاصمة للصهاينة، وعندما سئل وزير خارجية البحرين خالد آل خليفة عن هذه الهرولة، برر بأن قضية فلسطين قضية جانبية، وليس من المفيد إثارة الخلاف بشأنها، داعيا للتكاتف في مواجهة إيران. أما المعارضة البحرينية، فموقف قياداتها ومراجعها ثابت في تأييد نضال الشعب الفلسطيني، وعندما تظاهروا رغم المنع الحكومي ضد قرار ترامب؛ قدموا شهيدا على مذبح الأقصى هو الشاب محمود الجزيزي الذي ارتقى برصاص قناص يوم مسيرة الغضب قرب السفارة الأمريكية في المنامة.
 الشيخ قاسم هو القائل في يوم القدس: "..انه يوم فلسطين التي نسيتها أكثرية الحكومات العربية، أو استرخصتها لحساب تبعيتها لخارج الأمة، وتنكرا لها..". هذا الشيخ في أحلك الأوقات رفض رسل الأمريكين؛ مؤكدا أنهم لا يقفون إلى جانب الشعوب المظلومة، ولا يُشد بهم ظهر لا في سراء ولا ضراء، مؤكدا بذلك نقاء الحراك البحريني من أي تبعية، أو اعتماد على أجنبي. لم يكن الشيخ قاسم يوفر أي مناسبة ليعرب فيها عن تأييده لنضال الشعب الفلسطيني، وليس المقام هنا لاستعراض هذه المواقف التي أوجدت حالة وعي بين الشباب الفلسطيني، جعلتهم يرفعون صوره في وقفات احتجاجية ضد زيارة الوفود البحرينية للكيان الغاصب. إن الانتصار لأهل البحرين على الطغمة التي تحكمهم بالإكراه هو انتصار لفلسطين، في الوقت الذي يغطي فيه الأمريكي والصهاينة على جرائم آل سعود ودرع الجزيرة وحلفائهم في المنامة، رغم التقارير العديدة ابتداء من تقرير بسيوني الشهير، وكلها تؤكد الجنايات المتكررة ضد الشعب المنتفض.

كاتب فلسطيني

 

المصدر: خاص شاهد نيوز

المقالات الواردة في الموقع تعبر عن آراء أصحابها ولا تعبر عن رأي إدارة الموقع