قرابة الرابعة عصراً، في محطة البنزين التي يعمل فيها منذ نحو شهرين في بلدة الزرارية الجنوبية، أُطفئت عينُ العامل السوداني حمدي عزالدين أحمد. على حدّ تعبير طبيب التجميل والترميم ورئيس بلدية الزرارية الدكتور عدنان جزيني، «فُرمت» عينُ حمدي اليُسرى برصاصة أطلقها المواطن اللبناني ر.ح. على وجهه فهشّمته.
أصابت فكه العلوي واخترقت عينه لتخرج من أنفه. حدث هذا أول من أمس. وحسب رواية أهل البلدة، ووفق ما أظهرته كاميرات المُراقبة في المحطة، عند السابعة وعشر دقائق من عصر السبت، جاء ر.ح. ليُزوّد سيارته بالبنزين. طلب من حمدي تزويد السيارة بقيمة ألفي ليرة، فاستجاب العامل له. وأثناء عملية التزويد، تزامن وجود أحد رواد المحطة، وكان يملأ دراجته النارية بالوقود، على مقربة من سيارة المشتبه به. كان يُمازح حمدي ويتحدّث معه ويضحكان معاً. يقول جزيني لـ «الأخبار»، إن المشبته به ظنّ بأن حمدي يسخر منه ويتحدث معه، فتلاسن معه وهدّده بالقتل قائلاً «والله بقتلك، بالرغم من محاولات حمدي الكثيرة التأكيد بأنه لم يكن يتحدّث اليه».
غاب المشتبه به بعض الوقت، وتوجه إلى ساحة البلدة ثم عاد ثانية الى المحطة. نادى حمدي وطلب منه الاقتراب قبل أن يُصوّب سلاحه من نوع «بومب اكشن» على وجهه.
أطلق النار وهرب. يرقد حمدي حالياً في مُستشفى النبطية الحكومي، ومن المُقرر أن يخضع اليوم لعملية إعادة ترميم للفك العلوي، أمّا عينه فقد «تعطّلت تماماً»، بحسب جزيني الذي سيقوم بنفسه بإجراء العملية له. تُفيد المعطيات الأولية أنه تمّ التعرّف على المشتبه به من خلال صور كاميرات المُراقبة التي سجّلت رقم السيارة التي كان يستقلّها والتي يبدو أنها مستأجرة. يقول جزيني إن المشتبه به من قرية جبشيت، لكنه من سُكّان بيروت، وقد عُثر على السيارة التي كان يستقلّها في بلدة أنصار.
بحسب شعبة العلاقات العامة لقوى الأمن الداخلي، لم يتم توقيف الجاني بعد «لكنه قيد المُلاحقة»، فيما تُفيد داتا الاتصالات أنه اتصل بصاحب الشركة التي استأجر منها السيارة، وأخبره بأنه لن يُعيد اليه السيارة في الموعد المُتفق عليه، وسيقوم بإعادتها لاحقاً، قبل أن يُقفل الخط بسرعة. يصف جزيني الحادثة بـ«المستغربة»، نظراً للتداعيات الخطيرة التي تُثيرها. برأيه، هذه الجريمة «تُحتّم فتح ملفات السلاح المُتفلّت والمخدّرات والبطالة وغيرها من المُسبّبات الاجتماعية لهذا النوع من الجرائم». صحيح أن جريمة إطفاء عين حمدي ضمن لن تُدرج ضمن سجلّ هذه الجرائم، باعتبار أنه لم يُفارق الحياة، لكنّ الجريمة تعيد التذكير بمطلب عدد كبير من الباحثين في علم النفس الاجتماعي، المتمثل بالقيام بدراسات معمقة حول طبيعة الجريمة المرتكبة في لبنان، نظراً لأن هذا النوع من الدراسات يعد مدخلاً أساسياً للقيام بإصلاحات من شأنها معالجة أسباب الجريمة وخفض أعدادها. لقد خسر العامل عيناً، وكاد أن يقتل، بسبب «سوء تفاهم». بالتأكيد، المسألة أعمق مما تبدو عليه بكثير.