«مكانك راوح». بهذه العبارة يلخّص مرجع لبناني معني بملف الحدود البحرية بين لبنان وفلسطين المحتلة، نتائج الجولات المكوكية التي يقوم بها مساعد وزير الخارجية الأميركية ديفيد ساترفيلد بين بيروت وتل أبيب
مع عودته إلى بيروت، التقى مساعد وزير الخارجية الأميركية ديفيد ساترفيلد، أمس، كلاً من رئيس الحكومة سعد الحريري ووزير الخارجية جبران باسيل وقائد الجيش جوزف عون، على أن يلتقي، اليوم، الرئيس نبيه بري قبل أن يقرر ما إذا كان سيعود مجدداً إلى فلسطين المحتلة. ولوحظ أن المدير العام للأمن العام، اللواء عباس إبراهيم، الذي شارك في لقاء ساترفيلد ـ قائد الجيش، انتقل من وزارة الدفاع إلى عين التينة، حيث وضع بري في أجواء اللقاء مع الموفد الأميركي.
لا تبدل في الموقف الأميركي حتى الآن. هم يتمسكون بخط فريديرك هوف. وفي المقابل، سمع الموفد الأميركي موقفاً لبنانياً متمسكاً بسيادة لبنان الكاملة على أراضيه ومياهه. بري سيكرر أمام ساترفيلد ما ردده، أمس، في لقاء الأربعاء: «المعادلة الإسرائيلية ما لنا لنا وما لكم لنا ولكم، هي معادلة مرفوضة قطعاً ولن تستقيم أو تمرّ». زد على ذلك تمسك بري باقتراح الترسيم البحري الثلاثي (راجع «الأخبار» في عدد الاثنين الماضي).
وعلمت «الأخبار» أن ساترفيلد كان قد التقى قبل عودته الأسبوع الماضي إلى تل أبيب، بشكل مفاجئ مجموعة من الخبراء النفطيين اللبنانيين، حيث بادرهم إلى القول إن البلوك رقم 9 ليس ملك لبنان، وهو بالتالي لا يحق له أن ينقّب فيه. لكن الخرائط اللبنانية كانت حاضرة لتؤكد لـ«الوسيط» الأميركي أنه حتى لو تبنى المنطق الإسرائيلي، فإن المنطقة التي تدّعي إسرائيل ملكيتها لا تتعدى مساحتها، داخل هذا البلوك، 150 كلم مربع فقط، وبالتالي فإن أغلبية مساحة البلوك ليست ضمن المنطقة المسماة «متنازعاً عليها». وهو الأمر نفسه الذي سبق لشركة توتال الفرنسية أن أكدته في بيانها، الذي أشارت فيه إلى أن البئرين اللتين ستحفرهما تقعان في المياه اللبنانية.
الانطباع السائد بين المعنيين بالملف، أن إسرائيل بحاجة لإيجاد حل لأزمة الحدود البحرية. فهي تدرك أن قدرة المناورة لديها محدودة، خاصة أن أي تطور عسكري، ستكون كلفته عليها عالية، وليس أقلها أن تكون منصاتها في البحر هدفاً سهلاً في أي مواجهة، ما يمكن أن يضيّع عليها مليارات الدولارات. الاعتراض على التوتر المائي، كانت إسرائيل قد سمعته أيضاً من شركة Energean اليونانية التي حصلت على حقوق الاستكشاف في خمسة بلوكات في شمال المنطقة الاقتصادية في فلسطين المحتلة، إضافة إلى تطوير حقلي كاريش وتانين. حتى إن حديث وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينيتس لصحيفة يديعوت أحرونوت منذ نحو أسبوعين عن أن «الفجوة على ترسيم حدود المياه الاقتصادية مع لبنان هي بنحو 7 كلم بين حدودنا وبين ما يطلبه اللبنانيون»، فُسِّرَت لبنانياً على أنها خفض للسقف الإسرائيلي. كذلك، يبدو لافتاً أن الشركة اليونانية العاملة في «إسرائيل» تضع على موقعها الإلكتروني خريطة لعملها، تظهر بوضوح أن خط الحدود ليس الخط المعتمد من قبل إسرائيل، لا بل ترسم خطاً جنوب الخط الذي يطالب به لبنان، فترسمه على مقربة من حقل كاريش. علماً أن الخرائط الإسرائيلية ظلت تعتمد الترسيم اللبناني للمنطقة الحدودية منذ رسّمت البلوكات النفطية في عام 2009، أي بعد الاتفاق اللبناني القبرصي، ولسنة مضت، قبل أن تعمد إلى رسم بلوكات داخل المناطق المتنازع عليها.
يحذر أحد الخبراء، الذين تابعوا في عام 2012 الوساطة التي قام بها الوسيط الأميركي فريدريك هوف، من الخلط بين خط هوف وخطة هوف. الأميركيون حالياً يتحدثون عن خط هوف الذي يقرّ للبنان بنحو 65 بالمئة من حقه في مياهه مقابل إعطاء 35 بالمئة لإسرائيل. لكن أحداً لا يتحدث عمّا وصلت إليه خطة هوف، التي قضت بالتسليم بحق لبنان بالـ65 بالمئة من مياهه، لكن من دون التسليم بإسرائيلية المنطقة الباقية، حيث اتفق حينها على أن يستمر التفاوض بشأن تلك المنطقة.