لم يحتج ضباط فرع المعلومات وعناصره سوى خمس ساعات فقط لتوقيف أحد الخاطفين من بين أفراد العصابة التي اختطفت الطفلة السورية صالحة كتّوع من أمام منزلها في بر الياس، بقصد طلب فدية مالية أمس. أوقف أول الخاطفين عند الساعة الواحدة ليُستخدم كطُعم للإيقاع بباقي أفراد العصابة وتحرير الطفلة المخطوفة.
الموقوف أبلغ المحققين أنّ الرأس المدبّر الذي يحتجز الطفلة مسلّح ولن يتوانى عن قتلها إذا دُهم المنزل الذي يختبئ فيه. قال إنه يحمل مسدساً ورشّاشاً حربياً. أرشد الخاطف الموقوف المحققين إلى المكان الذي تُحتجز فيه الطفلة. منزل مستأجرٌ حديثاً في بلدة بكّيفا في قضاء راشيا. في داخله يتحصّن الخاطف ويحتجز الطفلة صالحة مع سيدة سورية استقدمها خصّيصاً للعناية بالمخطوفة.
وبحسب المصادر، ارتأى ضباط الفرع عدم اقتحام الشقة حرصاً على حياة الطفلة. واستُعيض عن الدهم بإجبار الموقوف على أداء دور تمثيلي للإيقاع بشريكه. قرع الجرس ففتح شريكه الباب. كان يحمل مسدسه الملقّم على خصره، باغته رجال الامن، وأمسكوا به قبل تمكّنه من استخدام مسدسه، ليعثروا في المنزل على ثلاثة بنادق «بامب أكشن» ومسدسين. حُرِّرت الطفلة، لم تُدفع الفدية وأوقع بالخاطفين. عملية نظيفة تضاف إلى تسع عمليات تحرير مخطوفين سابقة، تخللها دفع فدية واسترجاعها بعد تحرير المخطوف وتوقيف الخاطفين. هذه العمليات الناجحة شكّلت رادعاً أدى إلى تراجع هذا النوع من العمليات، بعدما كان قد أصبح المهنة الرائجة للمطلوبين في البقاع قبل سنتين.
الإعداد لعملية خطف الطفلة بدأ قبل أسابيع، بحسب التحقيقات. رصد أفراد العصابة تاجر الملابس علي كتّوع الذي يملك سلسلة متاجر في البقاع. راقبوا تحركاته، وحدّدوا المدرسة التي يذهب إليها أطفاله. على مدى أيام، راقب المشتبه فيهم حركة إيصال الأطفال إلى المدرسة وإعادتهم. وصباح أمس، حُدّدت الساعة الصفر. رُصد طفلا علي: صالحة (7 سنوات) ومحمد (5 سنوات). وبتمام الساعة الثامنة إلا عشر دقائق، وأثناء خروجهما من المنزل في برالياس (البقاع الأوسط)، اقترب أحد أفراد العصابة من الطفلة، أغلق فمها لمنعها من الصراخ، ثم وضعها على متن سيارة رباعية الدفع من نوع جيب شيروكي. الشاهد الوحيد كان شقيقها محمد الذي تمكن من الهرب. بعد وقت قصير، تلقّى والد الطفلة اتصالاً من مجهول يبلغه، بلهجة لبنانية تعمّدها الخاطف للتمويه (جميع أفراد العصابة من التابعية السورية) أنّ طفلته معهم. أسمعه صوتها وأبلغه أنّه لكي يراها مجدداً عليه دفع مبلغ ٢٥٠ ألف دولار. وقبل أن يُقفل الخط أخبره أنّه سيعاود الاتصال به بعد ثلاثة أيام. رقم الهاتف الذي استخدمه الخاطفون كان يُستعمل لأول مرة قبل أن يُقفل الخط. أما موقع الاتصال، فكان بلدة المرج (البقاع الغربي). عمد الخاطفون إلى الاتصال من هذه النقطة، لكون السيارة متحرّكة ولن يُستخدم الهاتف مجدداً إلا للاتصال من نقطة أخرى. لم تجر الخطة كما رسموا. كانت حركة ضباط المعلومات أسرع من الخاطفين، فتمكنوا من تحديد أحدهم بطريقة ترفض المصادر الأمنية والقضائية الكشف عنها، وتوصلوا من خلال التحقيق معه إلى معرفة باقي المشتبه فيهم الذين تبيّن أن عددهم الإجمالي أربعة (3 رجال وسيدة).