يمكن اختصار المشهد الانتخابي في دائرة بيروت الأولى، كما يأتي: لائحة لقوى 14 آذار تخوض معركتها في وجه «سلاح حزب الله» بغياب عنصر أساسي فيها هو تيار المستقبل، ولائحة مقابلة تجمع التيار الوطني الحر والمستقبل وحزب الطاشناق تحت سقف واحد، في انتظار ولادة لائحة ثالثة تجمع ناشطين سياسيين أو آخرين يتحركون باسم «المجتمع المدني»
حسمت الأحزاب والشخصيات السياسية الأساسية خياراتها في دائرة بيروت الأولى. في الأشرفية وجاراتها، يُبرم أول تفاهم بين الكتائب والقوات، بعد اتفاقهما على لائحة موحدة، من دون أن يعرف ما إذا كان هذا التفاهم سينسحب على باقي الدوائر. ويشمل التحالف النائب ميشال فرعون (المرشح عن المقعد الكاثوليكي) ورجل الأعمال أنطون صحناوي (داعم)؛ في أوضح دليل على تبديد الحساسيات الشخصية لمصلحة «مواجهة تشريع سلاح حزب الله»، وهو شعار يعتقد هؤلاء أنه سيكون كافياً لشد عصب الشارع المسيحي المناهض للسلاح غير الشرعي، على حد تعبير أحد المرشحين.
وانطلاقاً من معادلة «الضرورات تبيح المحظورات»، استظل المختلفون العنوان الكبير (السلاح) سعياً إلى صب الأصوات الآذارية في سلة واحدة عوضاً عن تشتيتها وخسارتها، وخصوصاً أن كل صوت له قيمته في القانون النسبي. هكذا هرول حزب القوات اللبنانية إلى التحالف مع النائب نديم الجميل بعد تهويل استمر أشهراً بعدم تبني ترشيحه أو دعمه انتخابياً، إلا إذا قرر الانتساب الى كتلة القوات، وهكذا عضّ أنطون صحناوي على جرح خلافه الشخصي مع فرعون بعد تيقنه من أن «الفيتو» عليه سيصل إلى حائط مسدود. في المحصلة، ستولد، على الأرجح، لائحة تضم: نديم الجميل (كتائب) عن المقعد الماروني، ميشال فرعون (مستقل) عن المقعد الكاثوليكي، عماد واكيم (قوات) عن المقعد الأرثوذكسي وجان تالوزيان (مرشح الصحناوي) عن مقعد الأرمن الكاثوليك. يبقى أن مقعد الأقليات كان متأرجحاً بين مرشحين هما: توفيق الهندي وكمال سيوفي، لكن مصادر القوات تؤكد أن الهندي ليس مرشحاً ضمن هذه اللائحة. فيما لا يزال المرشح عن مقعد الأرمن الأرثوذكس مدير مكتب فرعون سيبوه مخجيان ينتظر قرار رئيسه، وخصوصاً أن ترشيحه سيؤدي الى سحب أصوات تفضيلية من فرعون كونهما سيغرفان من صحن تفضيلي واحد.
ورغم تأكيد الماكينة القواتية والكتائبية وصحناوي أن الاتفاق النهائي حول خوض معركة الأشرفية بهذه اللائحة تبلور بصورة شبه نهائية، يقول ميشال فرعون لـ»الأخبار» إن «احتمال تبلور هذه اللائحة بات مرتفعاً جداً، لكنه غير منجز، إلا أن اللوائح لن تكون بعيدة عن ثوابت الأشرفية». وعما إذا كان تيار المستقبل قد قرر خوضه الانتخابات في بيروت الأولى الى جانب التيار الوطني الحر، يشير فرعون الى أن «التفاوض بينه وبين المستقبل لا يزال قائماً، ونحن نتمنى أن يكون تيار الاعتدال معنا».
أما ماكينة القوات، فتؤكد أن رئيس الحكومة سعد الحريري «حسم أمره بتأييد لائحة التيار الوطني الحر في بيروت». بدوره، يقول النائب نديم الجميل لـ»الأخبار» إن «عوائق صغيرة تحول دون الإعلان عن إتمام الاتفاق في الأشرفية». هل العقدة تتمثل في عدم رغبة حزب الكتائب في التحالف مع أي مكون من مكونات السلطة السياسية (الحكومة) كما يقول النائب سامي الجميل؟ يجيب نديم الجميل: «لحزب الكتائب خيارات سياسية تدفعه إلى التروي قبل التحالف مع أي جهة، علماً بأن الحزب لن يتعاطى بالملف الانتخابي على القطعة، بل يتجه الى اعتماد سياسة واحدة في كل الدوائر». لكن هذا لا يعني، وفقاً للجميل، أن الكتائب تعرقل اللائحة، فالعوائق بسيطة وموجودة بين جميع الأطراف، لكنها سهلة التذليل إذا ما توافرت الإرادة. وبرأيه الشخصي، «خيار الوحدة هو الأنسب للجميع لأن هؤلاء الأفرقاء يمثلون نبض الأشرفية السياسي ويجسدون أفكارها وثوابتها».
تقنياً، من المفترض أن يكون خيار تجمع كل قوى 14 آذار هو الخيار الأنسب للأحزاب والمستقلين المنضوين تحت هذه الراية، وخصوصاً في ظل تداخل قواعدهم، الأمر الذي يعني أن تعدد اللوائح سيرتد سلباً عليهم. وبهذه الطريقة، ستتمكن هذه القوى من إعادة لمّ شملها وزيادة حاصلها الانتخابي ولو أن الصراع الضمني سيكون على استقطاب الأصوات التفضيلية.
في المقابل، تبلورت إلى حد كبير ملامح اللائحة التي تضم التيار الوطني الحر وتيار المستقبل وحزب الطاشناق وتضم الوجوه الآتية: نقولا صحناوي (تيار وطني حر) عن المقعد الكاثوليكي، مسعود الأشقر (مستقل) عن المقعد الماروني، نقولا شماس عن المقعد الأرثوذكسي (يشكل تقاطعاً بين العونيين والمستقبل، ولكن يقول العونيون إنه سينضم الى التكتل في حال فوزه)، العميد المتقاعد طوني بانو عن مقعد الأقليات، جان أوغاسبيان (مستقبل) عن مقعد الأرمن الكاثوليك وثلاثة مرشحين أرمن أرثوذكس يسميهم حزب الطاشناق.