كاد التيار الوطني الحرّ ينتهي من تشكيل لائحته في كسروان ــ جبيل، حيث اختار «المواجهة» مع حزب الله. لا تحالف بين الحليفين، بل ثمة «تحدٍّ» عوني لحزب الله، عبر ترشيح شخصية عن المقعد الشيعي في جبيل، في محاولةٍ لشقّ «البلوك الشيعي»
تحالف «الترويكا»، بين العميد المتقاعد شامل روكز والنائب السابق منصور البون ورئيس مؤسسة الانتشار الماروني نعمة افرام، أُنجز في كسروان ــ الفتوح. «المصلحة العليا» فرضت على هؤلاء تخطّي عقبات كثيرة، كان قد رفعها بعضهم بوجه بعض. افرام لم يكن يريد المُشاركة في لائحة تضمّ البون، فطرح أن تترشح زوجة الأخير السيّدة سيلفانا شيحا.
البون عرض على الوزير جبران باسيل، في هذه الحالة، أن تكون زوجة افرام السيدة زينة نخلة هي المُرشحة عوضاً عنه. لم يكن النائب السابق أيضاً مُتحمساً لترشيح افرام، فحاول أن يُسوّق خيار شقيق رئيس اتحاد بلديات كسروان ــ الفتوح جوان حبيش. المُشكلة الأساسية لدى البون، ليست منافسة سياسية أو «عقائدية»، بل «مادية» يعتقد أنّه لا يقدر عليها. أما افرام، فقد كان «مُتوهماً» من قدرة البون التجييرية. بدوره، لم يكن يريد روكز أن «يستفز»، بترشيح الصناعي، صديقه جوان حبيش، المُتهم من قبل افرام بأنّه «مُختلسٌ للمال العام». ولكنّ روكز اقتنع أخيراً بضرورة التحالف مع افرام. ولا يعتقد أنّ ذلك سيؤدي إلى خلافٍ مع حبيش. إضافةً إلى أنّ رئيس الاتحاد كان أصلاً يطرح نفسه «في خدمة» العميد المتقاعد فقط. بإمكانه التعامل مع القانون الانتخابي، كما لو أنّه نظام «الصوت الواحد»، ويُجيّر قدراته لمصلحة روكز. وفيما لو قرّر حبيش الاعتكاف نهائياً عن التدخل في الانتخابات، «نُقدّر موقفه ولن نقف أمام أي قرار يتخذه»، يقول مُقربون من روكز.
لدى المعنيين في كسروان ــ جبيل، الكثير من «الأسباب الموجبة»، لتبرير هذه التركيبة التي لا يجمع بين مكوناتها سوى المصلحة. علماً أنّ التيار الوطني الحرّ يعتقد أنّه سيكون الرابح الأكبر من هذه اللائحة، ما دام يُصعّب على بقية القوى تشكيل لوائح «قوية». العُنصر الرابع على «لائحة العهد»، سيكون أحد المنُتسبين إلى التيار العوني. وبين روجيه عازار (الذي لم يُشارك في الانتخابات التمهيدية التي أجراها الحزب لاختيار مُرشحيه إلى الانتخابات النيابية، بسبب حصوله على البطاقة الحزبية أخيراً) وأنطوان عطالله (الذي حلّ أوّل في الانتخابات التمهيدية)، تميل قيادة التيار العوني إلى تبنّي ترشيح عازار. وقد اجتمع باسيل أمس بعددٍ من المنتسبين إلى «التيار» في كسروان، ليُبلغهم رسمياً عدم تبنّي ترشيحهم.
يبقى المقعد الخامس على اللائحة «شاغراً» حتى الآن. مُقربون من باسيل يقولون إنّه «ينتظر حتى الغد (اليوم)، للحصول على موقف الوزير السابق زياد بارود النهائي. نحن نريده معنا، ولكنّه على الأرجح حسم خياره بأن لا يكون ضمن اللائحة». من المُستبعد أن يكون المقعد الخامس مُخصصاً أيضاً لأحد الحزبيين، «لأننا لا نريد تقسيم أصوات التيار بين اثنين». وهنا يبرز رأيان داخل «التيار». الأول، يُمثله روكز، ويعتبر نفسه «مرشحاً عن بلدات الجرد الكسرواني»، لذلك عرض على نقيب المقاولين مارون الحلو (من غوسطا) أن يكون مُرشحاً على اللائحة. مُرشح حزب الوطنيين الأحرار، الذي يتواصل أيضاً مع حزب الكتائب والنائب السابق فارس سعيد، لم يُقدّم لروكز جواباً سلبياً أو إيجابياً. أما الرأي الثاني، فيُعبّر عنه مُقربون من وزير الخارجية بأنّه يجب ترشيح أحد الحزبيين من الجرد، «لأنّ روكز لا يستطيع أن يُغطّي هذه البلدات وحده، وهي خزّان أساسي لنا».
شُركاء المُرشحين الكسروانيين في جبيل هما النائبان سيمون أبي رميا ووليد خوري. أما بالنسبة إلى المقعد الشيعي، وبعد أن «انفخت الدفّ» بين التيار الوطني الحر وحزب الله، فيتجه باسيل إلى مواجهة انتخابية مع «الحليف الاستراتيجي» عبر تبنّي ترشيح ربيع عواد. علماً بأنّ الأخير قال لـ«الأخبار» في مقابلة سابقة (عدد السبت 13 كانون الثاني 2018): «إذا لم أكن خيار الثلاثة (حزب الله ــ حركة أمل ــ التيار) أنسحب». أوساط وزير الخارجية تنقل عنه سؤاله «إن كان الأفضل ترشيح عواد أو حكمت الحاج على اللائحة». داخل التيار الوطني الحرّ «عُقلاء» ينصحون رئيسهم بأنّه في حال اقتناعه بأنّ مصلحته الانتخابية تُحتّم عليه عدم التحالف مع حزب الله، على الأقلّ أن لا يُرشح على لائحته مُرشحاً شيعياً، ويحصل الانفصال بالتراضي كحالة بعبدا. يُدركون أنّ من غير الممكن إحداث أي خرق في هذه «البيئة»، ولكنّ باسيل «يظنّ أنّه بهذه الطريقة يردّ على إصرار حزب الله على ترشيح نقولا فتوش في زحلة، وألبير منصور في البقاع الشمالي».
بعد «التنصّل» العوني من حزب الله، حاول الأخير البحث مع النائب السابق فريد هيكل الخازن، بالتحالف. لم يقبل مُرشح كسروان بذلك. ورغم التماهي السياسي بين الفريقين، إلا أنّ الخازن يعتقد أنّه لا يقدر على أن يتحالف مع حزب الله من دون شريكٍ آخر في كسروان. والسبب الثاني، أنّ النائب السابق يقود حملة ضدّ ترشيح روكز في كسروان لأنّه من بلدة شاتين (البترون). فالقاعدة التي تُطبّق على روكز، تسري أيضاً على الشيخ حسين زعيتر، وإلا يرَ الخازن أنّه يكون قد فقد صدقيته.
أمام هذا الواقع، لم تعد خيارات حزب الله واسعة. تنتشر في المنطقة أخبارٌ عن تواصل «الحزب» مع الوزير السابق جان لوي قرداحي في جبيل، والنائبين يوسف خليل وجيلبيرت زوين في كسروان، بغية تأليف لائحة، تتمكن أقلّه من تأمين حاصل انتخابي.