على موقعها الالكتروني، «تؤمن الجامعة الأميركية في بيروت بعمق بحرية التفكير والتعبير، وتسعى إلى تعزيز التسامح واحترام التنوع والحوار». لكن سلوك رئيسها فضلو خوري «الملكي أكثر من الملك»، في ما يتعلق بالرضوخ لتصنيفات الإرهاب الأميركيّة، يجعل هذا الكلام الافتراضي... افتراضياً.
الجامعة التي كان مقرراً أن تستضيف غداً ندوة تنظّمها قناة «بي بي سي» البريطانية حول «تأثيرات الصراع الايراني ـــ السعودي»، رفضت مشاركة الأستاذ في جامعة طهران الدكتور محمد مرندي في الندوة وطلبت استبداله، قبل أن تصدر بياناً السبت الماضي تعتذر فيه عن عدم استضافة الندوة برمّتها. وعزت قرارها إلى تلقّيها «نصيحة قانونية» ترى أنه «من غير الممكن إجراء الندوة وفق برنامجها المعلن التزاماً بالقوانين الأميركية».
مصادر مطلعة على شؤون الجامعة أكّدت لـ «الأخبار» أن هناك «ما يشبه الفوبيا في الجامعة الأميركية في كل ما يتعلق بحزب الله وايران والعداء لاسرائيل». وأوضحت أنه «على عكس الرئيس السابق بيتر دورمان الذي أكد دائماً ان الجامعة يجب أن تخضع للقوانين اللبنانية، فإن فضلو ربما يعتبر أن الجامعة ليست في بيروت». المصادر اشارت الى «سلسلة طويلة» من المضايقات تعرّض لها باحثون وطلاب في الجامعة بسبب مواقفهم السياسية. إذ أن بعضهم لم يجدّد لهم في مناصبهم الأكاديمية بسبب معارضتهم لـ«الربيع العربي» أو بسبب نشر تصريحات للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله على صفحاتهم الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي، ناهيك عن مضايقات يتعرض لها على وجه الخصوص ناديا «السنديانة الحمراء» (الحزب الشيوعي) و«الثقافي الجنوبي» (مقرب من حزب الله). كما لعب رئيس الجامعة العام الماضي دوراً أساسياً في إلغاء تعيين لجنة جامعيّة مستقلّة الأميركي من أصل فلسطيني ستيفن سلايطة رئيساً لـ«مركز الدراسات والأبحاث الأميركيّة» نزولاً عند ضغوط أميركية بسبب اتهامه بـ«العداء للسامية»، على خلفية تغريدات له ضد الاحتلال الاسرائيلي. وقد أعلن سلايطة يومها عن «صدمتي من تمكّن ضغوط الصهاينة من النجاح في العالم العربي».
وقال أكاديميون في الجامعة لـ «الأخبار» إنهم تبلّغوا الأسبوع الماضي، بوضوح، أن الجامعة «ستلتزم بقوانين العقوبات الأميركية وأن أي دعم لمجموعات أو أفراد ممن يعتبرون أعداء للولايات المتحدة ممنوع».
مرندي وصف، في اتصال مع «الأخبار»، خطوة الجامعة بـ«الطفولية» و«غير المفهومة»، متسائلاً عما إذا كانت للقرار علاقة بموضوع الندوة. ولفت إلى «أنني أُبلغت بأن الجامعة تعرّضت لضغوط سعودية، إلا أنني لا أملك دليلاً على ذلك». الأكاديمي الايراني الذي يحمل الجنسية الأميركية، وعمل أستاذاً محاضراً في «الأميركية» عام 2012، قال: «لا أعتقد أن هناك علاقة للعقوبات (الأميركية على إيران) بالأمر»، مشيراً الى أن «الأكاديميين الايرانيين لا يُمنعون من زيارة الجامعات الأميركية في الولايات المتحدة نفسها.
وهناك أكاديميون إيرانيون أجروا أبحاثاً في الجامعة الاميركية في بيروت الصيف الماضي وحصلوا على بطاقات تخوّلهم دخول حرمها». واعتبر أن الجامعة «ألحقت ضرراً كبيراً بسمعتها. وأعتقد أنه لم يعد بإمكانها التحدّث عن حرية التعبير».
وعلمت «الأخبار» أن «بي بي سي» كانت قد طلبت من حزب الله تسمية مشاركين في الندوة، على أن تتضمّن أيضاً لقاء بين نائب الامين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم وطلاب من الجامعة، إلا أن الحزب رفض ذلك باعتباره «غير معني بالحديث باسم الجمهورية الاسلامية».
يذكر أن إدارة «الأميركية» رفضت قبل أيام، «لأسباب لوجستية»، إعطاء إذن لقناة «الميادين نت» للتصوير في حرمها، وإجراء مقابلات مع بعض طلابها حول التطبيع مع إسرائيل.
وغرّمت وزارة العدل الأميركية الجامعة العام الماضي 700 ألف دولار لـ«تعاملها مع مؤسسات مرتبطة بحزب الله الإرهابي»، على خلفية دورات تدريبية نفذتها الجامعة، وشارك فيها عاملون في إذاعة «النور» وقناة «المنار»، إضافة إلى ربط الموقع الإلكتروني للجامعة بمؤسسة «جهاد البناء» المدرجة على لائحة العقوبات الأميركية. وقضت التسوية بين الوزارة والجامعة بموافقة الأخيرة على «اتخاذ إجراءات احترازية لضمان عدم تكرار الأمر».