عند الساعة الثانية عشرة من منتصف ليل أمس، أقفل باب الترشيحات الرسمية في وزارة الداخلية عند الرقم 999 مرشّحاً للانتخابات النيابية المقررة في السادس من أيار المقبل، ورُفِضت طلبات 23 شخصاً منهم كونهم لم يستكملوا مستنداتهم (سيتمكنون من استرداد المبلغ المالي الذي دفعوه). استقرّ رقم المرشحين المقبولين إذاً على 976، وهو رقم قياسي للمرشحين للانتخابات النيابية منذ الاستقلال، إذ إن آخر رقم قياسي كان في انتخابات عام 2009 وبلغ 702. قبله، بلغ الرقم 484 مرشحاً في انتخابات عام 2005 و545 مرشحاً عام 2000 و599 مرشحاً عام 1996 و408 مرشحين عام 1992
انتهَت مُنتصَف ليل أمس مُهلة تقديم الترشيحات للانتخابات النيابية في وزارة الداخلية والبلديات، وباتت الوجوه التي ستتأهّل إلى «نهائي» الاستحقاق معروفة، قبل أن يتجه جزءٌ منها إلى سحب ترشيحاته تحتَ ضغط التحالفات أو في حال لم يجِد لنفسِه مكاناً على أيّ من اللوائح المُحتمل تشكيلها.
وقبل ساعات من إقفال باب الترشّح، سجّل عدّاد المرشّحين ارتفاعاً ملحوظاً، فوصل إلى 976 مرشّحاً مقبولاً، من بينهم 111 سيدة (عام 2009 ترشّحت 12 سيدة فقط)، للتنافس على 128 مقعداً في 15 دائرة انتخابية، عملاً بالقانون الانتخابي الجديد الذي يعتمِد النسبية للمرة الأولى. وهو عدد يُعّد لافتاً قياساً بالاستحقاقات السابقة، لا سيما مشاركة العنصر النسائي. وتم تسجيل أول لائحة انتخابية رسمياً في دائرة صور ــ الزهراني برئاسة رئيس مجلس النواب نبيه بري تحت اسم «لائحة الأمل والوفاء».
ومنذ اليوم دخلت البلاد عملياً فترة صاخبة على وهج المفاوضات المكثّفة لإنجاز «بازل» للوائح التي يفرض القانون إنجازها قبل يوم 26 آذار الجاري. وهذا البازل يبدو جزء منه متداخلاً مع ما سيرسو عليه الرئيس سعد الحريري. ففيما لا تزال القوى السياسية تعمل على حلحلة عِقد بعض المقاعد في ما بينها، يترقّب الجميع موقف رئيس الحكومة الذي ترتبط به عملية بتّ التحالفات في الكثير من الدوائر الحسّاسة. فهو ليس ملتزماً بالتيار الوطني الحرّ وحده، ولا محكوماً بقرار سعودي بالتحالف مع القوات في جميع الدوائر.
فقد خفّفت الإشارات الأولى، بعد عودة الحريري من السعودية التي قصدها يوم الأربعاء الماضي في زيارة رسمية صحّحت مسار علاقته بالمملكة، من منسوب الأمل عند قوى فريق الرابع عشر من آذار، تحديداً القوات اللبنانية، التي توسّمت خيراً بهذه الزيارة، ظناً منها بأن المملكة ستفرض على الحريري التحالف معها دون غيرها، لتتفاجأ، بحسب مصادرها، بأن «جوّ رئيس الحكومة لم يتغيّر، وظل كما كان قبل سفره، ويتصرّف وكأنه متحرّر من الحاجة الى القوى الأخرى في العدد الأكبر من الدوائر، ومكتفياً بتفاهمات على القطعة لزوم مصلحته الانتخابية». وفيما تتواصل الاجتماعات بين المستقبل والقوات لبلورة التحالفات الانتخابية، لفتت مصادر مطلعة إلى أن «الحريري استطاع إقناع القوات بالتحالف مع المستقبل والنائب وليد جنبلاط في الشوف – عاليه»، وتجاوُز عقدة ترشّح الوزير السابق ناجي البستاني على لائحة جنبلاط، رغم أن البستاني يُضعف حظوظ النائب جورج عدوان في الفوز.
وتمّ الاتفاق على أن تُعطى أصوات الحزب التقدمي الاشتراكي للائحة القوات في المتن الشمالي، وأن يمنح «المستقبل» أصواته للائحة القوات ــ الاشتراكي في بعبدا. وبذلك، يكون قد نشأ تحالف ثلاثي في دوائر جبل لبنان التي يوجد فيها ناخبون يؤيدون الأحزاب الثلاثة، المستقبل والقوات والاشتراكي، لمواجهة تحالف التيار الوطني الحر والنائب طلال أرسلان في الشوف ــ عاليه، والتيار ــ حزب الله ــ حركة أمل في بعبدا (من غير المستبعد أن تبقى لائحتهم بلا مرشح درزي)، والتيار ــ القومي ــ الطاشناق في المتن الشمالي. ومن المتوقع أن يزور الوزيران غطاس خوري وملحم رياشي معراب غداً، بعد جلسة مجلس الوزراء، لحسم التحالفات في بقية المناطق.
وسُجّل اجتماع بين الحريري ووزير الخارجية جبران باسيل مساء أول من أمس، فور انتهاء اللقاء بين الحريري وجنبلاط، حيث تمّت مناقشة أن يذهب التيار الوطني الحرّ وتيار المُستقبل إما إلى تحالف بالتراضي أو مواجهة بالتراضي. ويُنتظر أن يُحسم في اليومين المقبلين تحالف التيارين أو عدمه في دوائر الشمال وبيروت الأولى وصيدا ــ جزين والبقاعين الشمالي والأوسط، بعدما فُضّت الشراكة بينهما في البقاع الغربي وبيروت الثانية، حيث سيتحالف العونيون مع قوى 8 آذار.
وفي وقت يجري فيه رصد خطوات الرئيس الحريري المقبلة، والتي ستبدأ بإعلانه أسماء مرشّحيه يوم السبت المقبل، يوزّع الرجل جهده في اتجاهين؛ الأول انتخابي مرتبط بالتحالفات وترتيب بيته الداخلي، والثاني حكومي واقتصادي مرتبط بملفات الموازنة والإعداد لمؤتمر باريس الذي يسود ترقّب لما سيحمِله، بعد تعهّد المملكة العربية بالمساهمة بما يلزم، بشكل أوحى بتأمين حاضنة خارجية للوضع اللبناني.
من جهة أخرى، وبعد أن كان من المفترض أن يصل إلى لبنان أمس الموفد الملكي السعودي نزار العلولا لاستكمال الجولة التي بدأها في بيروت الأسبوع الفائت ولقائه شخصيات سياسية وإعلامية، فوجئ بعض منتظريه بعدم وصوله، من دون معرفة الأسباب التي حالت دون عودته لمقابلة شخصيات لم يلتقِ بها في زيارته السابقة.