ثلاث دوائر انتخابية ستجمع التيار الوطني الحر وحزب الله وحركة أمل تحت راية واحدة: بيروت الثانية، بعبدا، الشوف ــ عاليه. لا شيء مُستحيلاً في هذه الانتخابات. في بقية الدوائر، تنافس يشتد في كسروان ــ جبيل، حيث «يُحاصَر» حزب الله لمنعه من تشكيل لائحة
يلعب رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال عون دوراً أساسياً في تشكيل «لائحة العهد» في دائرة كسروان ــ جبيل نفسها. قد يبدو الأمر «مفهوماً»، كون عون مثّل المنطقة في دورتَي 2005 و2009، وهي شكّلت أساس «زعامته المارونية». ولكنّ العهد لم يكتفِ بذلك. تدريجياً، قرّر توسيع بيكار عمله، والتدخل لمنع «تفلّت» مُرشحين محسوبين على «التيار» إلى لوائح أخرى.
استدعاء رئيس اتحاد بلديات كسروان ــ الفتوح جوان حبيش، مساء الثلاثاء الماضي، إلى «القصر»، أتى في سياق وأد محاولة تمرد رئيس بلدية جونية على اللائحة العونية التي تضم غريمه نعمة افرام. قبل ذلك، «تبنّى» رئيس الجمهورية ترشيح العميد المتقاعد شامل روكز، مُساوياً إياه بنفسه، في محاولة لشدّ العصب وامتصاص حالة الاعتراض العونيّة ضدّ «الصهر» في كسروان. الأمر نفسه يُستكمل من جهات أخرى، مع الضغوط التي تُمارس على مُرشحين في كسروان، لـ«تخويفهم» على مصالحهم في حال الانضمام إلى لائحة المقاومة. وهذه الجهات تشمل خصوم الحزب واعداءه، وحليفه التيار الوطني الحر. حسابات الأخير انتخابية بحت. ولكنّها تأتي في سياق حملة تهدف إلى القول إنّ حزب الله «غير قادر على تشكيل لائحة في مناطق ذات أغلبية مسيحية، وهو غير مقبول من البيئات الأخرى، ومُرشّحه سيخسر حتماً». هاجس عدم التمكّن من تأليف لائحة في كسروان ــ جبيل (نواتها الشيخ حسين زعيتر، والوزير السابق جان لوي قرداحي والقيادي العوني بسّام الهاشم في جبيل)، يقلق بعض حزب الله، فيما يُنكر آخرون ذلك.
وكان الوزير جبران باسيل قد رفع بطاقة الـ«فيتو» بحق التحالف مع «الحزب» في دائرة جبل لبنان الثانية، مُتحجّجاً بأنّ مُرشح حزب الله الشيخ حسين زعيتر من خارج جبيل، و«غريب» عن «بيئة» المنطقة. بالمناسبة، باسيل هو رئيس التيار الوطني الحرّ الذي يترأس لائحته في كسروان شامل روكز، ابن بلدة شاتين البترونية، وحزبه «فرض» ترشيح رجل دين في بيروت الثانية هو القسّ إدغار طرابلسي. باسيل لم ينفصل عن حزب الله فقط، بل يتجه إلى ترشيح شخصٍ عن المقعد الشيعي في جبيل.
وفي المعلومات، ان التيار الوطني الحر أوعز إلى عددٍ من الأشخاص المُنتمين إلى الطائفة الشيعية بالتقدّم بطلبات ترشحهم، وبأنّه سيختار أحدهم. الخطوة هدفها بشكل أساسي «تقسيم البلوك الشيعي، وإلهاء حزب الله بمحاولة ترتيب بيته الداخلي». يُضاف إلى ذلك كلام باسيل في بلدة لاسا يوم الأحد الماضي، عن الأقلية والأكثرية «الموجّه ضدّ حزب الله، والذي لم تتقبّله قيادته. ففي بعلبك ــ الهرمل أقلية مارونية، هل جرى التعامل معهم وفق منطق الأقلية وفُرض عليهم مُرشح؟ أم أنّ باسيل تمسّك بترشيح باتريك فخري؟». ماذا عن عدم أخذ رأي التيار العوني في ما خصّ المقعد الكاثوليكي في البقاع الشمالي؟ «يريد باسيل تسمية المُرشحين عن كلّ المقاعد المسيحية، رغم أنّ حزب الله أبلغه اتفاقه مُسبقاً مع بقية حلفائه في 8 آذار. الحزب القومي يملك مقعداً في البقاع الشمالي، وحزب الله مُلتزم معه بذلك منذ تسعينيات القرن الماضي».
الاجتماع الأخير، قبل قرابة أسبوع، بين باسيل ورئيس وحدة الارتباط والتنسيق في حزب الله وفيق صفا، كان حاسماً لجهة «الاتفاق على عدم الاتفاق» في كسروان ــ جبيل. الالتقاء، حتى الآن، ينحصر في دوائر بعبدا، بيروت الثانية، الشوف ــ عاليه (اقتراعاً من حزب الله لا ترشيحاً)، «من دون أن يُحسم بعد مصير البقاع الأوسط والغربي والشمالي». يقول قيادي في 8 آذار إنّه، في صيدا ــ جزين، «يرى العونيون أنّ بالإمكان جمع أسامة سعد على لائحة واحدة مع بهية الحريري. لا مُشكلة لدى حزب الله بذلك، ولكن سعد لن يقبل. وتيار المستقبل أعلن مراراً أنّ الطرف الوحيد الذي لا يتحالف معه هو حزب الله». أما في الدوائر الأخرى، كالمتن والشمال الثالثة، حيث أعداد الناخبين الشيعة قليلة، «فهي ستصبّ لمصلحة التيار». وماذا عن تيار المردة؟ يعتقد قياديون في 8 آذار إن الحزب سيقسّم أصواته: في البترون لباسيل، وفي الكورة للائحة المردة.
المعيار الذي على أساسه تقرّر التحالف في دائرة ما، والتنافس في أخرى، «هو مصلحة التيار العوني، بعيداً عن الحسابات السياسية». ولكن، مُشكلة باسيل أنّه «كان يُعوّل على تفاهم مع تيار المستقبل في كلّ الدوائر الانتخابية. لم تنجح مساعيه، فبات يبحث عن خيارات بديلة». المفارقة، أنّ ذلك سيُجبر «التيار الحر» على تشكيل لوائح مشتركة مع حركة أمل في بعبدا وبيروت الثانية والبقاع الغربي، والتحالف في الشوف ــ عاليه، على الرغم من تبادل الاتهامات بالسرقة والفساد بين الفريقين. التبرير جاهز لدى القيادي في 8 آذار: «سيقولان إنّ الاتفاق حصل نزولاً عند رغبة الحليف حزب الله، ولأجل المصلحة الانتخابية».
على الرغم من كلّ ما تقدّم، «كلّ هذا الحديث لا يزال قابلاً للتعديل. أمامنا عشرون يوماً حتى إعلان اللوائح، وتبدّل التحالفات. فمن الممكن أن يكون حسين زعيتر على لائحة التيار».