تتوالى الاحتفالات المعلنة عن اللوائح الانتخابية ومشاريعها، الا ان احتفال الخرزة الزرقاء كان اكثرها ابداعا.. لامس التيار المفلس على مختلف الصعد حدود الادهاش في طرحه الانتخابي القائم على سلسلة متواصلة من الفشل، وقلة الحيلة.

امام صف اول من مرشحين بوجوه متجهمة عابسة، اعتلى الزعيم الازرق المنبر المضاء بخرزة زرقاء عملاقة قال انها تمثل تيار المستقبل بما يشكله هذا التيار الأخاذ من حماية للبنان واللبنانيين.. ومن على المنبر نفسه، متأرجحا في العين الزرقاء نفسها افصح السعد عن حمله مشروعا انقاذيا لاقتصاد لبنان. بدا الأمر أشبه بتضافر كل عناصر الكوميديا، بالشكل وبالمضمون، بهدف اضحاك المتفرجين، ولا سيما اولئك الذين ارتدوا ملامح مكفهرة عسى يظهرون بما يليق بهيبة ان تكون مرشحا على لائحة التيار المزرقّ..

اذاً منظومة النهب والتفليس والتبعية للولي السعودي، عادت من الرياض بنبض قوي.. فبعد صراخ سعد الحريري مؤخرا حول كونه "ما معه مصاري" تم استدعاؤه الى السعودية التي كان قد غادرها بصفة مخطوف محرر منذ اشهر قليلة بعد ان كان قد تلا منها بيان استقالته التي سرعان ما تراجع عنها ما ان وطئت قدماه ارض الحرية. حديثه اليوم كان شبيها ببيان الاستقالة ذاك من ناحية كونه نصا مكتوبا بلغة سعودية هشة، والدليل على ذلك ان الرجل لم يقم باعتماد اي مصطلح استعراضي ك "منييييييح" التي اداها في الحفل الفني السابق، والذي اقامه بمناسبة ذكرى اغتيال والده، مؤسس المنظومة الحريرية لصناعة الدين العام.

في سياق متصل، قال احمد الحريري، ابن عمة سعد، "حصولنا على مقعد شيعي في دائرة بعلبك يساوي بالنسبة لنا 127 نائباً، خصوصاً إذا كان هذا المقعد هو مقعد جميل السيّد”.

وفي حديثه هذا، رغم سلبية عدم الدراية بأسس الخطاب السياسي، والجهل بأبسط قواعد العمل الانتخابي، اظهر الشاب قدرة عجيبة على الصراحة والانسجام مع الذات والرياض وابن الخال وسائر الحاشية الحريرية، التي تشكل فرعا من حاشية ال سعود.. وبالتالي، والحق يقال، وجب ان نرفع له القبعة لشكره على قوله الصريح الذي اوضح ان الخرزة الزرقاء ومشروعها السياسي وخطتها الاقتصادية هي تغطية على هدف واحد هو "ربح مقعد نيابي واحد" بمواجهة لوائح المقاومة.. لقد قام الحريري احمد، وبكلمات قليلة، بمسح الارض بكل خطاب ابن خاله، بما تضمنه من خطط ورؤى واستراتيجيات.. وربما، لسبب شبيه قيل قديما ان ليس علينا ان نجهد انفسنا في كشف زيف الاغبياء، انهم يقومون بذلك بأنفسهم.

لا يحتمل مهرجان صيبة العين كلاما اكثر.. والخرزة الزرقاء، يعرف سعد قبل غيره، انها خرافة والا كان استعملها يوم ظهر في الخطاب الشهير دامعا مصرحا بأنه ليس اسيرا.. ويعرف اكثر من غيره، ان لبنان محمي فقط برجال الشمس، هؤلاء الرجال الذين صنعوا للبلد اسما على خارطة المقاومة، وكسروا عين ال سعود والصهاينة بمخرز السلاح الحر، والمشروع الحر.. ويعرف اكثر من غيره، ان خرزته الزرقاء تلك ليست اكثر من لعبة يرميها امام جمهوره ويصدح امامهم بأنه حامي الحمى.. وربما، يعرف في قرارة نفسه، ان اللعبة كما الكلمات التي وافقتها، ما عادت تنطلي على صغار جمهوره ذاك، قبل كباره.

المقالات الواردة في الموقع تعبر عن آراء أصحابها ولا تعبر عن رأي إدارة الموقع