على بعد أقلّ من أسبوعين عن آخر مُهلة لتسجيل اللوائح التي ستُخاض على أساسها الانتخابات المقرّرة في 6 أيار المقبل، لا يزال قسمٌ كبير منها متعثّراً. ورغم التقارب بين تيار المستقبل والقوات اللبنانية، فإن تحالفاتهما لا تزال بحاجة إلى منجّم، على حدّ قول الرئيس سعد الحريري أمس

على عكس الأجواء الإيجابية التي يُحاول الرئيس سعد الحريري ورئيس «القوات اللبنانية» سمير جعجع إشاعتها حول العلاقة بين حزبيهما وانعكاسها على التحالف الانتخابي، لا تزال المُفاوضات بينهما لتشكيل تحالف مؤثّر متعثّرة في غالبية الدوائر ذات الثقل السياسي والانتخابي.

ويُمكن القول إنّ نتائج زيارة الحريري للسعودية لم تتُرجم حتّى الآن تجاه جعجع. وتعكس خريطة التحالف حتى الآن استمرار حالة الجفاء بين معراب ووادي أبو جميل، أقله من جانب رئيس الحكومة. وليست اللقاءات والمُشاورات والزيارات المُتبادلة سوى حركة سياسيّة تحتّمها تفاهمات الحدّ الأدنى، مع بقاء جذور الخلاف الذي وقع عشيّة أزمة الحريري مع السعودية قبل أشهر.
فالتحالف الجدّي بين القوات والمستقبل، وإن كان متوقّعاً من جانب معراب عدم تضمّنه إعطاء المُستقبل أصواته للائحة القوات في دائرة الشمال الثالثة، كان يستوجب على الأقل تحالفاً في دوائر مفصلية، مثل زحلة وبيروت الأولى والمتن الشّمالي.
كذلك، فإن «القوات» الذي يتفهّم حرص المُستقبل على منح أصواته للوزير جبران باسيل في البترون لاعتبارات تتعلّق بالتحالُف المُتماسك بين «المستقبل» و«التيار الوطني الحر» في تركيبة العهد الجديد، كان من المُمكن أن يرضى بتحالفات في زحلة وبيروت الأولى مقابل دعم الحريري المباشر لباسيل، على عكس ما سيحصل في 6 أيار من مواجهات بين لوائح المستقبل والقوات في هذه الدوائر. وهذا الأمر يُشعر القواتيين بأن التحالف العميق ليس مع القوات بل مع باسيل، وأن التوازن في علاقة الحريري مع كل من القوات والتيار غائب، لمصلحة علاقة رئيس الحكومة بباسيل، على حساب معراب.

في هذا الإطار، بدأت الاجتماعات الانتخابية على مستوى الماكينات بين «القوات» و«المستقبل»، والاجتماع الذي عُقد أمس بين خالد شهاب وشانتال سركيس هو الاجتماع الأول، وستتبعه لقاءات أخرى خلال الأسبوع الحالي، بهدف بلورة إمكان التحالف في عددٍ من الدوائر. إلّا أن انتقال الملفّ الانتخابي من مستوى وزاري كما كانت عليه الحال قبل أسبوع، أي بين الوزيرين ملحم رياشي وغطاس خوري، إلى مستوى الماكينات الانتخابية، يعكس تراجعاً في التمثيل ومستوى النقاش. وهو وإن كان يُعطي بعداً تقنيّاً للمباحثات، إلا أنه أتى نتيجة شعور الوزيرين بأن دورهما قد انتهى، وأن الاتفاقات لن تتعدّى حدود المصلحة الانتخابية لتيار «المستقبل». ويرجّح المطّلعون أن يجري التفاهم على التحالف في بعلبك ــ الهرمل حيث المواجهة «دسمة» ومثمرة في السياسة في وجه حزب الله، بينما لا يعوّل الفريقان كثيراً على التفاهم في البقاع الغربي، حيث يحبّذ تيار المستقبل الحصول على مرشّح ماروني محسوب عليه بدلاً من منح المقعد للقوات.
وفيما أشار الحريري أمس إلى أن القوات «تحتاج إلى منجّم مغربي» لفهم مطالبها، فقد عكس كلامه الأجواء السلبية المُسيطرة على مسار التفاوض الانتخابي بين الطرفين، فيما كان قد سجّل اعتراضه على تصريح مسؤول جهاز الإعلام والتواصل في القوات شارل جبور وتأكيده أن «لا تحالف وازناً بين القوات والمستقبل». ومن الملاحظ تراجع وتيرة الحديث عن لقاء قريب بين الحريري وجعجع، وما كلام الحريري أن «لا شيء يحول دون اللقاء» سوى تخريجة دبلوماسية لانتفاء أسباب اللقاء بين القياديين طالما أن التحالف الانتخابي لا يزال غير مُنجز.
وفي سياق آخر، وبعد أن أنجز «القوات» و«الكتائب» الاتفاق على التحالف في زحلة، عاد المكتب السياسي الكتائبي وقرر، أمس، التريّث في حسم التحالف مع «القوات»، بانتظار مزيد من المشاورات التي يجريها رئيس الحزب. وأتت هذه الخطوة لتظهر أمرين: الاول، أن «الكتائب» يربط التحالف مع «القوات» بمقعد البترون، حيث يطالب النائب سامي الجميّل سمير جعجع بسحب مرشّحه فادي سعد، إفساحاً في المجال أمام النائب سامر سعادة ليخوض «معركة مرتاحة». والأمر الثاني هو حجم الخلاف داخل «الكتائب»، الذي تعرض أمس لضغوط كبيرة نتيجة عدم الالتزام بقرار عدم التحالف مع من يسميهم «أركان السلطة». كذلك علمت «الأخبار» أن «الكتائب» قرر إيقاف المسعى للتحالف مع «الكتلة الشعبية» في زحلة، بذريعة عدم إقفال ملف الجريمة التي أودت بحياة نصري ماروني، شقيق النائب إيلي ماروني.
على ضفة «المستقبل»، وبعد الإعلان عن أسماء المرشحين، شهدت عكار حالة اعتراض واسعة ضمن تيار المستقبل وبين كوادره، رفضاً لخيارالحريري تبنّي ترشيح كلّ من وليد البعريني ومحمد سليمان وطارق المرعبي، حيث يعيب أنصار المستقبل على رئيس الحكومة ترشيح شخصيتين محسوبتين على قوى الثامن آذار (البعريني وسليمان). والاعتراض الأكبر جاء على البعريني، حيث ضجّت مواقع التواصل الاجتماعي بالتعابير والشعارات الساخرة والمنتقدة بشدة لتبنّيه، وهو الذي كان يسعى ليكون مرشح 8 آذار. أما في ما يتعلق بسليمان، فيردّد أبناء وادي خالد أنه سوري الجنسية ولا يرتبط بأبناء الوادي إلا عبر علاقة النسب من ناحية الأم. كذلك، فإن امتناع الحريري عن ترشيحه في عام 2009، بعد أن كان في اللائحة، جاء عقب تأكده من علاقته الوثيقة مع القيادة السورية.
حالة الاعتراض هذه وصلت الى مسامع الحريري عبر النواب الحاليين الذين حذروه من سوء خياره، إلا أنه أصرّ على موقفه بهدف كسب الشارع، فيما تُرجم الاعتراض عبر مقاطعة عدد واسع من فاعليات المستقبل لإعلان اللائحة في البيال، يتقدمهم الوزير معين المرعبي الذي شكل عصب المستقبل في عكار طوال السنوات الماضية. كذلك سجّل غياب عضو المكتب السياسي شذا الأسعد، وأعضاء اللقاء التنموي الذي يرأسه المرعبي، بالإضافة إلى غياب عدد من رؤساء البلديات والفاعليات «المستقبلية».


اعتراض على «القوات» في البقاع 3

ووجِه مرشح «القوات اللبنانية» عن المقعد الماروني في دائرة البقاع الثالثة (بعلبك الهرمل) أنطوان حبشي بانتقادات لموقف القوات من موارنة المنطقة، ومطالباتها السابقة بسحب المقعد الماروني من البقاع الشمالي إلى دائرة بشرّي أو غيرها من الدوائر. وفي أحد اللقاءات في إحدى البلدات ذات «الثقل القواتي» (غالبيتها من أبناء الطوائف المسيحية) وجّه الحضور أسئلة تستفسر عمّا إذا كان جعجع قد غيّر موقفه من تنظيم «داعش» الذي اعتبره سابقاً «مزحة»، بعدما تبيّن حجم الخطر الذي كان يشكّله على هذه البلدات المسيحية بالتحديد.

المصدر: جريدة الأخبار