بات المشهد المتني أوضح مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية. أول الغيث لائحة مكتملة من ثمانية مرشحين رئيسها من القوات اللبنانية، واختارت معراب أن تستعين بأصدقائها وبأصدقاء أصدقائها لتسمية البقية، بما في ذلك «تزيينهم بوجوه نسائية»
أكمل حزب القوات اللبنانية لائحته في المتن الشمالي مع انضمام المهندس شكري مكرزل الى المرشحين الموارنة الثلاثة: إدي أبي اللمع وجيزيل هاشم زرد ورازي الحاج. طبعاً، كانت القوات قد رشحت مديرة العلاقات العامة في مستشفى الروم لينا مخيبر والاعلامية جيسيكا عازار عن المقعدين الأرثوذكسيين والرئيس السابق لمجالس الاقاليم والمحافظات في حزب الكتائب ميشال مكتف ورئيس مؤسسة «وديع الحاج» رازي الحاج الى جانب مرشح حزب الرمغفار آرا كيونيان.
في الشكل، اللائحة جذابة وتحاكي موضة «المجتمع المدني» وظاهرة ترشيح النساء، ولكنها في المضمون لا تعبّر سوى عن إفلاس القوات. إفلاس لا يقتصر على المتن الشمالي فحسب، بل يمتد الى غالبية الدوائر. أين كوادر القوات؟ أين شبابها الذين تتغنى بهم مع كل انتخابات طلابية أو نقابية؟ أين الناشطون الذين تزين بهم موقعها الإلكتروني؟ كيف لحزب كالقوات أن يعيد تقديم وجوه فشلت في بناء حيثية جدية لها في المناطق؟
صحيح أن إدي أبي اللمع يتميز بوجهه الودود، وهو مرشح دائم، الا أن ذلك لا يسد الفراغ الذي تعاني منه القوات في المتن الشمالي، حيث كان يفترض أن تبني أساسات متينة تخولها منافسة التيار الوطني الحر والكتائب بالحدّ الأدنى في البلديات والمخترة، إذ بها تجد نفسها «بلا ولا شي»، على حدّ تعبير أحد كوادرها المحتجين، وها هي تشكّل لائحة يصح القول فيها «بلا ولا شي». دليل هؤلاء هو الاستعانة بأصدقاء لتشكيل لائحة: أوّلهم صديق أبي اللمع، الكتائبي السابق ميشال مكتف الذي ينشط في دائرة كتائبيي النائب الراحل بيار الجميّل وبقايا 14 آذار في المتن. بدوره، استعان مكتف بصديقه المهندس شكري مكرزل الذي لم يخض أي انتخابات في حياته ولا برز سياسياً في أي مكان من قبل، ولكنه صار فجأة مرشحاً للانتخابات النيابية.
ورازي الحاج هو الآخر صديق للقوات، وخاض الانتخابات البلدية في بلدته بسكنتا الى جانبهم، ولكنه بخلاف مكرزل ينشط في الجرد عبر مشاريع اجتماعية وإنمائية محلية ينفذها بواسطة مؤسسته ومركز «متّن»، وقد خاض التجربة السياسية عبر حركة «المستقلون» التي أسّسها منذ كان في الثانية عشرة من عمره.
ماذا عن باقي المرشحين؟
لا يكفي هنا الوجه النسائي الجميل إلا إذا كانت الغاية منه الاستعراض لا غير، بل في ذلك إهانة للنساء الراغبات في دخول معترك السياسة، وهو نوع من الاستخفاف بقدرتهن على أداء دور سياسي. وقد تكون هنا معراب وقعت في خطأ اختيار نساء ناجحات في عملهن، ولكن لا تسمح لهن خبرتهنّ بدخول البرلمان. فما الذي ستقدمه جيزيل الهاشم زرد العاملة في مسرح الأطفال سوى أن معراب ستستغلها لضمان بعض أصوات عائلة أبو جودة المستاءة من عدم تبنّي التيار الوطني الحر لأيّ من أفرادها؟ وما الذي ستقدمه مديرة العلاقات العامة في مستشفى الروم لينا مخيبر شقيقة المرشح الراحل الياس مخيبر الذي كان بدوره صديقاً لوزير الاعلام ملحم رياشي؟
تتضح «استراتيجية» القوات أكثر بتسميتها الاعلامية جيسيكا عازار. فماذا تريد معراب العاجزة عن شغل الناس بلائحة سياسية ناجحة، من وراء ترشيح إعلامية ناجحة؟
لا شيء سوى أن تغلف ضعف البنيان السياسي القواتي بلمسة جميلة، الأمر الذي فضحته الاعلامية نيكول حجل التي صرّحت بأنه قبيل تبنّي عازار، فاوضها أحد أعضاء اللائحة من أجل الانضمام اليها، لكنها رفضت، علماً بأن معراب لو كانت جادة في ترشيح نساء لهن خبرة سياسية، لكانت رشحت الاعلامية مَي شدياق، بكل رمزيتها، ولما كانت تركتها «تحرد» جراء خذلان القوات لها، لا بل خذلان كل فريقها السياسي لها.
يصعب على معراب دفن خيبة القواتيين أنفسهم بلائحة عبارة عن «همروجة» هدفها تعويم مرشحها الحزبي إدي أبي اللمع. فكل الدراسات تشير إلى أن القوات عاجزة عن تأمين الحاصل الانتخابي وحدها، وستعمل على الاستفادة من الصفقة التي عقدتها مع الحزب الاشتراكي وتيار المستقبل في الشوف وبعبدا للفوز بأصوات هاتين القوتين في المتن التي قد تصل الى حدّ خمسة آلاف صوت تفضيلي تصبّ في خانة أبي اللمع.