موجة «تسونامي» التيار الوطني الحر في كسروان ــ الفتوح بدأت ترتدّ على أصحابها، بسبب ما يعتبره البعض «أخطاءً» في إدارة الملف الانتخابي وطريقة اختيار المُرشحين على اللائحة. ولكن أصحاب الشأن لا يُنكرون وجود حالة اعتراض داخلية، يعدون بضبطها قبل ٦ أيار
تتمحور الحالة الاعتراضية في التيار الوطني الحر في كسروان ــ الفتوح حول ثلاث نقاط؛ الأولى، عدم تمثيل بلدات جرد كسروان في الترشيحات. الثانية، «تجميع» أعضاء في لائحة، يندر إيجاد نقاط مشتركة في ما بينهم. والثالثة، هي اختيار رجل الأعمال روجيه عازار مُرشحاً حزبياً وحيداً في اللائحة. هذه النقاط الثلاث لم تنزل برداً وسلاماً على قسمٍ من العونيين الكسروانيين، يصعب تحديد نسبتهم والمدى الذي من الممكن أن تصل إليه حركتهم الاحتجاجية.
إلا أنّه لا يِمكن الادعاء أنّ هذه «المطبات» لم تُؤثر سلباً على الحالة التنظيمية لـ«التيار» وعلى الجوّ الشعبي العوني، لا بل «ألهت» الماكينة الانتخابية للتيار الوطني الحرّ بصراعات داخلية، في وقت تبحث فيه عن كيفية الحفاظ على «زعامته» في كسروان. يكفي، مثلاً، أن يُقدّم «المناضل العتيق» نعمان مراد طلب ترشحه إلى الانتخابات، خلافاً لإرادة القيادة الحزبية، ويرفع كلّ من المحامي فادي بركات والدكتور الجامعي إيلي زوين وتوفيق سلوم الصوت الاعتراضي مُلوّحين باتخاذ خيارات أخرى، وعلى خطاهم سار آخرون، وبصرف النظر إن كان هؤلاء سيعودون إلى الانتظام ضمن «الخط»، ولكنّهم قرروا في لحظة معينة «تحدّي» حزبهم، وضمناً الرئيس ميشال عون، رغم «حرصهم» الدائم على إظهار دعمهم له. يُضاف إلى ذلك الـ«ميني» ثورة التي انطلقت هذه المرّة من منزل «شيخ» كسرواني، رئيس اتحاد بلديات كسروان ــ الفتوح جوان حبيش. كان الأخير قاب قوسين من الانتهاء من تشكيل لائحة تجمعه بحزب الله في دائرة كسروان ــ جبيل، ردّاً على ترشيح «التيار» لرئيس المؤسسة المارونية للانتشار نعمة افرام.
طلب رئيس بلدية جونية من شقيقه يوسف حبيش إعداد ملفّ ترشيحه، غير أن «مونة» العهد على جوان حبيش نجحت في عدم تقديم شقيقه طلب ترشحه. أصوات الرجل التفضيلية ستكون من نصيب العميد المتقاعد شامل روكز. ولكن، جوان حبيش ما قبل حلف «التيار» ــ افرام لا يُشبه ما بعده. الرجل الذي خاض معركة تثبيت زعامة عون في كسروان، عبر انتخابات بلدية (صحيح أنّ حبيش أراد البلدية أيضاً ليردّ «الصاع» لآل افرام بعد اتهامه بملفات)، لن يكون مُتحمّساً لصرف أيّ مجهود مادي أو معنوي لرفد لائحة تضم ألدّ أعدائه. المقرّبون منه يقولون إنّ «بلوك حبيش يبلغ قرابة ٣٠٠٠ صوت. الأكيد في هذه الدورة أن قسماً منهم سيُقاطع، وقسماً سينتخب فريد هيكل الخازن أو أي لائحة معارضة، فيتبقى من سيقترع لروكز، وهؤلاء لا يُمكن تحديد عددهم». أصلاً، «من سيتحمّس لخوض معركة لا عنوان سياسياً لها»، يسأل المقرّبون من حبيش.
ليس التيار الوطني الحرّ وشامل روكز بعيدين عن أجواء حبيش. حتى ميشال عون أُبلغ بهذا الموقف. ولكن «المشكلة» أنّ أحداً من هؤلاء لم يستمع إلى نصيحة «الريّس» بأنّ الاحصاءات التي تُشير إلى تقدّم افرام بفارق كبير وبظرف زمني قصير «مُبالغ فيها، ومقصودة لخلق رأي عام إيجابي»، وأصمّوا آذانهم حين ذكّرهم بأنّ افرام، كما فعل في الانتخابات البلدية في 2010 وبعد انتخابه رئيساً لجمعية الصناعيين ورفض إعطاء عضو لـ«التيار»، سيعود «ليترك الحزب عند أول منعطف. وافرام قنبلة موقوتة داخل اللائحة».
في المقابل، بالنسبة إلى التيار العوني، «نعمة افرام صيد ثمين، تمكنّا من سحبه من صفوف القوات اللبنانية. هو دعم التيار في انتخابات الـ٢٠٠٩ النيابية في وقت كان فيه حبيش مع فريد هيكل الخازن، فهل نفوّت فرصة ضمّه إلى التكتل؟».
لا يُنكر مسؤولون في «التيار» وجود جوّ اعتراضي، «سيتم ضبطه قبل موعد الانتخابات». ولكنّ هؤلاء أنفسهم يُشيرون إلى أنّه «لا يُمكن إنهاء كلّ حالة الاعتراض، خاصة مع وجود هذا الكمّ من التعقيدات والتناقضات داخل اللائحة. هناك من لا يقبل أن يقترع للائحة فيها (النائب السابق) منصور البون، بعد التجييش ضدّه منذ الـ٢٠٠٥، وآخرون لم يتقبّلوا التحالف مع افرام. الملتزمون حزبياً لا ينفكّون يسألون عن جدوى تنظيم انتخابات تمهيدية صرف خلالها الحزبيون جُهداً ماليّاً ونفسيّاً، ليُختار في النهاية شخص (روجيه عازار) لم يُشارك فيها».
في ما خصّ الاعتراض على ترشيح عازار، فهو «جوّ محصور» في عددٍ من بلدات «الفتوح»، ويُسهم في تغذيته مُرشحون مُتضررون من تغييبهم، علماً بأنّه يُحاول عقد مُصالحات مع «الرفاق»، لتوحيد جهودهم قبل 6 أيار. على الرغم من ذلك، ومن إبلاغ الوزير جبران باسيل لعازار أنّه سيكون المُرشح الحزبي على اللائحة، لا يزال هناك ضغوط من أجل استبداله، يُغذّيها أمران؛ الأول، هو خوف البون «من الخسارة بوجود افرام على اللائحة مع ما يملكه من إمكانيات مادية، وعازار الذي لديه خدمات في الفتوح. لذلك، يقف النائب السابق في صفّ الحزبيين المعترضين على عازار»، بحسب المعلومات. أما الأمر الثاني، فهو الانزعاج في بلدات الجرد على عدم تمثيلهم.