جميل ان يعاتب الناس حزب الله في كل اوجاعهم، في كل متطلباتهم وحقوقهم. جميل ان يجدوا في حزب المقاومة الجهة الوحيدة التي يلجأون اليها غاضبين جراء اهمال منطقتهم.. فذلك ان دل على شيء، فهو يدل على ان هذا الحزب حاز على ثقة الناس الى الدرجة التي اسقطت كل جهة اخرى من حساباتهم.. وقديما قيل: العتب على قدر الأمل!


من جهة اخرى، وبداعي الموضوعية لا غير، دعونا نطرح الموضوع من زاوية "دور الدولة" والذي يتخطى مبادرة نائب من هنا او من هناك، اي من زاوية "الانماء المتوازن" الذي تجاهلته الدولة فيما كان همها الاكبر ومنذ ما بعد الحرب قائما على تجميل واستثمار وسط بيروت بما يتلاءم مع رغبات السياح ومصالح المتمولين، على حساب اهمال سائر المناطق بما فيها محيط وسط بيروت نفسها. وبداعي الموضوعية نفسه، دعونا نتساءل من هي الجهة التي تعاملت مع اهل البقاع تحديدا بالاهتمام والانماء قدر المستطاع؟ ونقول قدر المستطاع اولاً لأن الانماء عادة ليس من دور الاحزاب ولا من واجباتها، وثانيا لأن حزب الله على وجه الخصوص تعرض على مر سنين المقاومة لطعنات اتهمته بقطع الطريق على دور الدولة حينا، وبالتغطية على المخالفات القانونية لا سيما في مناطق البقاع والضاحية الجنوبية لبيروت احيانا. اذاً، ما نعاتب حزب الله عليه ليس من واجباته، بل واكثر من ذلك، ليس من حقه! وهنا، وجب ان نطلب قائمة بأسماء الاحزاب التي انتشلت مناطقها من الحرمان، وبناء عليها نتبين ان كل مناطق لبنان وكل احزابه، وان تفاوتت درجات الاهمال والمعاناة، استطاعت ان تنمو، وبشكل متفاوت ايضا بالاعتماد على "مصادر تنموية" ليس للاحزاب علاقة بها.. فالانماء في الجنوب على سبيل المثال، ليس من نتاج حزب الله او غيره، انما هو، وان كان متواضعا، نتاج مجهود فردي بالاضافة الى "مجلس الجنوب".. وينطبق الامر نفسه على سائر المناطق.


يطالب اهالي البقاع اليوم بأبسط حقوقهم، ولا يمكن اثارة النقاش حول حقهم في ذلك فهو امر بديهي. لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل الجهة التي يحملونها المسؤولية هي فعلا مسؤولة عن حرمانهم وعن معاناتهم؟ لو كان الامر كذلك، لما كانت منطقة البقاع خزان الشهداء ومنبع المقاومين.. فهؤلاء الذين ارتقوا بالوعي الى الحد الاجمل والانقى، هل كانوا سيلتحقون بجهة تتحمل مسؤولية معاناتهم واهلهم واولادهم؟ 


لقد ادرك حلفاء الارهاب المحليين اهمية منطقة البقاع بالنسبة الى المقاومة، فانتظروا فرصة للتحريض على حزب الله من باب الجرح المتقرح الذي اسمه الاهمال.. واخرجت وجع الناس من باب الهجوم على نواب حزب الله، على اعتبارهم اسماء متفرقة، علما ان هؤلاء الناس هم اجمل ما في بيئة حزب الله، هؤلاء الذين عمّدوا الوفاء بالدم وبالجراح.. هم اليوم بالعتب المحب يظنون ان الانتخابات تفصيل محلي، فيما تخرج حقيقة الامر عن هذا المجال الضيق وتتعداه لتصبح صوتا مع المقاومة مقابل صوت ضد المقاومة.. هذه المعادلة التي يحاول البعض تمييعها ليعلنها احمد الحريري بصريح العبارة: انتصارهم ان يأخذوا من المقاعد المحسوبة على حزب الله في البقاع ولو مقعدا واحدا!


الان، وبعد انتشار كلام السيد مخاطبا  الحزبيين في البقاع، تجد في عيون الناس هناك غصة لا تصدر الا عن اهل الوفاء.. فأهل المقاومة لا يمكن الا ان يكونوا اهل وفاء، يخطون فوق جرح الاهمال ويعيدون تصويب مطالبتهم نحو الجهة المسؤولة عن هذا الاهمال.. هم اهل الوفاء، وصور الشهداء التي تغطي الساحات في القرى المحرومة تنطق بالحق الذي تعلموه في بيوتهم.. تلك البيوت التي تدرك ان المقاومة خيار دائم ومتواصل ولا يتجزأ.. وصناديق الاقتراع في يوم الانتخاب ستشهد، وإن 6 ايار لناظره قريب!
 

المصدر: خاص شاهد نيوز

المقالات الواردة في الموقع تعبر عن آراء أصحابها ولا تعبر عن رأي إدارة الموقع