واجه " حزب الله" خلال السنوات الأخيرة، ولا يزال مجموعة من الاستهدافات والتّحديات الدّاخلية التي كان لهَا العديد من التّأثيرات على صورته العامّة وبيئته الحاضنة. فالثورة الرقمية وقيمها، وحركتها المنعكسة على وسائل التواصل الاجتماعي، أتاحت للأعداء فرصاً لا محدودة من التفاعل وإبداء الرأي، مما أحدث بعض الاضطرابات في الساحة اللبنانية وفي قلب مجتمع المقاومة. ولا يخفى على أحد ان المساندة العسكرية التي قدمها حزب الله للجمهورية العربية السّورية بعد اندلاع أزمتها عام ٢٠١١، تركت أثراً في المقاومة وطريقة تفاعلها مع مختلف القيادات السّياسية، كما أنها غيّرت في أسلوب ترتيب المقاومة لأولوياتها وآليات صُنعها للقرارات المصيرية. فتكونت بذلك ملاحظات نقدية واسعة حول سياسات الحزب الدّاخلية والخارجية، ناهيك عمّا يجري في العالم العربيّ، والإسلامي،  من أزمات وتوترات أمنية عسكرية، من شأنها أن تحدث اضطراباً وإرباكاً وتشوشاً في السّاحة الإقليمية والمحليّة على حدّ سواء. اعطت الحرب السورية خبرة عسكرية كبيرة لحزب الله ولكنها ساهمت في خلق اعداء له على الساحة الشرق اوسطية.

فالأطماع الأميركية- الإسرائيلية ترغب في تدمير حزب الله والقضاء على جمهوره من كافة النواحي، وعلى مختلف الأصعدة.

فلا يُمكن الادعاء أن المواجهة العسكرية الشاملة بين اسرائيل وحزب الله باتت مستبعدة بالمطلق في أي وقت، مع انني اعتقد انها لن تحصل، ولكن في الموازاة، لا يمكن تجاوز أنه منذ أكثر من عقد امتنع العدو الغاشم عن شنّ حرب في السّاحة اللبنانية بشكل مباشر. فإسرائيل صاحبة قرار شنّ الحروب عبر التّاريخ تمتنع في حد أدنى عن المبادرة العسكرية المباشرة وتسعى إلى تنفيذ استراتيجية جديدة قوامها القوة النّاعمة،  ولعل في عدوان  تموز 2006، المفصل الحقيقي لبدء نموذج جديد من الحرب ضد المقاومة، فبعد أن استخدم العدو كل امكانياته التدميرية والاجرامية دون القضاء على حزب الله، وبما أن الأعداء لا يحيدون عن تحقيق أهدافهم الاستعمارية، كانت "الحرب الناعمة". الحرب الناعمة هي وجه اكثر تدميرا من الحرب العسكرية لانها تصيب قلب المجتمع وهي ايضا  لن تكلف الاعداء قطرة دم واحدة. الحرب الناعمة لا تعتمد على الأسلحة القاتلة للجسد بشكل مباشر، بل على أساليب وأدوات وأفكار تقوم على التدمير الممنهج للمشروع والقضية. وهو مصطلح روّج له  "جوزيف ناي" نائب وزير الحرب الأمريكي السابق ومدير مجلس المخابرات الوطني.

الجهد الأميركي- الإسرائيلي، يحاول ضرب الوعاء المجتمعي والشعبي الدي ينطلق منه حزب الله، وذلك من خلال استخدام أدوات إعلامية، سياسية، وثقافية تهدف إلى تشكيل صورة جديدة للمقاومة الإسلامية في الوعي اللبناني والإقليمي، فتجعله عرضة  للهزيمة العسكرية في مرحلة لاحقة، وهذه السياسة تهدف الى تقليص شرعية المقاومة، وتعميق الانفصام الوطني حول دورها، إضافة الى تقييد خياراتها السياسية وقدرتها على المبادرة، وهذا ما يتيح فهماً أفضل لسلسلة الأحداث والسلوكيات السياسية اللبنانية والإقليمية، باعتبارها جزءا من سياسة محددة وليست نتاج الصّدفة. فالاصطفاف الدولي والعربي مع فئة من اللبنانيين ضد حزب الله لا يحتاج الى دليل. واذا كانت حرب تموز 2006 أكبر محفّز لتشكّل هذا الاصطفاف، فهناك أحداث عديدة لاحقة شكّلت اختباراً له وأثبتت أنه اصطفاف قائم على مصلحة واحدة وهي القضاء على المقاومة.

ولأن العدو يتربص بفريسته التي ينوى الانقضاض عليها، يستغل كل ما من شأنه أن يعاونه على ذلك، ولعل البعض وجد في الانتخابات النيابية التي ستجرى في ٦ آيار ما ينفس عن مكبوتاته ورغباته، فراح يُفصل ويُحيك ما يناسبه من مخططات تحقق أهدافه وأطماعه، وذلك من خلال فتح قضايا وملفات من شأنها أن تمس بحبال الأعصاب الطائفية، المذهبية، والمعيشية.  وفي تحليل عميق للمعطيات السياسية الراهنة نجد أن الآراء تتنوع والأماني تتكاثر، فالمعلن غير المُبطن، وما يُحكى بعيد عن النّوايا، ومن المتوقع أن الهدف الأساس ليس بعلبك-الهرمل كما هو شائع ، بل إنه يكمن في خرق مقاعد الثنائي الشيعي في المجلس النيابي في دوائر أخرى.... بعلبك-الهرمل هي حصان طروادة.....

 من المستحيل ان يكون مقعد جميل السيد يكتسب هذه الاهمية والدليل ما صرح به ولي العهد السعودي اليوم ان بشار الاسد باق في الحكم مما يعني حكما ان تاثيره باق. بدراسة معمقة للامور، قد نستنتج ان الهدف الاساس هو خرق مقعد شيعي في بيروت من خلال العميد علي الشاعر وخرق مقعد علي عمار في بعبدا اضف الى ذلك ان حزب الله مجبر على تجيير قسم من اصواته لفادي علامة مما سيشكل خطرا تفضيليا على علي عمار.

والأمر لن يتوقف عند هذا الحد، ففي طيات التصريحات وخفايا الأقاويل نجد تعمدا واضحا لخرق مقعد من خلال بعض المطبات الاعتراضية التي من شأنها شد العصب الحزبي لمساندة رياض الأسعد. وفي متابعة لما يجري ومن الملاحظات الغريبة التي ظهرت بشكل علني، توحد هيئات المجتمع المدني بلائحة واحدة، بعد أن كان التشرذم والتشتت يسيطر عليها، فهذا يضع أمامنا تساؤلات عديدة مفادها ما الغاية من التوحد المفاجئ والذي حدث بسحر ساحر؟

كما أن المغتربين قد يساهمون في تنفيذ هذا المخطط وإفراز معادلات جديدة، قد تغير الوقائع وتخلط الحابل السياسي بالنابل الحسابي. وإكمالاً لسيناريو المخطط المعهود، ومن أجل إنجاحه، من المتوقع أن يتم توزيع الأموال الانتخابية على الناخبين قبل بدء الانتخابات بفترة وجيزة لا تتجاوز العشرة ايام. هذا المال الانتخابي الذي سيظهر فجأة سيسانده مخطط اسرائيلي-أميركي، يقضي بإشعال  الجبهة السورية من خلال  شنّ اعتداءات عليها من قبل إسرائيل، قبل الاستحقاق النيابي وفي توقيت مناسب يُعقد عليه الآمال،  وذلك بغية حجب أنظار  حزب الله عما يجري في الانتخابات النيابية.

فهل "بعلبك-الهرمل" محاكاة لِـ "حصان طروادة" ؟

هل الهدف من هذا الخرق حرب خفية على الرئيس نبيه بري كما ذكرنا في مقالة سابقة؟

 وهل سنجح هذا المخطط في ضرب حزب الله الذي صُنف كأفضل جيوش الشرق الأوسط والأكثر ذكاءً في المنطقة؟

 

 

 

المصدر: خاص شاهد نيوز

المقالات الواردة في الموقع تعبر عن آراء أصحابها ولا تعبر عن رأي إدارة الموقع