وصار في بيروت شارع باسم سلمان بن عبد العزيز، الملك السعودي الذي يقتل جيشه أطفال اليمن منذ سنوات، في إرهاب ومجازر لم يشهد مثلها التاريخ. نعم، صار لهذا الشخص شارع في بيروت، تماما كما الشوارع التي تحمل اسماء الضباط الفرنسيين المستعمرين.
لا يمكن اخفاء الحزن من مجرد كون الفكرة مقبولة لدى عدد من الناس. ولا يمكن اعتبار ذلك الا اساءة موصوفة لكل بيت يعرف معنى الكرامة والوطنية، ودفع ثمن هذه الكرامة قطعة من قلبه.
تزامن الحديث عن تسمية الشارع "المنكوب" باسمه الجديد، مع تسريب معلومات نشرت على مواقع اخبارية عن تلقي رئيس حكومة لبنان، سعد بن رفيق الحريري، عددا لا بأس به من الصفعات وذلك اثناء احتجازه في السعودية واجباره على الاستقالة. بدا الأمر عجيباً غريباً. هل نكافئ معتقل رئيس الحكومة بتسمية شارع باسمه في مدينة مقاتلة ومحررة في ثمانينيات القرن الماضي من العدو الصهيوني، العدو الذي اعتبره ابن سلمان بالأمس "يستحق ان يعيش بأمان في أرضه!". من يهين الاسم اليوم؟ هل يهين شوارعنا المزينة بصور الشهداء، وبعبق مرور المقاتلين فيها، ذاهبين الى الدفاع، او عائدين مكللين بنصر في معركة تقرّب حسم الحرب؟ لا! فهؤلاء أعلى بكثير من أن يتمكن اسم هجين من الاساءة اليهم.
هل تسيء التسمية الينا نحن الذين، بالفطرة وبالوعي وبأقل قدر من المتابعة نعرف من يكون صاحب الصورة العملاقة ونعرف ما صنعت يداه؟ نعرف من صافحت هذه اليد ونعرف ان الدم الذي عليها هو دم اطفالنا، دمنا الذي في سوريا وفي اليمن وفي كل ارض استخدم فيه الصهاينة اداة آل سعود وكيلا عنهم في الارهاب والقتل؟ ايضا لا، فنحن، العارفين بكل ذلك، نعرف أن من اختار هذا الاسم المنكر لشارع بيروتي لا يملك قرارا ولا يملك نفسه حتى، وبالتالي تزلفه في التسمية مفهوم، لالف سبب وسبب.
وفي هذا السياق، لا تهين التسمية الا مرتكبها.. لا تهين الا اهل المدينة التي قاومت المحتل، المشغل المباشر لصاحب الصورة العملاقة.. لا تهين الا الناخبين الذين قال فيهم "احد اقرباء" زعيمهم انهم "بلا سعد ما بيسووا شي".. لذلك، نحن كبيئة مقاومة لسنا معنيين باسم شارع لا سيما وان مقاومتنا هزمت صاحب الاسم في ساحات المعارك، ومرغت أنف سلالته بتراب حاولت تدنيسه.. المعني المباشر، المفترض، بالاعتراض هو ابناء المدينة الذين يخجلون من ان يكون لهم زعيم يمجد القاتل وإن صفعه.. اما الذين لم يخجلوا يوما من التمرغ بفتات ما تقدمه لهم سفارة ال سعود واعتباره مكرمة، والذين يدّعون الانتماء للعروبة ولا يرون كيف أن ابن سلمانهم، ابا عن جد، سفك الدم العربي الحر.. هؤلاء، تم الرد عليهم في ساحات القتال، وما جنونهم الخطابي اليوم الا انعكاس هزيمتهم هناك.. هؤلاء يليق بهم شارع يحمل اسم ولي نعمتهم، ويليقون بالانتماء الى سلالة القتل الجبان..
بيروت، هي شوارع وابنية غادرها المحتل قائلا "يا اهالي بيروت.. لا تطلقوا النار نحن منسحبون."، هي ناس من اصالة وحب، من انتماء عربي ووعي جميل.. ناس يعرفون ان من نهب محالهم واسواقهم وحولها الى مربع "خدماتي" يعجب زبائنه من الخليجيين، لا يحق له ان يطلق اسم كبير زبائنه، او صغير مشغليه على شارع بيروتي.. يعرفون، وحتما في كلامهم للشارع اسم اخر، سيبقون عليه، على رغم دلالته المرتبطة بتاريخ بيروت الشعبي.. فتلك الدلالة تبقى اشرف بكثير من اسم هذا المليك.
المقالات الواردة في الموقع تعبر عن آراء أصحابها ولا تعبر عن رأي إدارة الموقع