منذ هبوب رياح الانتخابات، هطلت مفاجآت على الساحة اللبنانية. سقطت أقنعة عن وجوه ونبضت وجوه أخرى بصحة الخيار وصوابية الاصطفاف. خرج من بين الناس ايادٍ طعنت وايادٍ صفقت زورا طوال سنين "المصلحة" وعند الامتحان اظهرت قدرتها على التلوّن بحسب المواسم، وارتفعت ايادٍ حرة حد اعتبار التصويت للمقاومة أداء دَين ووعد.. ليصبح الصوت وفاء للنصر، ومقاومة.
اليوم، اجتمعت هذه القبضات جنوبا. رسمت في النبطية خارطة القلوب، وحوّلت النبض الى طاقة من عشق زرعته الفطرة فينا ووجهته الى حيث الحق سلاح وحرية. سيد المقاومة من ارض الجنوب الى كل العالم، رصّع الموسم الانتخابي بفصل الخطاب، رسم بالكلمات سماء الخيارات في زمن الصراع الساطع.
في زمن الانتخابات التي تتعدى اهميتها الوصول الى مجلس النواب الى حقيقة كونها انعكاس الاحجام في معركة تتخطى حدودها القضايا المعيشية واليومية، لتصل الى سؤال يطرحه الناخب، وجوبا، على نفسه: إلى أي خطّ أنتمي؟ اجاب الناس الذين احتشدوا من كل لبنان في النبطية اليوم بملء صوتهم: لبيك! وهذه الكلمة ليست مجرد شعار ذي بعد ديني، ولا تصريح بالولاء المؤكد للخط الذي نورٌ ودمٌ وتضحيات ونصر.. "لبيك" هنا تصبح خيارا كامل العناصر، مستوفياً لجميع شروط الوعي الوطني والسياسي والاخلاقي.. تصبح الصوت التفضيلي في لغة الانتخابات.. وكي  لا نستبق النتائج واختيارات الناخبين، التي نعرف انها للخط الذي حمى وبنى، بدا مهرجان النبطية حكاية تختصر زمان الجنوب منذ ما قبل التحرير الى ما بعد بعد الحرية. وتزين الناس بصور شهدائهم، بتلك الاقمار التي حمت بأرواحها، وبنت بالأكف المقاتلة جسور الكرامة وابراج النصر.
ارض عامل لبت الدعوة لتأييد لائحة الأمل والوفاء.. الامل الذي تحدث عنه السيد كعنوان يشكل جزءا من العقيدة والبيئة والثقافة، والوفاء الذي هو "خير الخواتيم". ومَن كأهل عامل يجيد الوفاء، ويرسم الامل صورة للأيام القادمة؟
انطلاقا من تسليط الضوء على أهمية الانتخاب وصلاحيات مجلس النواب في لبنان، تحدث السيد عن مسؤولية الناخب وقدرته على اختيار المرشحين الذين يتناسبون مع طبيعة التحديات التي على المجلس النيابي مواجهتها على الصعيد التشريعي والاقتصادي والامني والسياسي. هذه التحديات التي في اعلى قائمتها تهديدات العدو الصهيوني التي قد يجهلها الجيل الجديد الذي لم يعش المعاناة ويتمتع وان نسبيا بالأمن من العدوانية الصهيونية. وهذا الأمن ليس الا نتاج امر واحد: المقاومة.
هذه المقاومة التي هي اليوم محط انظار العالم والمؤامرات الدولية والمحلية حمتها الناس بأشفار العيون، وحمت الناس بالدم وبالجراح، وتمثيلها في المجلس النيابي يشكل رصيد حماية لها على الصعيد التشريعي والقانوني..
هذه المقاومة التي لم تتخلّ عن سلاحها مقابل كل العروض العالمية، هل يتخلى عنها ناسها في امتحان الانتخابات؟ بدا الجواب بديهيا. يأتي بصوت الارض والسماء قبل الحناجر: لبيك.
فهذه المقاومة التي مرادفها كرامة الناس وعنفوان الشباب وطهر الارض وعزة المواسم ليست محل نقاش، او قبول وردّ.. هي يقين الناس بأنفسهم.. هي عشقهم الذي تجلى اقمارا ترتفع صورها في كل قرى وبيوت الجنوب.. وهي عزتهم التي حققت لهم النصر حرية، والتي حمتهم من الانجرار الى اقتتال داخلي، هل يجوز السؤال بعدها: من ننتخب؟
موعد السيد مع ارض عامل اليوم كان محطة من ولاء، الف الف قلب اجتمع والنبض موجة من حب وسلامات حملها "الهوى الجنوبي" الى اليمن الجريح المقاوم، الى فلسطين التي بين احتلال وحصار تكتب ايات الحرية وتقاتل.. محطة من يقين جميل بأن النصر يبدأ بالأمل، وخير خواتيمه الوفاء.


 

المصدر: خاص شاهد نيوز

المقالات الواردة في الموقع تعبر عن آراء أصحابها ولا تعبر عن رأي إدارة الموقع