اعتدى قائد قوات اليونيفيل مايكل بيري على دوره وعلى مهمة القوات الدولية في جنوب لبنان، بعد أن شارك في ما يسمّيه الاحتلال «ذكرى شهداء الحروب التي خاضتها إسرائيل»

نشر قائد قوات اليونيفيل الجنرال مايكل بيري، منتصف ليل الثلاثاء الأربعاء الماضي، تغريدة على حسابه على موقع «تويتر» تضمنت صوراً عن مشاركته في ما يسميه العدو الإسرائيلي «ذكرى شهداء الحروب التي خاضتها إسرائيل». وذيّل بيري الصور بعبارة: «عرض رائع في جبل هرتسيل احتفالاً باستقلال إسرائيل السبعين»! 

بالبزة العسكرية، حضر قائد قوات اليونيفيل التي تأسست لحفظ السلام في جنوب لبنان عقب الاجتياح الإسرائيلي عام 1978، لكنّ الصفة الرسمية التي تمثل بها بيري، تطرح استفسارات عدة، ليس أوّلها عن حقه في المشاركة من الأساس، وليس آخرها عن موقف الدولة اللبنانية التي تمنحه حق الإقامة والحماية والتنقل على أراضيها.
للتذكير، حدّد قرار مجلس الأمن 426 عام 1978 مهمة قوات حفظ السلام بـ«تأكيد انسحاب الجيش الإسرائيلي من لبنان واستعادة السلم والأمن الدوليين ومساعدة الحكومة اللبنانية على إعادة بسط سلطتها الفعلية في المنطقة». أما القرار 1701 الذي صدر بعد عدوان تموز 2006 وعزز مهمة القوات الدولية من «الطوارئ» إلى «اليونيفيل» المعززة، فقد نص على «مراقبة وقف الأعمال العدائية ومرافقة ودعم القوات المسلحة اللبنانية في الجنوب».


ما بين نكبة فلسطين في عام 1948 والاجتياح الإسرائيلي للجنوب اللبناني في عام 1978، سمحت الدولة اللبنانية للقبعات الزرق باستخدام معبر رأس الناقورة للدخول إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة. يقول مرجع أمني لبناني إن «لبنان تفاهم مع الأمم المتحدة عام 1951 على السماح لفريق مراقبة الهدنة بالدخول إلى فلسطين المحتلة بعد إعلان الكيان الصهيوني». أمّا بعد التحرير في عام 2000، فقد فرضت الدولة شروطاً مشددة للسماح لقوات الطوارئ باجتياز المعبر الذي ثبّت الأمن العام واستخبارات الجيش نقاط تفتيش وتدقيق عليه. 
وفق المرجع اللبناني، فإن «على قيادة الناقورة رفع طلب إذن مسبق للجيش لعبور قائد القوات أو كبار الضباط، يكون مرفقاً بتصريح عن عدد العابرين وسبب الانتقال»، إذ إن مهمة «حفظ السلام» ثم مهمة «وقف الأعمال العدائية» كانت «تقتضي لقاء ضباط في جيش العدو فيما خصّ شؤوناً تتعلق بالوضع في الجنوب»، وفيما عدا ذلك، «يفترض أن الدخول إلى فلسطين عبر رأس الناقورة كان ممنوعاً، وفي حالات محددة، كان ضباط من الأمم المتحدة يدخلون عبر الأردن».
كل ما تقدم، لا ينطبق على مشاركة بيري في ما يعرف بـ«إيقاد المشاعل في جبل هرتسيل إحياءً لأرواح المواطنين والجنود الذين قتلوا في الحروب والعمليات العدائية ضد إسرائيل»، بحضور رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو. وهي المناسبة التي تدشّن الاحتفالات بذكرى «الاستقلال». فما هي المهمة التي كان يقوم بيري بها بالتزامن مع الذكرى الـ22 لمجزرة قانا الأولى؟ وما هو السلام الذي حفظه لأجل الجنوب؟
يؤكد المرجع اللبناني أن «بيري ارتكب مخالفة صريحة ليس ضد مهماته كقائد لقوة تعمل في لبنان الذي يعادي إسرائيل فحسب، بل أيضاً لطبيعة عمل الأمم المتحدة». فالمناسبة لا تخص مهمات بيري في حفظ السلام أو وقف الأعمال العدائية. مع ذلك، قصد «أرواح هرتسيل» من رأس الناقورة المحرر ورمز السيادة!
حتى مساء أمس، لم يتيقّن بيري من أنه ارتكب خطأً ما أو تلقّى تنبيهاً أممياً أو لبنانياً. لم يحذف التغريدة، ولما يشعر بيري بإساءة تسبّب فيها لذوي كل شهيد أو شهيدة وهم بالآلاف ممن سقطوا بصواريخ العدوان الإسرائيلي وقنابله، علماً بأن بيري دشّن ولايته قبل عامين بشعار «السلام الدائم بين لبنان وإسرائيل هو الحل»!

المصدر: آمال خليل - الاخبار