برعاية وحضور سفير روسيا في لبنان الكسندر زاسبيكين نظمت جمعية أفروديت ندوة سياسية بعنوان "اي دور لروسيا في حفظ السلام في الشرق الأوسط"، بعد ظهر اليوم في فندق "لانكستر بلازا"- الروشة. ترأس الجلسة رئيس المجلس الوطني للإعلام عبد الهادي محفوظ، بحضور السفير الجزائري احمد بوزيان، السفيرة الأمريكية اليزابيث ريتشارد ممثلة بالسيد فادي حافظ، السفير السوري عبد الكريم علي ممثلا بالسكرتير الاول الدكتور عبد الرزاق اسماعيل، السفير المصري نزيه النجاري ممثلا بالمستشار محمد مصلح، رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع ممثلا بالدكتور ايلي هندي، امين عام تيار المستقبل احمد الحريري ممثلا بالاستاذ خليل شقير، رئيس مجلس أمناء الجامعة الحديثة للإدارة والعلوم البروفسور حاتم علامي، مدير عام امن الدولة اللواء طوني صليبا ممثلا بالعميد فادي حداد، تيمور بك جنبلاط ممثلا بالاستاذ فوزي ابو دياب، عضو المكتب السياسي لحركة أمل البروفسور علي رحال، رئيس الجامعة الحديثة للإدارة والعلوم البروفسور علي شعيب، مدير عام إذاعة النور الحاج يوسف الزين، رئيس جمعية القرطاس والقلم الشيخ هاني عبد الخالق وفاعليات اجتماعية واكاديمية.
بعد النشيدين الوطني والروسي، تحدث رئيس جمعية "افروديت" أحمد الزين فأشار الى الدور "التاريخي للاتحاد السوفياتي سابقا في دعم الدول العربية وقضاياها وتحقيق التوازن في العالم، والانفتاح على العرب ودول الشرق الاوسط ودعم عمليات السلام، وصولا الى الدور الروسي حاليا"، مقارنا بين الدورين الروسي والاميركي في المنطقة والعالم.
بدوره، رأى السفير الروسي ان "الاجواء العالمية اليوم أفضل مما كانت عليه سابقا، وهي تفرض نفسها على الاوضاع وتحديدا في الشرق الاوسط".
وأوضح أن "الهدف الاساسي للروس هو تقييم الفرص لايجاد الحلول للمشاكل ومدى سماح الاجواء العالمية بالوصول الى الاتفاقيات بين الاطراف الاساسية"، مشددا على أن بلاده "تطرح دائما أجندة بناءة منذ تفكك الاتحاد السوفياتي، حيث كان هناك عدد كبير من المبادرات الروسية تتعلق بالامن في اوروبا والمنطقة الشرق اوسطية".
وقال: "نمر اليوم في حال مأساوية بحيث ازدادت المخاطر على الامن الدولي، والسبب ليس السياسة الروسية كما نسمع من المعسكر الاخر".
وأكد ان بلاده "تبحث عن القواسم المشتركة لاحداث التقدم نحو الافضل"، وقال: "اليوم نشهد مرحلة انتقالية باعتراف الجميع، لان بعض الاطراف وأهمها روسيا والصين وايران وكوريا الشمالية، تقف ضد هذا النظام العالمي ونظام القطب الواحد الذي ادى الى نزاعات عديدة في عدد من مناطق العالم ومنها الشرق الاوسط. ومن الطبيعي ان هناك اطرافا لا تريد استمرار هذا النظام الذي ادى الى النزاعات والخلافات الطائفية والاثنية، عدا عن هيمنة طرف واحد على الاقتصاد العالمي، يتصرف وكأن لديه أدوات غير اقتصادية في العلاقات التجارية ليفرض شروطه على الاخرين".
وأشار الى رفض الروس "مثل هذا النظام، وتطلعهم الى التعددية، التي هي في حد ذاتها بحاجة الى التعددية المتوازنة".
من جهته، رأى محفوظ أن هناك "رابطا حقيقيا للدور الروسي في منطقة الشرق الأوسط بين شخص الرئيس بوتين وبين دولة روسيا الإتحادية، فالرئيس الروسي علامة مضيئة في تاريخ روسيا الإتحادية، هو الذي اعتبر في العام 2005 انهيار الإتحاد السوفياتي الكارثة الجيوسياسية الأكبر في القرن العشرين وهو الذي عبر عن تقديره لشخص الزعيم الراحل جوزف ستالين حيث اعتبره مؤسس القوة السوفياتية العظمى بحيث أمر بإعادة تدريس الحقبة الستالينية للتلاميذ في المدارس الرسمية بعد تحريمها لأكثر من ستين عاما مضت".
وقال: "لقد رسم بوتين أولوياته كرئيس لروسيا في ضوء حسابات له تتعلق بمكانتها ودورها، ورأى أن إعادة دور روسيا له علاقة وثيقة بمواجهة سياسة الولايات المتحدة والحلف الأطلسي في مجال الدفاع الصاروخي ما يفرض على ما يقول هو بعدم التخلي عن قدرات الردع الإستراتيجية والتي تشكل الضمانة الأساسية لأمتنا. وكذلك خلال حقبة رئاسته السابقة أنجز أضخم برنامج للتسليح في البلاد منذ عقود طويلة قيمته 23 ألف مليار روبل أي ما يقارب الألف مليار دولار".
أضاف: "الأولوية في حسابات بوتين هي لموقع روسيا في الدائرة المحيطة بها وفي الدوائر الأبعد وتحديدا الشرق الأوسط. وهنا يكتسب البعد الأمني العسكري أهمية خاصة باعتباره المدخل لحماية المصالح الروسية ودور روسيا دوليا وللجم سياسات الناتو وأطواق الدروع النووية التي يدرك سيد الكرملين أنه لا يمكن تفسيرها بأنها تدابير وقائية ضد ما يسميه الغرب الخطر الايراني".
وتابع: "يملك بوتين تفويضا شعبيا واضحا يعطيه صفة الزعيم الوطني من دون منازع. وهو نجح في كسب الطبقة المتوسطة التي تشكل ثلث السكان والتي كانت مدار رهان الغرب ونجح في كسب أساتذة الجامعات الذين هم أقل شرائح المجتمع الروسي دخلا وأكثرهم خطورة في تحريك الشباب. وهو أعلن بوضوح بأنه لا يجوز تحديد قواعد اللعب في الإقتصاد والسياسة الدولية من وراء ظهر روسيا أو بمعزل عنها وعن مصالحها. كما اعتبر أن الإستقرار الإجتماعي الداخلي هو جوهري للحؤول دون التدخل الغربي في المسألة الداخلية ما يتيح لروسيا إمكانية التحرك بحرية ومرونة في الدوائر البعيدة وفي الشرق الأوسط لمكافحة الإرهاب الدولي وفرض التعاون البناء".
وقال: "إذا كانت المقاربة الروسية للأزمة السورية هي أن الحرب ليست هي الحل إلا أن الرئيس بوتين أدرك أن الميدان العسكري هو الذي يقرر حجم التوازنات والأدوار. ومن هنا تدخل عسكريا عندما اكتشف أن التدخلات الغربية والتركية والخليجية وتزويد الساحة السورية بالمقاتلين والأسلحة أدى إلى كون عديد المعارضة العسكرية والتنظيمات الدينية المتطرفة هو أربعة أضعاف الجيش السوري والتنظيمات الحليفة له على الأرض. وهكذا رأى أنه من الأفضل لموسكو مواجهة الإرهاب التكفيري على الأرض السورية من ملاقاة تداعياته في الداخل الروسي والجوار".
أضاف: "لا شك أن روسيا نجحت مع حليفها الايراني وحزب الله والجيش السوري في إضعاف الدور الغربي والخليجي في سوريا، وقربت دمشق من الحل السياسي ومن إقامة الدولة المدنية العادلة والتي تستوعب الجميع وتعيد للنظام السياسي استقلالية قراره وتحول دون تدخل عسكري أميركي أو فرنسي وبريطاني قي سوريا. كما أن موسكو التي تضع في حساباتها هدفا ثابتا هو الحؤول دون تقسيم سوريا، نجحت في إسقاط المعادلة الغربية والخليجية لتنحية الرئيس السوري الدكتور بشار الأسد. وبالتأكيد فإن الحل في دمشق سينتج نظاما إقليميا ودوليا جديدا يكسر فكرة الأحادية القطبية ويعيد روسيا شريكا فعليا في الحسابات الدولية. ومن هنا الشبه الكبير بين فلاديمير بوتين وجوزف ستالين. بوتين جعل من موسكو حاضرة فعليا في نسيج الشرق الأوسط وفي مواجهة الإرهاب التكفيري، وستالين ساهم فعليا في إسقاط الفاشية وفي رسم ثنائية دولية وضعت حدودا للتسلط الدولي الغربي على دول العالم الثالث ودول عدم الإنحياز".
وتابع: "هذه المداخلة لم تتعرض إلى الإتفاق النووي مع ايران الذي لا ترى موسكو بديلا منه، فأي خروج عن هذا الإتفاق المقصود منه زعزعة الإستقرار في المنطقة. كما لم تتعرض هذه المداخلة إلى أزمة الشرق الأوسط علما بأن الموقف الروسي هو مع السلام العادل والشامل استنادا للقرارين 242 و338 ومبدأ الأرض مقابل السلام. وفي هذا السياق، فإن موسكو تعترض على نقل السفارة الأميركية إلى القدس كما تعترض على السياسات الأميركية الجديدة للرئيس الأميركي دونالد ترامب، سواء في مجال الإستيطان أو في مجال محاولة التنصل من فكرة إقامة الدولة الفلسطينية".
وكانت كلمات لعدد من الخبراء منهم: الكاتب والباحث في العلاقات الدولية حسام مطر، مدير عام مؤسسة الاستشارية للدراسات عماد رزق، والاستاذ المحاضر في العلاقات الدولية في الجامعة اللبنانية جمال واكيم. 
وفي الختام، وزعت الجمعية دروعا تذكارية على زاسبكين ومحفوظ وعدد من الشخصيات.