أيام قليلة تفصِلنا عن الانتخابات النيابية. على رُغم كل الضغوط التي تعرّضت لها، والحصار الإعلامي وانعدام التوازن في الإمكانات المادية بينها وبين بقية اللوائح، صمدت «صوت الناس». تبدو متفائلة، وتعتمد على صوت الراغبين بالتغيير. الحاصل الانتخابي ليس بمتناول اليد «لكننا قريبون منه» بحسب أعضاء في اللائحة، يؤكدون أنها الوحيدة التي تخوض معركة سياسية بامتياز.
يحتدِم الصّراع الانتخابي في العاصمة. الفارق بين هذه الانتخابات وما سبقها منذ تسعينات القرن الماضي، أن خطاب «زي ما هيي» انتهت صلاحيته. أطراف كثيرة في العاصمة أصبح وجودها قادراً على إحداث فرق، وبات على تيار المستقبل أن يحسب حساباً لها.
صحيح أنه من بين 11 مقعداً، في دائرة بيروت الثانية، ستتقاسم لائحتا «المستقبل» و«8 آذار» معظم المقاعد، إلا أن هذا التقدير لا يمنع حصول مفاجآت انتخابية.
بعيداً من لُعبة الأرقام وحسابات الحاصل والصوت التفضيلي، تنبري مجموعة لخوض معركة «سياسيّة بامتياز»، سواء أوصلت مرشحاً من مرشحيها أم لم توصل. هكذا ترى «صوت الناس» مشاركتها في الاستحقاق. بعدَ رفضهِا التحالف مع حزب الله وأمل بشروطهما من جهة، وفشل مكوّنات «المجتمع المدني» في صياغة خطة واحدة لخوض الانتخابات من جهة ثانية، تمكّنت حركة الشعب من عقد تحالفات مع «بدنا نحاسب» والمرابطون، وبعض المستقلّين. هؤلاء مجتمعين صاروا لائحة تضمّ أربع سيّدات وستة رجال، قرروا مواجهة السلطة «بلوائحها المتعددة، المختلفة في الظاهر، ولكن المتفاهمة مع بعضها البعض من تحت الطاولة»، بحسب «حركة الشعب».
حظوظ اللائحة بالوصول إلى العتبة الانتخابيّة «موجودة». بحسب خبراء انتخابيين، فإن سقف لائحة صوت الناس هو 10000 صوت لا أكثر، فما هي خطة «صوت الناس» لبلوغ الحاصل؟ يتفق أعضاء اللائحة على القول إن «الأمور إيجابية». يلمسون ذلك في حديثهم اليومي مع جمهور العاصمة. أما عن الحاصل الانتخابي «فقد صرنا قريبين كتير منو» يقول أحدهم، رافضاً الخوض أكثر في التفاصيل.
عمر واكيم المرشّح عن المقعد الأرثوذكسي على اللائحة يؤكد أن «الناس في بيروت تتقبّلنا، لأنها تعلم بأننا غير مرتبطين بجهة خارجية». «صوت الناس» هي اللائحة الوحيدة «المتجانسة في تركيبتها وخطابها. لا أحد فيها له علاقة بالسفارات، ولا كان شريكاً في عمليات فساد في السلطة». ينفي واكيم الإشاعات التي تتحدث عن اتفاق من تحت الطاولة مع «الثنائي الشيعي» يقضي بتجيير أصوات له «فالقانون النسبي لا يسمح بذلك». لكن «عدداً لا بأس به من جمهور المقاومة من غير المنتسبين يؤيد اللائحة، فنحن في النهاية جزء من خط المقاومة».
بدوره، يقول المرشّح عن المقعد السني إبراهيم الحلبي أننا نصارح الناس القول في اللقاءات الانتخابية بوجود فرصة جدية للتغيير «ولو بشكل جزئي»، وهي فرصة «لوصول أشخاص من خارج الطبقة السياسية الحالية». تواجه لائحة «صوت الناس» بحسب الحلبي حصاراً يتخذ شكلاً إعلامياً بالدرجة الأولى. هذا القانون «أعطى فرصة إعلامية ومساحة إعلانية للجهات التي تملك الأموال. وقد استغلّت المؤسسات الإعلامية هذه النقطة لإقصاء بعض المرشحين بحجة عدم قدرتها على تغطية نفقات الظهور الإعلامي، فيما تقف وراء حجتها خلفية سياسية في أحيان كثيرة» يقول الحلبي.
تواجه «صوت الناس» حقيقة وجود تفاوت كبير في القدرات المالية والخدماتية بينها وبين بقية اللوائح. جزء من اللائحة «نجح في توفير بعض المبالغ من خلال التبرعات». ومن الثغرات عدم وجود «بلوك» طائفي يحتمي به أعضاء اللائحة «لذلك، الرهان كله على الناس».
بالنسبة الى الحاصل الانتخابي، يحاذر كل من الحلبي وواكيم رمي الأرقام جزافاً. موضوعياً، «اقتربنا منه. كل شي متوقّف على نسبة التصويت».
بدوره، رأى المرشّح عن المقعد الدرزي في «صوت الناس» هاني فياض أنّ «بوسة لحى» كفيلة بانضمام أي فائز من كل اللوائح، ما عدانا، إلى كتلة «المستقبل». كلام فياض يتقاطع في شكلٍ كبير مع ما قاله المرشّح الدرزي على لائحة «بيروت الوطن» سعيد الحلبي الذي أقرّ أن ترشّحه هو كي لا يذهب المقعد إلى «مطرح ثان». يؤكد فياض أن «لائحة صوت الناس هي الوحيدة التي تخوض معركة سياسية في بيروت». يشير الى «تكامل سياسي غير مباشر بين لائحتي المستقبل و «الثنائي»، وإلا لماذا جاءت لائحة حزب الله وأمل غير مكتملة ولماذا لم تضم أي مرشح درزي وأي شخصية سنية قوية»؟
يعتبر أن الخرق الذي يُمكن أن تحققه اللائحة سيكون إما في المقعد الإنجيلي أو الدرزي أو الأرثوذكسي. هذا في حال تمكّنت من تأمين حاصل واحد. أما في حال تأمينها حاصلين «فإمكانية الخرق في مقعد سني تصبح واردة بدرجة كبيرة». «صوت الناس» هي اللائحة الوحيدة في بيروت التي لا تُميّز بين أعضائها، ولا تسعى إلى تأمين أصوات تفضيلية لمرشح على حساب آخر «فوز أي من الأعضاء هو فوز للائحة بأكملها» يقول فياض.
المرشّح عن المقعد الإنجيلي نبيل السبعلي يبدو متفائلاً أيضاً. قيل إنه أنفق على اللائحة ضعف ما أنفقه كل أعضاء لائحته مُجتمعين. لكن ما تمّ صرفه «لا يُذكر مقارنة بحجم الأموال التي تصرفها بقية لوائح السلطة» بحسب السبعلي. يؤكد الأخير أنه «حصل على مباركة من الكنيسة الإنجيلية، كما كل المرشحين الإنجيليين في الدائرة». فالكنسية تقف «على مسافة واحدة من الجميع»، يقول السبعلي الذي تعهد في حال فوزه «بترك مجال الأعمال في لبنان، حتى لا يتعارض ذلك مع عمله كنائب، وحتى لا يستثمر نيابته في البزنس الخاص به».