بدا التعب والإرهاق على رئيس تيار المستقبل سعد الحريري في اليوم الأخير من جولته الشمالية التي امتدت لثلاثة أيام، زار فيها مدن وبلدات دائرتي الشمال الأولى (عكار) والثانية (طرابلس والمنية والضنية).
لا يختلف اثنان على أن سعد الحريري لا يزال يتقدم الآخرين «في شارعه». لكن من استمع إلى خطاباته الشمالية، في طرابلس، والقلمون، والضنية والمنية، وعكار، يدرك أن الرجل مأزوم. لا يملك سوى الكثير من العواطف والوجدانيات، وتكرار الوعود التي دأب على إطلاقها منذ عام 2005، مضيفاً إليها سلسلة جديدة من الوعود: وعود بزيارات جديدة للمنطقة؛ وعود بتشييد منازل له في عكار للإقامة فيها؛ وعود بالإنماء الذي يتّكل على المؤتمرات الدولية، وتحديداً «باريس 4»، لتحقيقه.
المشهد بدا أكثر حفاوة في بلدة جبرايل (بلدة مرشح المقعد الأرثوذكسي جان موسى) وباقي بلدات الجومة، حيث احتشد الأهالي على الطرق العامة لاستقبال الحريري استقبال الفاتح لمناطق عكار التي لم تعرف يوماً اهتماماً حكومياً بها.
غاب النائب والوزير معين المرعبي عن استقبال الحريري في بلدته البرج. «الوفي»، كما يسميه الحريري، أعطى تعليماته لمناصريه ولبلدية البرج المحسوبة عليه بالقيام بما يليق بالضيف، ورحّب به على صفحته على فايسبوك. قبل مغادرته لبنان، حيث عُلم أنه لن يعود الا بعد انتهاء الاستحقاق الانتخابي، قال المرعبي: «لا يمكنني أن أمضي بخيارات الحريري وفي الوقت نفسه لا يمكنني محاربته أو التصويت ضده»، لهذا أختار المقاطعة.
في بلدة عكار العتيقة، حاول الحريري مراضاة الأهالي والمجلس البلدي، المعترضين على اختيار وليد البعريني مرشحاً على لائحة «المستقبل». فعكار العتيقة لا تصوّت لمرشح من بلدة فنيدق بسبب الخلاف على منطقة القموعة، وهم كانوا تلقّوا وعداً بعدم ترشيح أحد من فنيدق ما دامت عكار العتيقة غير ممثلة.
جرد القيطع قلب المقاييس
لم يكن الحريري متحمّساً خلال جولته العكارية. لكن المشهد سرعان ما انقلب رأساً على عقب خلال مشاهدته الزحف البشري في بلدات جرد القيطع، وتحديداً فنيدق ومشمش (مسقط رأس المرشح وليد البعريني)، وعرين رئيس الاتحاد عبد الإله زكريا الذي رشّحه الحريري ثم طلب منه الانسحاب. نجح زكريا في تنظيم المهرجان الضخم. صعد الحريري الى المسرح في مدرسة فنيدق الرسمية المختلطة، الحشود أكبر بكثير ممّا توقع. حيّا شهداءها الذين سقطوا في معركة عرسال: «أنتم ستقلبون الموازين في السادس من أيار». الواقع نفسه انسحب على بلدة مشمش. الآلاف نزلوا لملاقاة الحريري الذي نسي نفسه. شعر بنشوة الانتصار، واسترسل في التقاط «السلفيات» مع مناصريه، صغاراً وكباراً. ومن مشمش استكمل الحريري جولته ليلاً. حال اشتباك مسلّح في برقايل (أدى إلى سقوط جريحين) دون إقامة احتفال حاشد لاستقبال رئيس الحكومة. أما في سهل عكار، فأقيم احتفال حاشد في منطقة القليعات استمر إلى ما بعد منتصف الليل، ليتحوّل ختام الجولة الشمالية من عشاء إلى «سحور» في أحد مطاعم حلبا.